الفصل الثالث والثلاثون
......................
تجلس أمامه بنفس هيأتها منذ سنوات ولكن بها شي مختلف في شخصيتها في طريقة حديثها في اسلوبها لتقول :
"طلبت تقابلني ...."
ليبتسم بثقة قائلا:"كنت محتاج اشوفك ....وأتكلم معاكي...واشكرك شكر متأخر..."
لتبتسم قائلة:"اتكلم انا سمعاك"
يامن وهو يرتشف القهوة:"مستعدة تبقي معايا؟....."
.........................
وقفت حائرة وسط الحجرات بيدها فنجان القهوة التي قامت بإعداده له لا تعلم أين حجرته نومه لتحدث نفسها قائلة:
"ايه الغباء ده انا مش عارفة اوضته فين؟.....طيب دي اوضتي انا ويامن... وبيسان بتنام هنا فاضل تلت اوض انهي فيهم ..لتجرب فتح اول غرفة فتجدها ذات طابع كلاسيكي قديم يظهر عليها ان لا تستخدم من فترة ..لتنتقل للغرفة الثانية.فوقفت عدة دقائق مشدوهة من جمالها وهدوء ألوانها كغرف نوم المتزوجون حديثًا.. وتتقدم بخطوات ثابتة مع تعلق نظرها علي الفراش المفروش بغطاء حريري وردي لتقع عينيها علي قميص نوم متروك أعلاه فتتلمسه باصابع مرتعشة تشعر بشعور غريب عليها كأنها شاهدت هذه الغرفة من قبل .فتسند القهوة علي الطاولة المجاورة للفراش حتي وصلت الي منتصفها وأعينها تجوب يمينًا ويسارًا براحة لم تشعرها حتي بغرفة يامن .فتقع أعينها علي خزانة الملابس وتفتحها بفضول وتدهش من رؤيتها للملابس الأنثوية المعلقة به ..ثم تتجه الي طاولة التزيين وتجلس أمامها علي المقعد المخملي لتواجه صورتها فتبتسم وتبدأ بالعبث بمحتوايتها من عطور وأدوات تجميل لتصل يدها الي قنينة ذات عطر رجالي ترفعها الي أنفها لتزكمها رائحتها الخطرة بقوة وتجعلها تشعر بالدوار والضيق فتتراء بعض المشاهد المبعثرة أمام أعينها مشاهد كثيرة متداخلة لا تعرف معناها ...عند فتح أعينها وقعت عينيها علي انعكاس صورته بالمرآة لتشهق عاليًا وتسقط القنينة أرضًا لتتهشم لأجزاء فتفوح رائحتها بقوة..وتقف مهتزة بخوف قائلة:
"ااانا آسفة إني دخلت الأوضة من غير إذن ..كنت بدور عليك عشان ...القهوة ..."
فتلاحظ ثباته كأنه لم يسمعها ..جلست علي قدمها تلملم زجاج القنينة رغم ضيقها الذي بدأ في التزايد من رائحتها من المؤكد ان هذه الغرفة خاصة به لذا فهو غاضب بشدة تريد الهروب من أمامه لتأمن بطشه فتجده ينحني حتي اصبح بمستواها يمسك كف يدها بحنان بالغ قائلا:
"سيبي الازاز هيعورك ...كدة كدة كان لازم الازازة دي تنكسر من زمان ..اصلها هههههه مكنتش عاجبة ناس عزاز عليا .."
لتضحك علي ضحكة لتقول مداعبة :
"اقولك سر "..
فتبتسم أعينه لضحكها ويحثها علي الاستمرار ...
لتقول هامسة :
"احسن انها انكسرت هههه اصلها رحتها بشعة أوي ..."
تصدر منه ضحكة خشنة طويلة حتي دمعت أعينه من كثرة البكاء حتي ارتبكت لاتعرف هل يضحك ام يبقي فعينيه مملوءة بالحزن رغم ضحكه لتسأله:
"أنت بتضحك ولا بتعيط ؟"
يجيبها بابتسامة غريبة تؤثرها :
"بضحك ..مابقاش في حاجة تستأهل البكا "
فيكمل وهو يجمع الزجاج المتهشم يقول:
"عجبتك الأوضة؟!....."
