الفصل الثلاثون
..........
ليمد يده بالأوراق ويقول:
"تقدر تمشي بدري عشان تلحق مشوارك ...."
فيقف شادي ممسكا بالصندوق الضخم متضررا والأوراق وقبل ان يخرج سمع صوت يوسف:
"مش ناوي تسامحني ياشادي ؟!...."
لم يلتفت له فيجيبه :"صاحبة الشأن لما تبقي تسامحك نبقي نسامحك ...وانا هنا موظف زي اَي موظف ..عن إذنك يا...يوسف بيه"
...............
.......
في حديقة الفيلا الصغيرة يكثر زينة أعياد الميلاد والبالون الملون بالأبيض والزهري وكلمات التهنئة المكتوبة بالحرف الإنجليزية اللامعة بجانب شرائط الإضاءة الملفوفة علي الأشجار يتقدم للأمام حاملا هديته وهدية المدعو يوسف وهدية زوجته التي اصرت علي انتقائها بنفسها ويتقدما معا لدخول الفيلا الصغيرة ليقول بصوت عالي :
"يا أهل البيت اللي هنا هو مافيش حد ولا ايه ياخد الحاجة مننا ..."
ليظهر جاسر من الداخل قائلا:
"أهل البيت ظهروا بطل دوشة بس صدعتنا.."
ليحتضنه مهنئا له وتقوم سمية بتحية جاسر ليدخلهما قائلا :
"ادخل جوه الجماعة مستنين حضرتك من بدري وانت اتأخرت قلبينها محزنة ....ادخل خد من الحب جانب ..."
ليتقدم حتي يحمل عنه الهدايا فيرفض شادي :
"لا ..انا لازم اديها هديتها بنفسي "
ويغمز بعينه هامسا بإذن جاسر يمكن انول الرضا منها ....ليهز جاسر راسه بيأس قائلا :
"ابقي قابلني لو حصل ...."
ليجيبه بمداعبة شادي:"اطلع انت منها وهي تعمر ....."يدخل علي حجرة الضيوف فيري الطابع الأسري يشوب الغرفة والترابط الوثيق يقول :
"السلام عليكم احنا اسفين اتأخرنا وعطلنا الحفلة ..."
فيجيبه محمد :"ومين سمعك ما انا لسه مخلص زيك وداخل من شويه يادوب عديت علي سوزان وجينا"
لتحييه سوزان ذات البطن المنتفخة ليقول شادي :
"عاملة ايه ياسوزان اخبار هناء وشرين ايه ؟!...."
لتعبس قائلة :"انت عرفت منين انهم توأم "
وتنظر لمحمد موبخة قائلة :"اكيد استاذ محمد اللي قال في الشركة مع اني منبهه عليه ان معارفنا بس اللي يعرفوا ..."
لتبتسم سمية وترفع يدها مستسلمة :
"انا مقولتش ليه علي فكرة جوزك اللي قال ..."
ينظر لها شادي بلوم :"انتي عارفة ومخبية ماشي ياسمية لما نروح ...."
سمية بضحك:"طيب انا ذنبي ايه وانت وهو مش بيتبل في بوقكم فوله وبصراحة انا خايفة تتحسد ....."
"مين جايب سيرة الحسد"
قالتها ملك بضحك فتكمل حديثها لائمة شادي:
"علي فكرة غزل زعلانة جدا وعمالة تسأل عليك "
لتندفع زوبعة مندفعة داخل الحجرة لتمسك قدم شادي باحتضان وينحني لحملها واحتضانها قائلا :
"اهلًا اهلًا اهلًا بالقمر اللي من ساعة ما دخلت وانا بسأل عليه ..."
لتقول بلسان متلعثم :اناااااا...
ليقول:" فين بوسة عمو؟..."
لتهز رأسها بالرفض ويتطاير شعرها الاسود وتقول:"نوو ..مامي قالت عيب ..."
شادي:"طيب لو اديتك هديتك هتديني بوسة ؟!..."
