الفصل الخامس والثلاثون
..................عامر وهو يقدم لها كوب القهوة الساخنة ويجلس أمامها بكافيتريا المشفى
قال:
"أنا مش هلف وأدور وهجيلك دغري زي مابيقولوا ...انا عرفت كل حاجة من محمد لما استغربت انك مش عارفاني لمااتقابلنا وفهمت منه اللي حصل ..
وعرفت برده ظروف جوازك وطلاقك من دكتور يامن ....."
فتحاول غزل توضيح الامر فيقاطع حديثها يقول:
"انا اللي طالبه تسمعيني للآخر ..يمكن زمان مقدرناش نكمل مع بعض وفِي حاجات أجبرتنا إن اننا مانكملش مع بعض ..فانا دلوقتي بكرر طلبي من تاني وبقولك إن يسعدني لو وافقتي تكملي معايا وتكوني زوجة ليا ...."غزل باصابع مهتزة تحاول لمس حجابها في حركة لاإرادية أظهرت توترها تقول :
"انا ..انا مش عارفة اقولك ايه ؟...انت عارف ان ظروفي دلوقتي بقت معقدة اكتر من الاول وكمان وجود بيسان ..."
عامر برزانة:
"بيسان هتبقي بنتي قبل ماهي بنتك "..
يقطع حديثة ظلا حجب الضوء عنهما ليجدا يوسف يقف بوجهه غاضب ينظر له بغيظ
يقول بحدة :
"يلا ياغزل ..الوقت أتأخر ..."
فيستقيم عامر قائلا:
"طيب هستأذن انا وهسيبك تفكري وهنتظر اتصالك ..وينصرف بهدوء "
..........
"اركبي احسنلك !!"
قالها يوسف بغضب في وجهها الا انها اصرت علي عدم الركوب بعد ان أجبرته علي التوقف بجانب الطريق بعد ان فقد أعصابه من برودها ورفضها لإبلاغه عن نوايا عامر ..
تقول بهدوء:
"مش هركب ..انا هستني اَي تاكسي معدي..."
ليمسك شعره يكاد ان يقتلعه من رأسه ويحاول ان يهدئ الوضع :
"طيب ممكن بكل هدوء تركبي لان الوقت متأخر والمكان مقطوع ..."
فتزيد من عندها وترفض الاستماع له
فيضرب إطار السيارة بقدمه المصابة فيتألم بصوت مسموع ...وفِي تلك اللحظة لاحظ اقتراب سيارة من بعيد تضرب إضاءة كشفاتها باعينه وتصدح منها صوت عالي ..فيكتشف انها سيارة شرطة فيزداد توتره وقلقه ويأمرها بحدة لا تحتمل النقاش ان تصعد الي السيارة فتلبي طلبه بقلق خوفًا من تعقد الأمور ...
ينزل رجل الشرطة من سيارته متسآءلا بغلظة :
"أنت ايه اللي موقفك هنا ؟...."
فيلتفت اليها ويلاحظ انكماشها بكرسيها ثم يجيب رجل الشرطة:
"مافيش ..العربية سخنت قولت اريحها شوية ..."
الشرطي بسماجة :
"سخنت ؟!...ياراجل ..!!!طيب طلع بطاقتك وبطاقة الهانم اللي معاك ورخصة السواقة .."
فيجد يوسف ان الأمور بدأت في التعقد ويمد يده بجيب بنطاله يخرج محفظته ويخرج منها إثبات هويته وإظهارها مع رخصة قيادته..بعد الاطلاع عليها يقوم الشرطي بالطرق علي سقف السيارة بعنف موجها حديثه لها:
"انزلي!!!..وهاتي بطاقتك ..."
تبتلع ريقها بصعوبة لقد جفّ حلقها رعبًا وهي تنظر لوجهه ذو الملامح القاسية فتمرر نظرها ليوسف الذي يظهر علي ملامحه القلق ويشجعها ان تتحرك من السيارة بهزة من رأسه ..خرجت مرتعبة تحاول ان تسيطر علي رعبها فتسمع صوت الشرطي الخشن :"بطاقتك ؟...."
فتبتلع ريقها بتوتر وتنظر ليوسف برجاء لعله يساعدها فتجده يضع كفه الدافيء خلف ظهرها مشجعا لها يقول:
"هاتي بطاقتك خليه يشوفها ...."
تبدو وكأنها لم تفهم حديثه الذي يخرج بلغة لوغاريتمية صعبة الفهم في هذه اللحظة فتعض علي شفتيها السفلي كادت ان تدميها وتقول بغباء :
"بطاقتي انا !!!!!.."
فتنتفض رعبا عندما سمعت صوت الرجل الجهوري يقول بعنف:
"ماتخلصي ياحلوة ..طلعي بطاقتك يابت..."
ليصرخ يوسف بوجه متناسيا رتبته :
"احترم نفسك وماتتكلمش بالطريقة دي معها"
ثم يلتفت للواقفة بجواره منكمشة آمرا اياها:
"غزل ..طلعي البطاقة وخلصينا ..."
يلاحظ تحريك رأسها يمينا ويسارا مع وضع طرف سبابتها بفمها كالتلميذ المذنب وكادت ان تبكي ليتأكد من شكوكه فيسألها بهمس شديد كأنه يتوقع كارثة:
"هي البطاقة مش ...؟؟؟؟..."
فتهز رأسها من اعلي لأسفل بحركة متكررة ليقول لها:
"هو يوم باين من اوله ...."
فيقول بثقة زائفة للشرطي السمج :
"قولتلي البوكس اللي هنركبه فين.. ؟!!!!........"
............
تجلس تبكي بإنهيار تام من الموقف الذي وضعت فيه بغبائها وعنادها عندما طلب الشرطي إثبات هويتها تذكرت عند نقل أشيائها من حقيبة لحقيبة اخري انها نست محفظتها الموجود بها إثبات هويتها ..كان يجب عليها عدم العناد والركوب معه كما امرها ...لكنها عاندت بكل كبرياء وها هي تدفع ثمن غبائها بالوقوف مثل هذا الموقف المخجل لقد اشتبه فيهما وتم تحويلها لأقرب قسم شرطة للتأكد من أمرهما ومازاد الطين بلة ..سؤال الشرطي النبطشي لها عن صحيفة أحوالها وهل قبض عليها بقضايا آداب سابقة ام لا ...لتجد اندفاع يوسف ليمسك بتلابيبه في غضب مستعر إشعال النار وكاد ان يلكمه لولا اندفاعها أمامه فتستقر اللكمة في وجهها هي لتصيبها بحالة إغماء مؤقته ..فاقت منها لتجدهم قاموا باحتجازه بسبب تعديه علي الشرطي ..وها هي تنتظر وصول شادي بعد ان طلبت من الضابط اجراء مكالمة خاصة لإحضار من يكفلها ...لم تجد الا هو في الوقت الراهن بسبب سفر يامن وانشغال محمد بزوجته وابنائه ....
فتسمع صوت طرق الباب ويدخل شادي محييا الاخر الذي يقبع خلف مكتبه يقول:
"السلام عليكم ...ازيك يا حضرة الظابط.."
فتجد الضابط يقف مصافحا شادي بحرارة :
"عاش من شافك ياجدع ..."
شادي بثقة:
"انا موجود انت اللي مختفي ..."
الضابط هشام متسآءلا:
"ياتري ايه اللي فكرك بيا ؟..اكيد مصلحة ..،"
شادي بمداعبة :
"أكيد !!!....""
فتقع عينه علي الواقفة بجوار الأريكة بوجه مكدوم ليقول :"غزل !!!.مين اللي عمل فيكي كدة؟!!..."
فيرتفع صوت بكائها وتجري دموعها فوق وجنتيها ويزداد احمرار وجهها ..فيلاحظ عدم تنفسها فطريقة طبيعية ...
يقترب منها محاولا فهم ماحدث فيسمع صوت هشام :
"انت تعرفها ؟!...."
شادي بضيق :
"اومال ايه اللي رماني عليك في وقت زي ده ؟...مين اللي عمل فيها كدة ..ده انا هوديه في داهية وفين يوسف ..."
فيسمعها تقول بأنفاس متقطعة :
"حبسوه في الحجز ...طلعه ياشادي هو ماعملش حاجة .. ارجوك...."
......
وقف بشعر اشعث وملابس غبرة بحاجبين معقدين كان علي وشك المسك بهذا السمج مرة اخري ..لما هذا اليوم لاينتهي ويرتاح ؟...
فيسمعه يقول بجفاء:
"المرة دي انا هعديهالك بس عشان شادي ؟..مع اني كنت حالف مااخرجك منها ...وبعد كده ياآنسة ماتبقيش تمشي من غير بطاقتك ..."
فتسمع صوت زمجرةيوسف من لفظ آنسةبيقول باعتراض:
"آنسة!!!! "...
فتمسك بذراعه وتضغط عليه تمنعه من التهور تقول:
"شششكرا لحضرتك ..مش هتتكرر تاني...عن إذنك .."
ولكن مالم تتوقعه وقوف هشام بابتسامة بشوشة يمد يده يصافحها بعيون براقةقائلا:
"معلش البوكس جه فيكي ...تسمحيلي ان ابقي اجي اطمن عليكي ياآنسة غزل ...."
لترتفع حاجبا شادي لأعلي بفاه فارغة ويهمس:"اوبااااااا!!!!.....انت لعبت في عداد عمرك ..."
تصافحه غزل بخجل تحت أنظار يوسف المراقبة بذهول كأنه يشاهد مسرحية سمجة كسماجة بطلها تقول:
"حضرتك تشرف في اَي وقت ....."
فيفيق يوسف من صدمته وينزع يدها من يده بقوة صارخا:
"هو مين اللي يشرف في اَي وقت؟!..."
فيتوتر شادي ويضحك بطريقة مسرحية موجها حديثه لهشام :
"ههه اصل يوسف بيغير علي غزل ...انت عارف بقي ولاد عم وكدة ..."
فيزيد كلمات هشام الموقف تعقيدا وهو مثبت عينيه عليها بإعجاب واضح :
"ليه حق الحقيقة ؟..انا لو مكانه هعمل اكتر من كدة.....هخبيها عن الناس"
تثبت غزل يوسف الغاضب بإمساك ذراعه وتمنعه من التهور حتي يخرجا من هذا المأذق ..وتسمع شادي يقول بضحكة كوميدية:
"احنا يستحسن نمشي من هنا اصل نولع كلنا في المكان ...انا شامم ريحة شياط..."
هشام بغباء محاولا اشتمام الرائحة :
"شياط ؟؟..بس انا مش شامم ريحة شياط..."
شادي :
"اناااا ااااشامم ..كفاية..انا..شامم.. "
يهمس لنفسه:
"يخربيت اللي دخلك كلية الشرطة ياجدع ..كتلة من الغباء غير متناهية الأطراف........هتولع فينا واحنا واقفين....."
..........
"اقفي هنا بقولك اوقفي هنا ان مش قادر أجري وراكي زي العيال "
قالها يوسف وهو يلاحقها داخل الفيلا بقدمه المتألمة ..
تزفز زفر قوية تحاول تمالك نفسها:
"عايز ايه مني سيبني انام لان بصراحة تعبت وكفاية البوكس اللي رشق في وشي ..."
يوسف بغيظ:
"حد عاقل يقف بين اتنين رجالة بيتخانقوا ؟!...."
غزل باستهزاء:
"لاابدا المفروض اسيبك تودي نفسك في داهية ويلبسك قضية ..."
يوسف بغضب :
"يعني كان عاجبك كلامه وسؤاله ...وكمان تعالي هنا ايه حكاية النحنحة اللي شفتها بعيني دي..."
غزل تشاور علي نفسها ببراءة مصطنعة:
"انا ..انا معملتش حاجة ..."
يقترب منها ويجذبها من ذراعها فتقترب منه وتلفح انفاسها وجهه وعنقه بطريقة مثيرة :
"غزل ..ماتلعبيش معايا ..انت عارفة اقصد ايه ..انا مش عارف هفضل امشي وراكي احوشهم عنك ..انا هلاقيها من عامر ولا من السمج هشام..."
غزل باستفزاز تحاول ان تثير جنونه اكثر وأكثر :"وتحوشهم ليه ؟...انا مسيري اشوف حياتي ..عاجلا ام آجلا....زي ماانت شفتها قبل كدة..."
فتشعر بالمً شديد بذراعيها تحت كفيه وتسمعه يهمس امام وجهها بأنفاسه الساخنة الملتاعة:
"حياتك معايا ..معايا انا وبس وماتحلميش بغير كدة .....اما حكاية شفت حياتي دي فبقولك ياغزل انا ماليش حياة قبلك ولا ليا بعدك ..اليوم اللي بيعدي عليا وأنا بعيد عنك مش لمسك ومش واخدك في حضني ..اليوم اللي كل دقيقة فيه بموت من الخوف لا تفكري تبعدي تاني وتختاري شخص تاني غيري ..بتمزع فيه بسكينة تلمة .......انا مش عارف انام ياغزل ...نفسي انام وانا مطمن مش يحارب شي مجهول ..نفسي تبطلي تطلعي في كوابيسي ..ارجوكي...."
أنت تقرأ
صماء لا تعرف الغزل (بقلم وسام الأشقر)
Romanceتضحيات صغيرة تصدر منا تشكل فارقًا كبيرًا في حياة الآخرين ..ولكن عند تقديمها يجب معرفة هل ستستطع مواصلة حياتك بهذه التضحية ام ستظل عقبة لاستمرارها....فعليك ان تختار!.....