فتجيبه باهتمام واضح :
"اوي ..حسيت براحة فيها ..هي بتاعتك؟..."
فيرفع عينيه عليها متأملا عينيها وحجابها ووجنتها الوردية التي أشبعها قبلات حارقة في وقت سابق يقول:
"ايوه كانت اوضتن...اوضتي ..."
لترفع حاجبها مستفهمة:
"بس انا لقيت لَبْس حريمي هنا وبرفانات ؟!!..."
تراه يستقيم في وقفته وبيده الزجاج المكسور ويتجه لإلقائه في سلة القمامة ويقول:
"اوضتي انا ومراتي .."
تقترب اليه بفضول :"مراتك !!...هي فين ؟...وليه ماشوفتهاش ...انا اول مره اعرف انك متجوز..."
يجيبها باختصار:"احنا منفصلين ...."
تتأثر من كلماته لانها ترى بيعينه الحزن فتكمل:
"ليه ؟...انت شكلك بتحبها اوي بدليل لسه محتفظ بحاجتها في الأوضة ...."
ينظر لها ويقترب خطوتين بعرج واضح يقول:"عشان أذيتها ..وألمتها ..وغدرت بيها...ونفسي تسامحني ...."
فتشجعه ظنًا منها انها تساعده:
"حاول تتكلم معاها واعتذرلها ..لو بتحبك هترجعلك ..."
يوسف بألم :"للاسف اتجوزت ..وانا مش عايزها تتألم اكثر ماهي أتألمت كفاية عليها العذاب اللي شافته معايا ..جوزها احق مني بيها...."
لتقول بشبه بكاء:"أنا ..مش عارفة لو مكانها هعمل ايه بس كنت اكيد هسامحك ..كفاية حبك ليها ...."
فتراه يرفع كف يده ويضعها علي وجنتها اليسري ممر إبهامه يمسح دمعة متمردة سقطت و يقول:
"تفتكري في يوم هتسامحني ؟!...."
لتهز رأسها بالموافقة تشعر بمشاعر غريبة مع قربها منه مشاعر متضاربة ..هل كانت علاقتهما مجرد ابن عم مع ابنة عمه فقط ..من الواضح كان يوجد ألفة سابقة بينهما ...
..............
جلست بشرفة الحجرة ليلا مستمتعة بنسمات الليل الخريفية بيدها رواية باللغة التركية وبجوارها كوب من الشكولاتة الدافئة لعلها تهدي من تقلصاتها التي تزداد كل حين وآخر بسبب قرب عادتها الشهرية .. تاركة يامن يغوص في احلامه بعد حضوره متأخرًا مع تقديم اعتذاره لتركها هذه الفترة وحيدة ...وأثناء اندماجها رفعت نظرها للحظة لتري مايتحرك في حديقة الفيلا ليلا تحت الإضاءة الخافتة فتجده يوسف متجهًا خلف الفيلا ...تتحرك بهدوء حتي لاتقلق راحة يامن وتمسك وشاحها تلفه بعشوائية علي شعرها لقد عزمت علي النزول لتطلب منه اقتراض بعض من الكتب من مكتبته الخاصة ...
....
ظلت تبحث عنه في ظلام الحديقة بخوف فشاهدت شي ما من بعيد كملحق خاص للفيلا معزول عنها جدرانه زجاجية شفافة تظهره من خلفها يتحرك بإريحية فتتشجع للتحرك حتي وصلت الي الباب لتراه مستلقيًا فوق الأريكة علي جنبه الأيسر منكمشا يحتضن شيء ما وتصدح أنغام الموسيقي الشرقية فتأثرها كلماتها وتشعر بألم بقلبها لا تعرف سببه لتجد المطرب يقول بتأثر مع ظهور صوت يوسف المتحشرج موازيًا للمطرب لينطق كلماتها بشجن بالغ :
أنت تقرأ
صماء لا تعرف الغزل (بقلم وسام الأشقر)
Romanceتضحيات صغيرة تصدر منا تشكل فارقًا كبيرًا في حياة الآخرين ..ولكن عند تقديمها يجب معرفة هل ستستطع مواصلة حياتك بهذه التضحية ام ستظل عقبة لاستمرارها....فعليك ان تختار!.....