تهز رأسها بالموافقة ليجلب لها هديتها وتقوم باحتضانه وتقبيله لتعترض ملك صائحة بشكل مسرحي:
"ماشي ياغزل انا مش قولت ما نبوسش حد غير بابي ومامي .....ياخسارة تربيتي وسهر الليالي .."
يقترب منها جاسر ويضمها ويهمس لها :
"ماتجيبي بوسة وانتي حلوة كدة ..."
ملك مؤنبة :"جاسر!!....الناس ...."
........
بعد انتهاء الحفل وتقديم الهدايا ظل صندوق الهدايا الخاص بيوسف موجود علي المنضدة المنتصفة الحجرة وكلا منهم ينظر لها بشرود لتقول ملك :
"رجع الهدية يا شادي وخليه يبطل يرسل هدايا لبنتي لان هداياه كلها برميها بالزبالة ....."
ليقول محمد بغضب :"انا نفسي أسيب الشركة انهاردة قبل بكرة بس اللي ضاغط عليا افضل حق غزل في الشركة ...اللي لازم هيرجعلها فيوم من الأيام ...."
ليجيبه شادي :"ومين سمعك ؟!...انا كمان بعد ما قدمت استقالتي وجاسر عرض عليا اشتغل معاه ...رجعت سحبتها عشان خاطرها ..."
لتتسأل بتوترسمية :"انتو ازاي متأكدين ان غزل عايشة ؟...رغم من يوم اختفائها مش عارفين عنها حاجة ....."
محمد بحزن :"انا قلبي حاسس مادام ماسمعناش عن وفاتها حاجة تبقي عايشة ....."
شادي بتساؤل:"هو يامن ما اتكلمش ؟!....."
لتجيبه ملك :"يامن كل فين وفين اما بيتصل بس عمره مانسي يوم عيد ميلاد غزل واكيد هيتصل ...."
ليصدح رمين هاتفها فتقول بسعادة :"مش قولتلكم اهو اتصل ....الو ياحبيبي يامن وحشتني اوي ....وانت طيب ياقلب اختك ....غزل عندها دلوقت تلت سنين ..اه ياسيدي مستنين العريس ...بسرعة كده ..طيب مش هعطلك عن المستشفي ...يامن ابقي كلمني ...مع السلامة ......."
لتتنهد قائلة :"بيسلم عليكم ...قفل بسرعة عنده عمليات ..مش عارفة ايه اخرة الغربة يرجع ويبقي معانا مابقاش ليا غيره من بعد ماعمي مات بحسرته ......"
ليقول جاسر :"الله يرحمه ....."
ليقول محمد متعجبا:
"يامن ماقالش هو فين دلوقتي ؟...."
ليجيب شادي :"دايما بيقول متنقل من لدولة لدولة ...."
جاسر:
"اَي ياجماعة هنقلبها نكد ..ده عيد ميلادغزل الصغيرة والله ..."
وتجيبه ملك بدموع محصورة:"وعيد ميلاد غزل الكبيرة برده ربنا يردها لينا ......"
........
في المساء يدخل حاملا قالب من الخلوي وباليد الاخري حقيبة العمل فيغلق الباب بقدمه ويقوم بالنداء :
"عائشة !..عااائشة ..."
لتهرول سيده في منتصف العقد الخامس تمسح يدها بقطعة قماش لتقول بلغتها التركية :
"دكتور يامن !!.."
لتندفع تحمل عنه قالب الحلوى والحقيبة فيخلع جاكيت ملابسه ورباط حذائه ليقول اثناء ذلك بنفس اللغه :
"أين سيدتك ؟!...."تنظر يمينا ويسارا بريبة واهمس :"بالأعلي ،..."
لعقد حاجبه:"لما تخفضين صوتك ..احدث شي لم اعلمه؟!...."
تجيبه متحسرة:"بلي ...داهمتها احدي نوبات الغضب لينقلب الحال فجأة لبكاء هستيري ...وهي الان تغلق الباب علي حالها رافضة الحديث ..."
