الفصل التاسع عشر

28.9K 648 4
                                    

#صماءلاتعرف_الغزل
#زهرةاللافندر_ويسا
..............
الفصل التاسع عشر
❄️❄️❄️❄️❄️❄️❄️❄️❄️
ماتشعر به حاليا هو ازدياد الدوار مع عدم قدراتها للتنفس تخاف ان تصاب هي الأخرى بالاغماء ...
تسمع صوت ضربات فوق المعدن ..لا تعلم مصدرها ولكنها متأكدة انهم بدأوا في البحث عنهم ..تحاول تقاوم ضيق تنفسها وتحركه قائلة:"يوسف !!!...فوق يايوسف..عرفوا مكانا عرفوا اننا محبوسين هنا..."
أغمضت اعينها للحظات لم تعرف كم مر عليها من الوقت لتفتح اعينها وتجد وجهها قريبا من وجهها يناديها بذعر ..نعم تعرفه ..انه وجه يامن ؟..ولكن أين ..أين هو لقد كان فوق جسدها لما تشعر بالبرودة ؟..تغمض اعينها مرة اخري لتجد ايادي تحركها وتحملها بالهواء وتسمع أصوات متداخلة كثيرة وضوضاء ..
تسمع شادي يقول بخوف :"في جرح في ضهره....فين الإسعاف ؟..."
وتسمع صوت تحفظه عن ظهر قلب يهمس عن قرب :"غزل ..كلميني ..احنا معاكي "..ليكمل محدثا شخصا اخر بصراخ "الدم اللي مغرقها ده منين ؟..مش لاقي اصابه "
ارادت إجابته وطمئنته انه ليس دمائها بل دماؤه هو ولكنها تشعر انها فوق موجة عالية تسحبها بعيدا ....
...........
استطاع الأطباء من وضعها علي جهاز التنفس لمعالجة ضيق التنفس التي تعرضت له وادي لفقدان وعيها بسبب قلة الأكسجين لتفيق من إغمائها على الكثير من الحركة من حولها والأصوات المتداخلها من الأطباء فتفتح اعينها بصعوبة ليصدمها الضوء الأبيض الموجه لعينيها من كشاف صغير بيد احد الأطباء الذي يقيم حالتها وتسمع صوت مخبجوارها فتلتف له بذهول ..فهي لا تعرف كيف أتت إلى هنا ؟..ومن ساعدها ؟...اين هو ؟!...هو ..هو !!!!
عند هذه النقطة انتفضت جالسة غير عابئة بقناع التنفس والأسلاك وتزيله من علي وجهها برعب :"يوسف !!!..يوسف فين يامحمد ؟..جراله ايه قولي؟
محمد بتوتر:"غزل مافيش حاجة حصلت ..خلي الدكتور يكشف عليكي الأول عشان نعرف الدم ده جاي منين؟..."
فتخفض نظرها لملابسها لتجدها مملوءة بالدماء الجافة لتتذكر جرح يوسف تقول بخوف:"يوسف يامحمد ..يوسف كان متعور ...ايه اللي جراله .؟؟؟..."
"حبيبتي يوسف كويس هو لسه خارج من العمليات ومعاه جوه.."
ليتقبض قلبها وتمسك مقدمة قميصها بيدها :"عمليات!!...أنا لازم اروحلوا واشوفوا .."
محمد بصرامة :"اهدي ..انت لسه تحت الملاحظة ..أما اطمن عليكي هتشوفيه .."
غزل بإصرار:"لا ..أنا مش هستنى ..أنا عايزة اشوفه حالًا "
"طيب علي الأقل غيري لبسك اللي مليان دم ده هتروحي كدة ؟؟!.."
كان يريد تعطيلها اكبر قدر ممكن حتى يقوم الأطباء بالاطمئنان على حالة الآخر وإعطاء التقرير النهائي لحالته.....
.................
تقف بأرجل مهتزة لا تحملها أمام الباب لاتعلم لما هي خائفة من الدخول ؟!..رغم لهفتها للاطمئنان عليه لتجد يد حانية تدفعه برفق من ظهرها تحثها علي التقدم للدخول ...
فتشاهده مستلقي فوق الفراش يحيطه الكثير من الأسلاك .الموجودة بصدره المكشوف ويقبع بكفه الأيمن المحلول المغذي ..يظهر علي وجهه الشحوب والإرهاق كان مغمض العينين بهدوء يصل بأنفه خرطوم شفاف يحيط بوجهه يساعده على التنفس ....
