الفصل السادس والثلاثون
............حبيبي ماذا اصابك ؟..هل مللت مني ؟!..
مللت مناجاة حبي وعشقي ..مللت غزلي
تخليت عني ..!!!فانا قضية عشقك ..فلاتتنازل عنها ...انت مني ومنك انا... فهل لي ملجأ الا قلبك !!
...............
تقف امام دورة المياة شاردة منتظرة ولوجه ..افكار كثيرة تضرب رأسها ..وظنون تتوالى وتتوالى..منذ فترة تشعر بانقباض غريب يضرب قلبها لاتعلم سببه ..لاتعلم سبب تغيره ..فمنذ ان تواجها معا وضربته بعباراتها وكلماتها الانتقامية لعلها تهدأ.. بعدها اصبح شخصا غريب ..لا يشاركهما كعادته الطعام ..امتنع عن هذه العادة التي كان يستغلها للتقرب منها واللعب من ابنته ..حتي بيسان امتنع عنها بشكل مثير للشك بعد ان كان يتسلل
خلسة بعد نومها للعب مع ابنته والنوم باحضانها نوم هانئ..فهو متقوقع بشكل غريب داخل صومعته لا يخرج منها الا للعمل..
وهذا مايزيد خوفها من ابتعاده ..نعم تريد معاقبته ولكن ترفض ابتعاده ...
تجده يخرج من دورة المياة بوجه مبتل شاحب جديد عليها .. يجففه بمحارم ورقية ..يرفع عينيه بإرهاق ظاهر قائلا:
"انت وقفه ليه ؟..."
تقترب منه بحذر مضيقة عينيها تراقب ملامحه :
"انا ملاحظة ان مافيش لقمة بتقعد في بطنك ..دي تالت مرة يحصل الموضوع ده ..ده غير انك اساسا مش بتآكل حتي هناء بلغتني ان اكلك بقي يرجع زي ماهو وكله شرب سجاير وقهوة..."
يقوم بالتحرك من أمامها لالقاء المحارم بالقمامة قائلا بابتسامة مغتصبة:
"ماتقلقيش شوية برد في المعدة ...يلا عشان نكمل شغلنا ...."
تهز رأسها بالرفض :
"لا يايوسف كفاية كده..انت شكلك تعبان فعلا..احنا بقالنا تسع ساعات شغالين متواصل ..انا مش فاهمة ليه ضاغط نفسك كدة ..انا خلاص تقريبا فهمت كل حاجة.."
يتحرك امام أعينها بإرهاق يجلس فوق مقعدة علي طاولة الاجتماعات يمسك ملفا من ضمن الملفات يفتحه ..:
"تعالي هتخلص الملف ده ..ده اخر ملف ....."
غزل بغضب :
"انا مش فاهمة في ايه ؟...انت بتعمل ليه كده ؟.."
يوسف بابتسامه هادئة يمسك كف يدها يجذبها بهدوء غريب لتجلس فوق مقعدها بجواره:
"مالي ياغزل ؟..في حاجة ضيقتك مني..صدر مني حاجة...!..."
غزل بحدة :"ماتكلمش كدة ؟..انا حاسة انك مش يوسف ".
يوسف بضحكة خفيفة :
"لا انا يايوسف ماتقلقيش ..كل الكلام ده عشان بحاول افهمك شغل الشركة بتاعتك ماشي ازاي وعايزك تعتمدي علي نفسك...مش عليا...."
غزل بألم :"انا ماطلبتش ده ؟..لانك موجود ..."
ليصدمها بعبارته التي ألمتها بشدة ...يقول:
"لازم تتعودي تديري شركتك لوحدك من غيري وتتعلمي تكوني قوية دي شركتك فاهمة ..فلوسك !...."
