الفصل الثاني والثلاثون........
....ليصدم من حديثه ويترك ملابسه باعين دامعة :
"انت اكيد بتقول كده عشان تحرق قلبي عليهم ..."
يامن بابتسامك باردة :"انت اللي حرقت قلبك بإيدك ...عموما قسيمة الجواز موجوده لو حابب تشوفها ..."
ليفوق يوسف من صدمته ويندلع بقلبه نارا وهو يتخيل ملامسة أخيه لزوجته وحبيبته فيلكمه لكمة قوية نزف يامن عاي اثارها وتناوب عليه بالسباب واقذع الألفاظ واستمر العراك بينهما حتي سمعا صوتًا مدويًا اخترق سبابهما مع تهشم مزهرية كريستال خلفهما الي قطع صغيرة فينظر يوسف الذي كان يعتلي أخيه مستعدا لتسديد له اللكمات إليها بذهول مع رعب يامن ليدفع يوسف عنه بقوة ويقف أمامها متوسلا إياها وهي موجه فوهة السلاح اتجاه يوسف بايدي مرتعشة واعين زائغة ليقول يامن بقلق :
"اهدي ياغزل ..مافيش حاجه حصلت ..انا كويس ..ده خلاف بسيط اهدي وهاتي المسدس ده ..."
ليلاحظ ارتعاشها وازدياد انتفاض جسدها وكان يظهر عليها انها كانت تحارب احدي نوباتها التي تداهمها احيانا نتيجة لأي ضغط نفسي مفاجئ...يحاول الاقتراب منها بهدوء حتي يستطع جذب السلاح منها قبل ان تنطلق رصاصة اخري تصيب هدفها ...فيرفع كفيه أمامه مهدئًا إياها يقول:
"غزل ..بصيلي ..انا يامن مافيش اَي مشكلة ..ده خلاف بيني وبين يوسف ..يوسف اخويا مافيش خوف منه ..."
ليسمعها تهمهم برعب واهتزاز متزايد كلمات مبهمة فيسمع اصطكاك أسنانها وتعرق وجهها مع ازدياد ضربات قلبها وضيق تنفسهاوعند لحظة الوصول اليها ونجاحه في سحب السلاح من بين أصابعها بنجاح .بدأ جسدها في الانهيار الذي كان يخشاه ليحتضنها بقوة مسطحًا إياه ارضًا بطريقة احترافيةليعتليها ويقوم تثبيت جسدها المرتجف يظهرلمن يراه انه معتاد علي التعامل مع هذه النوبات ..فيسرع في نزع غطاء رأسها ليظهر من تحته شعرها البني المعقوص .حتي يساعدها علي التنفس ويضم ذراعيها امام صدرها ويحتضنها من الخلف ليلزق ظهرها بصدره يشعرها بالأمان ويبث الطمأنينة بقلبها حتي يضمن انتهاء النوبة ..كل هذا تحت اعين مراقبة لهما بذهول ممزوجة بتوتر وخوف عليها رغم ضيقة من هذا المشهد فيسمع صوته ينادي بعنف علي خادمته يطلب منها شيئا ما يجهله بلغتها فتهرول من أمامه برعب لتعود بعد ثواني معدودة بشئ ما ..اتضح بعد ذلك انه بخاخ ليساعدها علي التنفس ...يجد نفسه غير قادرًا علي الصمود فقد حل الإرهاق والأسي علي وجهه فيتراجع ببطء ليجلس علي اقرب كرسي بجسدٍ متعب منتظرا الكثير من الأجوبة التي تريح قلبه وعقله ......
........
مرت ساعة كاملة علي وجوده بالغرفة حث نفسه علي التماسك والثبات حتي لايصعد الي غرفتها ويعرف مايحدث بداخلها منذ ان حملها يامن أمامه تاركا إياه بدون كلمة وهو يقاوم رغبته في الصعود ويحدث مايحدث ......بعد لحظات بدأ يشعر انه مراقب من مكان ما ليرفع عينيه فتقبض علي جوز اعين رمادية تراقبه خلسة من خلف الحائط فيضيق عينيه اكثر ..ليجدها طفلة صغيرة تنظر له بخوف ثم تخفي حالها مره اخري خلف الجدار ..فيظن انها تابعة للخادمة لتعتلي الابتسامة وجهه ويرفع يده مشيرا لها بدعوة منه ..فيجدها متخوفه من التحركً..فيفكر في طريقة تجعلها تأتي له ليقول :
"ممكن تجيبي لي عكازي الواقع عندك ؟....."
تنظرر ببراءة لما يشير له وتجري بأرجلها الصغيرة وتحمل بيديها الصغيرة ما أشار اليه وتخطو بخطوات متعثرة وتصل إليه ..يشكرها علي مافعلت فيتأمل ملامحها عن قرب من بداية شعرها البني الطويل لاعينها الرمادي وبياض بشرتها الثلجي المشبع بالحمرةويحملها علي أرجله لتكون في احضانه ليقول :
"اسمك ايه؟!....."
فلا تجبه فيظن انها لا تفهمه...ليتفاجأ بقولها:
"بيسو..."
.يبتسم لإجابتها فيكمل:"بيسو اسم جميل ..مين اللي سماكي الاسم الحلو ده ؟!..."
لتجيبه وهي تداعب لياقة قميصه دون النظر اليه :"بابي ..."
يوسف بمداعبة لشعرها :
"تعرفي ان اسمك حلو اوي ..بس انتي شطورة بتتكلمي عربي كويس ...مين علمك بقي ؟!..."
قبل ان تجبه وجدها نزلت من فوق أرجله وتركض وتهلل:"بااابي ....."
حتي وصلت لأرجل يامن متشبثة به فرفعها بدوره واحتضنها لتقول بطفولة :
"هي مامي نامت تاني ...ومش هتلعب معايا.."
.فيبتلع يامن ريقه بصعوبة ويرفع .نظره ليوسف المصدوم من الواضح انه يوم الصدمات العالمي ...ليقول يامن لبيسان :
"معلش يابيسو انتي عارفة ان مامي تعبانة ..اتعرفتي علي عمو يوسف !!...."
فيقترب بخطوات متمهلة ليقف أمامه بتوتر :
"اعرفك بيسان .....بنتي ووو..بنت ..غزل ...."
ويقطع تفكيره قبل ان تندلع النيران في حدوث الطفلة ليقول:
"احنا مش هينفع نكمل كلامنا هنا ..يستحسن نكمله بره ..."
ليأمر يامن عائشة بأخذ بيسان من يديه ويراقب توديع بيسان لاخيه بطفولة ولكن الاخير لا يبدو عليه انه لم يسمعها بسبب شروده فيما صدمه..........
..................................
يصعد الدرج يجر نفسه بإرهاق بادي عليه فمنذ الصباح لم يذق للراحة طعما ..كان اليوم ملئ بالأحداث الغير مرحبة له ...يناجي فراشه لعل جسده يأخد بعض الراحة ..ليزداد دوار رأسه ويشعر انه يصعد جبلا منيعا وكأن هذا الدرج ازداد طولا كهمومه الغير منتهية ...بعد انصراف أخيه ...ومواجهتهما وأخباره بحالة غزل التى آلت اليها ا ...وطلبه منه الابتعاد و تركها لحياتهاالجديدة فهي زوجته ولن يسمح له بالاقتراب منها........ .كان عليه الا يقبل دعوة تلك المرأة لتناول المشروب المُسْكِر كتحية منها له ..لعلها احدي مريضاته ..ولكن بعد تناول اول كأس أراد المزيد والمزيد ..وهو ليس من عاداته تناول الخمور فهذه اول مرة....حتي شعر ان عليه التوقف....فيصل اخيرا لحجرته ويدفع الباب ويضئ الإنارة ويدخل ليلقي جسده علي الفراش ويقوم بتحرير أزرار قميصه ويرفع يديه بإرهاق واضعا رأسه بينهما ...ليجد من تدخل مندفعه اليه لتجلس أمامه علي ركبتيها بقلق وتقول بصوت مهزوز:
"ايه اللي اخرك كده ؟...انت كنت فين كل ده ؟!...انا كنت هموت من القلق عليك ..."
ليبتسم وسط حزنه يسألها:"انتي ايه اللي مصحيكي لحد دلوقت !..مش المفروض يكون المهدئ منيمك؟!..."
غزل بلوم من كلامه:
"انت بتهرج يامن ...بقولك كان هيجرالي حاجة من القلق عليك ...."
لترفع نفسها وتتمسك بأطراف قميصه المفتوح لتكمل بتساؤل:"انت مخبي عني ايه تاني يامن ؟....البني ادم ده فعلا اخوك ..كان بيتخانق معاك ليه "
فيرفع أعينه لتصطدم بأعينها العسلية ويسرح بيهما ..كأن لأول مرة يلاحظ سحرهما وحلاوتهما ..