ليهز راسه متفهما ويستمر في الصعود:"سأري مابها وانتي أعدي العشاء ....."
يصعد درجات السلم بهدوء فلقد اعتاد نوباتها المؤلمة التي تداهمها من الحين للآخر وهو متقبلها يعلم انها ترفض حياتها وثائرة عليها ولكن ليس بيده شئ ...يطرق الباب بهدوء طالبا الأذن بالدخول فيجد الحجرة خالية ويبحث عنها حتي يجدها متقوقعة ضامة أرجلها لصدرها مخفية وجهها في أرجلها بجانب الحجرة في الظلام ليضئ أزرار الإضاءة فتصرخ بوجهه طالبة إغلاق الأضواء فيلبي رغبتها .... ويتحرك بهدوء جالسا بجوارها مستندا ظهره للحائط فيرفع يده يلمس خصلات شعرها البنية التي تسحره من اعلي رأسها لنهايته ليقول :
"ممكن اعرف حبيبتي زعلانه ليه ..."
فتهز رأسها رافضة ...فيكمل :
"طيب انتي اخدتي علاجك انهاردةولا هربتي كالعادة ..اصل حالتك دي بتقول انك هربتي..."
لترفع رأسها بغضب والدموع مغرقة وجهها صارخة :
"انا مش عاوزة ،..مش عاوزة ..انا مش مجنونة يايامن فاهم ..."
لتقف بتشنج متحركة وتقف امام النافذة المفتوحة ويتطاير خصلاتها الطويلة التي حرص علي يضع به مقص لمدة الاربع أعوام حتي استطال لآخر ظهرها كأنه بذلك يعوضها مافقدته من قبل ...يقف خلفها يقول وهو ممسك خصلاتها الناعمة :
"تعرفي ان بعشقك ريحة شعرك .."
لينقبض قلبها من هذه الجملة كأنها سمعتها من قبل ولكنها نهرت نفسها ..مستغلة غزله لها لتلتف اليه ولا يفصلهما الا خطوة واحدة وتقترب منه قائلة باهتزاز:
"بجد ؟...بجد يامن ؟!...بتحب ريحة شعري ..."
ليبتسم لها ويمسك وجهها بكفيه. :
"طبعا بموت فيه ..انتي ناسية ان اتخانقت معاكي لما صمتي تقصيه ورفضت وخبيت منك المقصات ..."
لتضحك باهتزاز ......وتقترب منه وتضع كفيها علي صدره لتشعر بأنفاسه المتوترة ضربات قلبه التي تسارعت من قربها فكل هذا يؤكد لها انه يحبها ،..لتقول :
"وانا يايامن ؟!...بتحبني؟!..."
فتهتز ابتسامته ويجلي صوته :"طبعا ياغزل بحبك طبعا ....."
"يامن انا ...انا....انت ايه؟!...ارجوك افهمني" ......ليقطع حديثها :"فاهمك ياغزل وحاسس بيكي ..انتي اللي فاكرة ان مش فاهم ....."
"طيب في ايه ؟!...ماتقوليش حالتك الصحية ووضعك وظروفك ..عشان زهقت من المبررات دي ..."
يقترب منها يضع قبلة علي جبينها :
"لا مش هقولك بس ممكن نأجل كلامنا لحد ما نحتفل مع بعض انا شاري تورتة الشيكولاته اللي بتحبيها بس بشرط تاخدي العلاج قدامي ...."
لتهز رأسها بالموافقة وتنصرف بسرعة تاركة شخصا متألم يحارب نفسه ويكابدها منذ سنوات
أنت تقرأ
صماء لا تعرف الغزل (بقلم وسام الأشقر)
Romanceتضحيات صغيرة تصدر منا تشكل فارقًا كبيرًا في حياة الآخرين ..ولكن عند تقديمها يجب معرفة هل ستستطع مواصلة حياتك بهذه التضحية ام ستظل عقبة لاستمرارها....فعليك ان تختار!.....