تشعر بتغيره رغم زعمه الدائم علي وجود مايثير قلقها ..هل اختار الابتعاد عنها بعد ان ملّ المحاولة..سيتخلى عنهما بهذه السهولة ..شردت في طريقة إمساكه لسجارته لقد كان دائما تميزه وخصوصا عند سحبه لدخانها ..تذكرت أيضا كيف اجبرها علي إدارة إجتماع الشركة بعد تخليه عن إدارته لتجد نفسها هي المتحدث الرسمي له ..وكيف جلس يراقبها ويراقب انفعالاتها بابتسامة لم يفقدها حتي نهاية الاجتماع ..يرسل لها رسائل تشجيعية عن طريق نظراته وإيماءاته ..كان يطمئنها بأنه دائما بجوارها حتي إن أبت قربه ووجوده بحياتها سيبقي سندا لها حتي آخر انفاسه...
ارادت ان تحاول اختراق عقله قبل قلبه تحاول طمأنت حالها انه كان لها وسيكون لها دائما ......
حاولت طمئنة حالها أنه لن يتخلي عنها بهذه السهولة فتحاول استشفاف مايدور بعقله فتقول مراوغة :
"علي فكرة انا كنت عايز اخد رايك في........ ..."
يقطع حديثها رنين هاتفها ..تضيق بمن قطع حديثها لتجده يامن فتسرع بفتح المكالمة تقول بسعادة تحت أنظار الاخر المتبلدة :
"اخيرا افتكرت تكلمنا يادكتور ..شكلنا كدة كنّا عبء عليك وماصدقت تخلص منا ...ابدا والله انا عارفة ......"
ترفع عينيها باضطراب من الجالس أمامها تقول:
"هو كلمك؟..مش عارفة يايامن حاسة اني ..متلخبطة ..مَش قادره اخد قرار ..حاسة ان مش هقدر اخد الخطوة دي ...لا يايامن حاسة اني مش ........"
لتجد يده تمتد وتنزع منها هاتفها ونظره مثبت علي وجهها يقول بثبات:
"ايوه يادكتور ...الحمد لله....اتصل بيه بلغه بموافقتها ...........يااااامن!!..نفذ اللي قولتلك عليه ...لا..انا ادري بمصلحتها ..وياريت تيجي في اقرب وقت عشان تخلص موضوعك مع تقي ...كفاية كدة البنت خللت .....لا اخر الشهر كتير تكون عندي اخر الاسبوع ده ..فيرفع عينه لغزل الذاهلة من حديثه ويكمل:عشان خاطر. غزل وتقي!!!!! ...."
تجمدت الدماء باوردتها لم تستطع استيعاب كلماته كالتلميذ البليد الذي يفشل في فهم معلمه ..هل قال انها موافقة ؟..ليس هذا مايهم بل ما يهمها انه هو من يسعى لإبعادها عن حياته ..لتفيق من صدمتها وتحاول لملمة افكارها وترتيب كلماتها التي هربت منها :
"انت ازاي تعمل كدة؟...ازاي تبلغه بموافقتي من غير ماترجعلي ...."
تراه يغلق الملف القابع بين كفيه ويستند بذراعيه فوق الطاولة :
"مش ده الموضوع اللي كنت عايزة رأي فيه ..ومش عارفة تاخدي فيه قرار ومتلخبطة ..انا عافيتك من حيرتك واديني اهو بقولك ..وافقي ياغزل ..عامر يستحقك وانت تستحقي انك تكون مع حد يحميكي انت وبيسان .....وبما ان كان قدامك تختاري بين عامر وهشام مع اني مش بالع الاتنين بس عامر بالنسبة لي ارحم من السمج التاني ..علي الأقل واثق انه ....بيحبك...."
غزل بدموع تأبى التحرر من عينيها :
"ياعني انت كدة تخليت عن مسؤلياتك .بالنسبة لي وبالنسبة لبنتك ههه.انا كدة فهمت ليه انت متغير ..مكنتش متخيلة انك تكون بالأنانية دي ..بس اطمن لو حتي لو مكنتش موافقة من دقايق علي عامر ..انت دلوقت ساعدتني ان اهرب من خوفي وأوافق عشان احقق رغبتك .."
.................................
أنت تقرأ
صماء لا تعرف الغزل (بقلم وسام الأشقر)
Romanceتضحيات صغيرة تصدر منا تشكل فارقًا كبيرًا في حياة الآخرين ..ولكن عند تقديمها يجب معرفة هل ستستطع مواصلة حياتك بهذه التضحية ام ستظل عقبة لاستمرارها....فعليك ان تختار!.....