ليقول هامسا:"مافيش حاجه مخبيها عليكي......"
ويرفع أنامله يمررها فوق وجنتها فيلمس نعومتهما ويزداد تورد وجهها .قائلا:
"انتي عارفه ياغزل ..انتي شبه ايه ؟...شبه (غَزْل البنات)..بس بالفراولة ..كنت دايما كل ما اشوفك احس ان غزل البنات حل عليا بس دايما كان في حاجه ناقصة اللي هو الفراولة...تخيلي يكون طعمك غزل بنات بالفراولة ..!!!!.."
لتقول بخجل من كلماته :"فراولة !!!.انا ؟!!.."
فتشعر بدغدغة تسري بروحها من غزله بها ولكن يشوب هذه السعادة بعض القلق من حالته وتشم رائحة نفاذة صادرة منه لتسأله:
"هو انت سكران ؟.....انت من انتي بتشرب؟
..ااانا هقوم اعملك فنجان قهوة يفوقكً عقبال ماتاخد حمام سخن ..."
تتحرك خطوة الا ان يده التي قبضت علي كفها لتعيدها فتسقط بأحضانه الدافئة وتستقر فوق ساقيه وتخرج منها شاهقة عالية من تصرفه ..وقبل ان تعترض تسمعه يقول:
"ماتروحيش في اَي حته خليكي جنبي ؟...مش ده اللي كنتِ بتتمنيه !!..."
فتحاول تمالك نفسها وتهدئ من ضربات قلبها المتلاحقة وتعترض لتجدأصابع يده فوق شفتيها مانعا أيها عن الاعتراض ...وتجد كفه الأيمن يرفع ليستقر خلف عنقها واليد الاخري تتحرك علي شعرها وظهرها مع اقتراب انفاسه المُحبّبة لها فتغمض عينيها لتغوص فيه ولا تستيقظ من حلمها ...ليلتهم ثغرها بقوة كأنه يعوض سنين حرمانه منها لم يتركها الا طلبا للهواء ليكرر مافعله مرة بعد مرة فيشعر ذراعيها تلتف حوله وتهمس باسمه في لوعة ..لم يجد بدا الا ليحملها لتستقر فوق الفراش وهو معاها ليتسأل وسط انفاسه اللاهثة :
"ممتأكدة انك مش هتندمي ..علي اللحظة دي؟.."
.لتجيبه بهيام :"عمري !!!!...."
ليقوم بتقبيل وجهها بنهم من أعينها لوجنتيها لفمها بقوة مع تحريرها من ملابس نومها ليتلاحما جسدهما العاري ويغرقها معه في أحلامه ومتعته المحظورة عليه منذ سنوات
........
..........
لحظات تمر علينا نظنها اسعد الأوقات وأمتعها وكلما ازداد حرماننا ازاد اشتياقنا وسعيينا خلفها وتذليل كل عائق يواجهنا ..مع دهس القليل من المبادئ وتسكين ضمائرنا من اجل متعة غاياتنا لنجد أنفسنا نخسر احبابنا قبل أنفسنا .......رغم انها لم تكن سوي لحظات!!!....
....................
مستيقظة تحاول لملمة مشاعرها المبعثرة بعد هجماته العاطفية الجديدة عليه و التي انجرفت معها باستسلام ....تحاول تنظيم طريقة تنفسها المتوترة حتي لايشعر بها ...لا تعلم كم مر من الوقت وهو بجوارها مراقبا لها كأنها لوحة فنية تشعر بنظراته تخترق ظهرها العاري ..تناجي ربها ان يتحرك او يخرج من غرفته حتي تستطيع التحرك والبحث عن ملابسها..فبعد ماحدث بينهما... تخجل من مواجهته كيف تظهر له كإمرأة تفتقد العاطفة وتشحذ الحب والاقتراب ...ليتصلب جسدها عندما سمعت صوته الرجولي الآمر:
"قومي ياغزل ...انا عارف انك مش نايمة ....."
تبتلع ريقها بصعوبة بسبب خجلها مما حدث ولم تقوَ علي مواجهته فتشعر بأصابع كفه يمر فوق كتفها العاري فتلعن ضعفها للمساته وتجد جسدها يسحب بقوة ليلتزق ظهرها بصدره العاري ويطبق قبلة فوق عنقها ليقول آسفا:
"انا اسف ...علي اللي حصل بينا ....صدقيني مقدرتش ...في حاجات كتير انتي مش فاهماها مانعة انك تكوني ليا ...صدقيني لو كان الوقت غير الوقت كنت هبقي اسعد إنسان في الدنيا ....."
غزل بأسى واضح:
"يامن هطلب منك طلب اعتبره طلبي الاخير"
..فتستلقي علي ظهرها لتواجه عينيه حتي تري ردة فعله :
"رجعني ...لازم ارجع بلدي....."
لا يعلم اهو إقرار لا مناقشة فيه ام طلب منها ليقول بصدمة :
"انتي اكيد اتجننتي ...."
لينتفض من جوارها يبحث عن ملابسه ويرتديها بغضب مستعر قائلا :
"بقي انا بحاول احميكي من كل حاجة وموقف حياتي عليكي .. وأخسر اقرب الناس ليا ..حتي ..حتي باحميكي من نفسي وانتي عايزة ترجعي للخطر برجليكي...قوليلي سبب يخليكي تطلبي ده سبب واحد...."
غزل بألم :
"لازم افتكر ..حقي!!!!.."
فيمسكها من ذراعيها بقوه صارخا:
"ليه !!!..هتستفادي ايه لو افتكرتي ..غير انك هتتعذبي وتتألمي وتندمي ...انت كده افضل .....هتستفادي ايه؟!..."
غزل بقوة:"انت!!!!..."
"انا!!!!"
"ايوه انت ..انت مش عايش حياة بتاعتك ..انا مابقتش عارفة انت يامن اللي وقف جنبي ولا ابن عمي ولا جوزي...كل يوم بيعدي بيأكدلي انك عايش دور مش دورك ...."
يامن بغضب :
"مافيش سفر ياغزل وده اخر كلام عندي .."
غزل بتحدي :"بصفتك ايه بتمنعني ؟!..."
.يامن بسخرية:"بصفتي جوزك ....."
لتختفي من عينيه نظرة السخرية عندما لاحظ نظرة غريبة عليه منها فتقول :
"متأكد؟؟..."
فيفهم مقصدها علي الفور ..يقترب منها جالسًا علي ركبتيه ممسكا بهايقول ناظرا لاعينها المتحدية :
"لو كان اللي فهمته هو سبب قرارك المجنون ..انا مستعد تبقي مراتي دلوقتي حالا لو ده هيخليكي تتراجعي عن اللي في دماغك .."
فيحاول ضم جسدها لصدرة وتقبيلها لعلها تتراجع عن افكارها فتدفعه فقوة غريبة عليها وتقول :
"لا .......انا لما احب أكون مراتك فعليا مش هيكون بقرارك انت ..بعد كده هيبقي قراري انا ...."
يامن بتساؤل :"يعني ايه ؟...."
غزل بتحدي جديد:
"يعني هرجع ...ولازم اعرف انت مخبي ايه ..وساعتها هيكون اختياري انا ..بايدي انا ..مش انت ......"
..............
في سيارة خاصة التي تفاجئا بانتظارها لتقلهما من المطار بتوصية خاصة من أخيه ..فيبلغه السائق بضرورة التوجه الي الفيلا لاستقبالهما ..رغم اعتراض يامن الشديد الا انه لاحظ اصرار أخيه المخيف اتوجههم اليها بدلا من الفندق ..فيرضخ عندما علم بانتظار أفراد العائلة لاستقبالها بعد غياب.....يشاهدها تتطلع من نافذتها علي الطرقات وتضم لاحضانها بيسان الغافلة ليقول بصوت أجش:
"لو خايفة او تراجعتي احنا ممكن ننزل في اَي فندق و..."
تقاطعه بالرفض:
"لا ..كده افضل ..لينا كلنا ..بس ماتسبنيش خليك جنبي ..."
يبتسم بمرارة:
"ماتخافيش انا معاكي ..وفي وقت حسيتي انك مش قادرة تكملي هنرجع .....يلا قربنا !!...."
.............
في حالة من القلق والشحنات الكهربائية المنتشرة بالأنفس الموجودة بالحجرة ...ونظرة اللوم الموجهة ليوسف الذي يعتلي وجهه الحزن والألم شاردا غير مهتما بالموجودين ..اختار لنفسه ابعد مكان للجلوس والمراقبة عن بعد وكل فرد ينظر الي الاخر بترقب ..لا يعلموا شيء عن حقيقة الرسالة النصية التي ارسلت لهم جميعا بضرورة الحضور لاستقبالها..فبعد انتشار الخبر بوجودها مع يامن إنتابهم الذهول من قدرته علي إخفائها كل هذا الوقت .....
في لحظة وقف الكل في ترقب لدخولها بعد سماع صوت جرس الباب وتهليل هناء وترحيبها لهما ..كانوا يظهروا للعيان كأنهم أعجاز نخل ثابتة باعين ذاهلة ..يدخل يامن بين ذراعه بيسان الغافية بهدوء ناظرا لهما بصمت كأن علي رؤوسهم الطير ...
لتقول ملك باعين مدمعة:
"يامن حبيبي....."
وقبل ان تتحرك لاحتضانه تنحي جانبا لتظهر من خلفه الزهرة الندية ...معذبة القلوب بفستانها الطويل الأبيض المنقوش بزهور صغيرة مع سترة من الجينز قصيرة وحجاب يغطي رأسها ..كانت طلتها بعد هذه السنوات رقيقة ناعمة بل اكثر نعومة آسرة للقلوب والأعين المشتاقة ..لم يخف عن الكل توترها وهروب أعينها عنهم وإلتصاقها بيامن الممسك بكفها بخوف .......ليتقدم محمد مندفعا غير مصدقا رافعا يده لاحتضانها :"غزل !!!..."
.الا ان انكماشها وتراجعها المفاجئ له ولهم منعه من التقدم ..ليقول يامن ملطفاً الأجواء محتضنها بذراعه:"معلش ..غزل متوترة شوية. ....ازيك انت يامحمد ......"
............
تجلس ملتصقة به كالطفل التائه الملاصق لأمه تحت اعين صقرية منكسرة متألمة مراقبة لكل حركاتها بحذر وخوف ..خوف ٍأن يقبض متلبسًا
بفعله ..ليلاحظ عند رفع عينيه مراقبة أربعة أجواز من الأعين له ..ثلاثة منهم يراقبونه بأسي وشفقة علي حاله ...بعد علمهما بزواجها من أخيه والإنجاب منه
كانت اعين ملك اخته وشادي صديقه ومحمد أما الرابعة فنظرتها مختلفة نظرة يامن له كالذي يوصِل له رسالة تحذيرية بعدم تخطي حدود منطقته الخاصة(غزل).....
ليقول بصرامة مزيفة وهو يستقيم في وقفته مستندا علي عصاه :
"انا خليت هناء تجهزلكم الاوض اوضتك انت وغزل زي ماهي والبنت هتنام في أوضة ملك ...ياريت تطلع تستريح عشان عايزك ..عن اذنكم "
ملك بارتباك :
"انا كمان همشي عشان اتأخرت علي غزل الصغيرة ...هجيلكم تاني مع جاسر ..."
شادي بتعب:
"طيب ياجماعة هنمشي كلنا عشان تقدروا تستريحوا يلا يامحمد ...."
فيودعها محمد بنظرات لائمة لم تفهمها لينصرف الجميع ويبقي يوسف ويامن وغزل ...
ليقول :"وصّلها لأوضتها انا خليت هناء تحط شنطها فيها .."
ليقول يامن مع تقريب غزل له بتحدي :
"مراتي مش بتنام بعيد عني ..انا طالع اوضتي وتبقي خلي هناء تبعت شنطها عندي ..عن إذنك ....."
يتحرك يامن وغزل ومعهما ابنتهما تاركين يوسف المهزوم متهدل الاكتاف ..يشعر بخنجر مسموم يُدق بقلبه كل لحظة ..فيُصبر نفسه بأن هذا أسلم عقاب لأخطائه السابقة
..........
ملك بحزن وبكاء :
"مش قادرة اوصفلك منظره عامل ازاي ياجاسر ..ده مش يوسف ابدًا..كلنا كنّا متحاملين عليه وقاطعناه ..المفروض اننا نشمت فيه ..بس اللي شوفته انهاردة واحد مطعون من اقرب الناس اليه ..."
جاسر يتنهد قائلا:
"الحقيقة اللي حكتيه ده مش قادر استوعبه ..يامن يتجوز مرات اخوه ويخبي علينا كلنا ...لا ويخلف بنت منها ...يامن ده طلع مش سهل ..."
ملك بلوم مدافعة:"ماتقولش كده علي يامن ...في حاجة حاسة انها غريبة بس اكيد هعرفها ..غزل مش بتتكلم معانا خالص كأننا غُرب عنها ..وبصراحة ماسكتها في يامن دي مش طبيعية ...."
جاسر :
"طيب عقبال ما تبحثي وتفكري ..أكون انا نمت عشان عندي شغل بدري ....تصبحي علي خيرات ....."
ملك :"نام ياجاسر نام ..ماهو ده اللي فالح فيه من ساعة ما اتجوزنا نام ياحبيبي"
..............
.........
مر شهرًا علي وجودها بالمكان تشعر ببعض الألفة من تواجدها فيه ..وتوالت زيارات ملك ابنة عمها لمساعدتها علي التأقلم من جديد بعد ان علمت بحالتها ...ولكن الحق ان يقال الجميع يبذل جهدا عاليًا حتي يفروا لها سبل الراحة ومساعدتها علي تذكرهم شخصًا شخصًا.....ولكن هناك شخصًا بعينه يزيد اضطرابها دائما رغم عدم محاولته للاحتكاك بها او التودد لها مثل غيره قليل الكلام معها ..لا ينظر لاعينها عند حديثه ..علي عكس ماصدر منه في زيارته المفاجئة التي انتهت بنوبة من نوباتها التي تمقتها ...فهو بمكتبه او حجرته دائما او بمكانه السري يحاول الهروب منها خصوصا مع وجود يامن معها ولا تعلم السبب أليست ابنة عمه ايضًا
ام هناك سببًا اخر تجهله ...عندما سألت ملك عن زوجها الاول وعن اسمه ارتبكت واختلقت اعذارًا واهيةًللانصراف لماذا الكل يحاول الهروب من أسئلتها بخصوص ذلك ....
.........
تسمع صوت طرقات الباب فهي في غاية الإرهاق ولا تعلم لما حل عليها التعب ..وتكتشف بعدها فراغ الفراش بجوارها علي مايبدو ان يامن قام بالانصراف مبكرًا ...فمدة الشهر كان يلازمها كظلها لايتركها إلا لدخول دورة المياة أو النوم ...يخاف من شيء لا تعلمه ..دائمًا متحفز للعراك ..علاقته باردة بأخيه ..رغم أن الأخير يحاول توفير سبل راحتهم بكل السبل ..تستقيم لتخرج من فراشها بقميص نومها الكريمي الناعم وشعرها المشعث علي أكتافها ووجهها ..فيطرق الباب مرةاخري ليراها تفتح الباب مغمضة العينين لاتستطع مقاومة النوم ويدها علي مقبض الباب..فتتسارع انفاسه من رؤيتها فهذا الشكل المهلك لأعصابه ..فيذكر نفسه بأنها زوجة أخيه ولا تحل له فيسرع بإشاحة وجهه عنهاويسمعها تقول :
"خلاص صحيت ....كل ده خب........."
لتصرخ وتغلق الباب بسبب رؤيتها ليوسف تقول لنفسها:
"انا غبية غبية ..ازاي افتح بالشكل ده ..بس هو ماشفنيش الحمد لله ..ولا شافني ؟!....انا مش عارفة ... مصيبة لو شافني ."
لتقول بحرج :"ايوة !..كنت عايزة حاجة؟...."
.فيقول وهو يظهر جديته بالحديث:
"لقيتك اتأخرتي في النوم قولت اصحيكي عشان تفطري ....ااانا نازل وابقي حصليني...."
فتلطقت انفاسها وتؤكد لنفسها عدم رؤيته لها لتصعقها كلماته يقول بجفاءمحذرًا:
"غزل !!!.بعد كده ماتفتحيش الباب وانتي بالشكل ده ..فاهمة؟؟؟....."
وينصرف دون انتظار ردها .......لتقول بهذيان :
"شافني ..يانهاري ...شافني !!!...."
..............
ارتدت فستانا قطنيا مع حجابها تبحث عن اَي فرد في غرفة الطعام ولكنها تجدها خالية الا انها استمعت إلي أنغام صادرة من مكان ما حتي اكتشفت مصدرها لتتجه الي المطبخ ..فتجده امام الموقد بملابسه البيتية يدندن مع نغمات هاتفه :
و أنا اللى طول عمرى بقول الحب عمره طويل
أنت تقرأ
صماء لا تعرف الغزل (بقلم وسام الأشقر)
Romanceتضحيات صغيرة تصدر منا تشكل فارقًا كبيرًا في حياة الآخرين ..ولكن عند تقديمها يجب معرفة هل ستستطع مواصلة حياتك بهذه التضحية ام ستظل عقبة لاستمرارها....فعليك ان تختار!.....