تصل اليه وتنحني لتودعه قبلة فوق جبينه فتسقط دمعة متمردة من اعينها فوقه ..لتتراجع تجلس بجواره فوق فراشه ممسكة بكف يده الكبير ..ارادت في تلك اللحظة استيقاظه ليضمها إلى صدره بقوة كما كان يفعل سابقًا ليزيل عنها اي خوف تشعر به ..ألمها رؤيته بهذا الضعف
لتقول هامسه :"أنا عارفة انك مش سامعني يمكن دي فرصة عشان أتكلم معاك براحتي ...كنت عايزه اشكرك انك حامتني ... كان ممكن أنا أكون مكانك لولاك ......وعايزة أقولك أني مسامحاك مش عشان أنا مش بعرف اكره ولا حاجة ...عشان أنا مش قادرة علي كرهك ..مش قادرة غير أني ..احبك ..قلبي وجعني اوي لما حسيت في لحظة انك مش بتحبني زي ماخليتني احبك !!!!
"انت وحشتني اوي يايوسف وحشني حضنك...اللي كنت بتحتويني بيه.."
لتجد نفسها لاتستطع السيطرة علي دموعها اكثر من ذلك فترفع أصابعها تزيل الدموع الهاربة وتقترب منه تضع رأسها فوق صدره تستشعر ضربات قلبه تحت أذنها تحتضنه بذراعيها ....
كان يشعر بها من قبل وصولها كعادتها رائحتها التي تتميز بها تسبقها بالمكان ..لم تعلم انه أفاق منذ فترة وهو من طلب ان يراها ..القرار الان اصبح صعبا عن ذي قبل ..بعد اعترافها واحتياجها له يصعب عليه تركها الان ...
ليرفع يده يلمس فوق شعرها لتنتفض عند شعورها بحركته تنظر اليه بصدمة بعيون دامعة غير مصدقة لإفاقته في هذه اللحظة ..تخرج كلماتها متحشرجة تنطق باسمه ...
ليربت فوق وجنتها بخفة :"يا روح يوسف "
ليجدها تحرك رأسها وتضع شفتيها تلامس باطن كفه الموضوع فوق وجنتها تودعه قبله وتنظر اليه تبتسم بفرحة وسط دموعها ..
يقول بلوم :"ليه الدموع دي ؟!!.في حد يبقى في حضن حبيبه ويعيط "..
تندفع لتحتضنه بقوة لا تأبى بجروحه تشتم رائحته الرجولية المختلطة برائحة المخدر والمطهرات تدفن انفها في عنقه تقول:"ماتسبنيش يا يوسف ..أنا مش عايزة ابعد عنك "
يقبل وجنتها ويهمس بأذنها:"عمري ما اقدر اسيبك ..بموتي ياغزل "..
فترفع رأسها لتلفح انفاسها وجهها ..ليكمل بمشاكسة:"بس لو فضلتي ضغطة علي الجرح ساعتها ممكن اموت فعلا..."
تبتعد مفزوعة تفتش به :"أنا آسفة نسيت انك مجروح "
فيمسكها مرة اخري يقربها لوجهه :"عارفة لولا الجرح ده ..مكنتش قدرت اتحكم في نفسي وكنت عملت فضيحة في المستشفى "
تصدح منها ضحكة أنثوية على مشاغبته لها ليقول بأنفاس متلاحقة:"لا أنت كدة قاصدة تعذبيني ..وأنتي لازم تتعاقبي "فيمسكها من كتفيها يقربها بقوة ليسرق قبلة يبث.بها دواوين عشقه بدون كلمات ..لينتفضا كلاهما نتيجة اندفاع فاسد اللحظات الرومانسية يقول:"والله كان قلبي حاسس ان في حاجة بتحصل مش مظبوطة ههههه"
فينظر يوسف بلوم لاخيه نتيجة احمرار وجهها خجلًا ليقول بضيق :"هو انت في حد مسلطك عليا ..ماتروح تشوف حاجة تعملها ولاتتجوز وتريحنا من خلقتك.."
يامن وهو محتضن الباب بطريقة مصحكة يلاعب حاجبيه :"قريب ..قريب اوي ..بس هي ترضى عني "
ليكمل بجدية موجهها حديثه لغزل :"غزل الدكتور جاي يكشف علي يوسف ومحمد عايزك بره .."
كادت ان تتحرك لتجد كفه يمنعها ويقول :"ماالدكتور يجي وهي موجودة ايه المشكلة ؟!..."...
ليفرك يامن جبينه محاولًا التبرير ليقول:"عشان كمان الدكتور هيمر علي غزل ..ماتنساش انها تحت الملاحظة زيك"
"خلاص خليهم ينقلوها معايا في نفس الاوضة ..كدة هبقى مطمن اكتر"
...........
"ساكت ليه ؟؟..ناوي علي ايه يايوسف "
قالها يامن وهو جالس بجواره فوق كرسي بجوار فراشه
ايغمض عينيه بضعف يحارب الدموع الحارقة لعينيه يجب عليه التماسك ..يجب عليه التفكير في مستقبله ..لا ..بل مستقبلهما معًا .....
وعندما طال صمته مال اليه يامن يمسك كفه قائلا بإصرار:"رد عليا ..عشان نشوف حل في المشكلة دي"
ليفتح عينيه ينظر له بجمود يقول من بين اسنانه :"عايزني اروح اقولها ايه؟...ها..فهمني؟...اقولها سوري ياغزل مش هنتجوز عشان اكتشفت أني مش بخلف ......"ثم يكمل بصراخ "الدكتور ده مش بيفهم ..مش يمكن غلطان "
يامن بحدة غريبة:"ماتلفش وتدور يايوسف ..غزل لازم تعرف ده حقها وبعدها هي اللي تقرر تكمل ولالا"
"مقدرش ..مقدرش ازاي عايزني اقولها حاجة زي دي ونفرض عرفت واختارت تبعد اعمل ايه بعدها؟؟!..تقدر تقولي"
يامن وهو مقدرًا لحال أخيه لقد انتابته الصدمة عندما طلب الطبيب بعض الإشاعات والتحاليل للاطمئنان علي مدى إصابة عموده الفقري نتيجة سقوط الألواح ..ليقول يامن بعقلانية:"يوسف انت اخويا الكبير وأنا مقدر إحساسك دلوقت لكن غزل مسئولة مني وأنا مش هقدر اخدعها في حاجة زي دي "
يجيبه يوسف بمراوغة:"سيبني أنا هقولها بنفسي ..وكمان شوف هطلع امتى أنا زهقت من النومة دي.."
"تستحمل شوية يايوسف ..الجرح في ضهرك مش هين وكمان الدكتور كان خايف لا يكون عمودك الفقري اتأثر ..."
ليجدا طرقًا فوق الباب لتظهر بعدها بكوبين من القهوة فتتفاجأ بوجود يامن يجلس بجوار يوسف وعلى وجهه الضيق
لتقول مبتسمة:"يامن وصلت امتى؟!...مالك في حاجة"
يهز رأسه يحاول ان يكون طبيعيًا أمامها:"ياغزل البنات ..كنت جاي اطمن عليكم بس مالقتكيش على السرير ..كنت فين ياشقية"
"انت ظالمني ..يوسف كان نفسه في فنجان قهوة والدكتور مانعه ..رحت خليت الممرضة جابتلي ورحت اخدها ..."
"فنجان قهوة قولتيلي ..ياعيني عليا محدش بيجبلي اللي نفسي فيه ...ناس ليها غزل وناس ليها مستشفيات وعمليات"
"بكرة تقى تعملك كل اللي نفسك فيه ..أنا مبسوطة عشان كلمت محمد بخصوص تقى .."فتنظر بعيون يوسف كأنها توصل له رسالة بخصوصها ...
فيقطع يامن نظراتهما يقول:"نطمن عليكم بس واتفق معاه على ميعاد الخطوبة...هسيبكم وأروح للدكتور اطمن على يوسف ..."ينصرف بعد ان يلقى اخاه نظرة فهمها يوسف .....
........
سارت بين الأروقة بأرجلها العارجة تبحث بأعينها عن رقم الغرفة وبيدها صندوق شيكولاتة مغلف بأشرطة هدايا تحاول سؤال أي من الممرضات ولكنها تجد الكل مشغول فتقع اعينها على شاب يقف بظهره يتحدث بهاتفه يظهر عليه الضيق يهمهم ببعض الكلام الغير مسموعة فمن الواضح ان من يحدثه سبب له الضيق وهو مستمر في محاولته أثنائها عن الحضور ..فتقترب بخجل محاولة أثنائه عن التحرك من أمام الحجرة التي تقصدها ..ولكنه فشلت في لفت انتباهه ..كلما يتحرك بعيدا وحاولت الدخول يعود يقف مرة اخري أمامه وتفشل في المرور بسببه ..حتى اضطرت لان تتنحنح حتى ينتبه ولكنه قام بالالتفات برأسه لينظر لها من فوق كتفه بإهمال ليعود مرة أخرى يشيح بوجهه عنها ويكمل حديثه بلا مبالاة لها ...
هذه الحركة البسيطة أشعرتها بالإهانة لتنظر لملابسها مرة أخرى تحاول ملاحظة ما بها لكي ينظر لها مثل هذه النظرة ..فهو دائما واثقة من حالها ولكن بسبب ما مرت به اهتزت هذه الثقة التى تحاول إخفائها عن من حولها ..لتشجع نفسها مرة أخرى فتقوم بمد يدها للضرب فوق كتفه بثقة بأصابعها الرفيعة ليلتفت لها باستغراب يمرر نظره عليها من اعلى رأسها الذي يزينه الحجاب بأرجلها ويهز رأسه بتساؤل عن ماذا تريد وهو مستمر في رفع هاتفه لاذنه ...فتبادله طريقته وتشير له بحاجبها خلفه ليلتفت ينظر لباب الغرفة المغلق ويقول لمن يحدثه بالطرف الآخر :"اقفلي يا نانسي دلوقت هكلمك بعدين"
"أي خدمة؟!.."
لتجيبه سمية بكبرياء:"حضرتك واقف سادد الباب ومش عارفة ادخل "
فيلاحظ نبرتها الحادة في الحديث ليضع كفيه بجيوبه يقول:"مين حضرتك بقى عشان نبلغهم "
لترفع انفها بكبرياء :"سمية!!!"
...........
كانت تجلس فوق فراشها بغرفته التي تشاركت معه فيها تتلاعب بهاتفها الخاص فبعد انصراف سمية وشادي ركزت انتباهها على الرد لبعض الرسائل التي تأخرت في الرد عليها الفترة الفائتة لتسمعه يزفر بقوة شديدة فتنتبه له متسائلة:"في حاجة يايوسف ..محتاج حاجة ؟..."
"لا"
فتضيق عينيها وتضع خصلات شعرها خلف أذنها ثم تتحرك من فوق الفراش فتنحصر ملابسها عنها هابطة من الفراش
عن عمد منها فتلاحظ ارتباكه واشاحة وجهه عنها لتجلس بجواره وتدير وجهه تقول:"مالك؟"
"مافيش"
لتبتسم على طفولته :"شكله فعلا مافيش ...طيب لو قولتلك وحياة غزل عندك ..مش هتقولي ؟؟"
ليزم شفتيه بقوة يقول:"مخنوق منك ..."
مخنوق مني ..أنا؟....ليه "
فتقترب منه اكثر تلاعب خصلات شعره فتراه يتأثر من قربها وتلمع أعينه تقول:"هو أنا من امتى بزعلك؟!..."
"عشان مش عايزة تيجي تنامي جنبي ومشغولة عني بتليفونك"
فتكتم ضحكتها بيدها ليغضب اكثر
"أنتي كمان بتضحكي!!!.."
"خلاص ماتزعلش أدي ياسيدي التليفون "ليراها تضعه بجواره فوق طاولة صغيرةًوتكمل :"بس موضوع أنام جنبك دي صعب ..احنا في مستشفى والدكتور والممرضات بيدخلوا دايما مش هيبقى شكلها حلو "
"قولتلك اقفلي الباب ...وكمان تعالي هنا ياهانم مدام عارفه ان في زفت دكاترة ايه اللبس اللي لبساه ده ها ؟؟..."فيقوم بإمساكه من أذنها لتتألم قائلة :"خلاص خلاص هسمع الكلام وانام جنبك "
فتتحرك تحت ابتسامته لها تغلق الباب وتتسطح بجواره فيقوم باحتضانها بقوة مشتما رائحتها المسكية يملأ به رئتيه ..يقول بصوت مهزوز:"بقولك ايه ؟؟..ماتيجي نعمل دخلتنا هنا حتى هيكون لها طعم تاني وتجديد "
ضربته بصدره وتدفن وجهها بصدره خجلًا قائلة:"وقح .وقليل الأدب"
يجيبها بثقة:"طول عمري ياحياتي"
ليودعها قبلة عنيفة بادلته إياها كأنها كانت تحتاجها منه لتظهر له مدى شوقها له........
بعد وصلة القبلات الحارقة التي تبادلاها تركها لتأخذ قسطًا من الراحة ليشعر بنومها فوق صدره منتظمة الأنفاس شارد في هدوئها انه الان ينام قرير العين بها ...لينتبه لصوت رسالة صادر من هاتفها فيمد يده يجذبه قاصدًا اغلاقه لتتسع عينيه بقوة وتحمر اوداجه من شدة الغضب عند رؤية الرسالة الأخيرة
(أنتي عارفة انك تهميني ياغزل واللي يسعدك يسعدني ...سواء معايا أو مع غيري ..أتمنى انك تكوني سعيدة في حياتك )
.....
يتبع

صماء لا تعرف الغزل (بقلم وسام الأشقر)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن