ادعي ليحيى يانغم .....
يحيى في غرفة الكشف الباب مقفول و عندو شباك من زجاج ... سمح لأهلو يشوفوه ممدد لا حول له ولا قوة الاطباء و الممرضات بتخبطو حولو ... الاجهزة طنينها مسموع .... و الخوف سيد الموقف ..
أم بتعاين لضناها ... عاجزة ... ماقادرة تخفف عنو وجع آلامها أتقل من آلامه بإطنان ... العذاب الفي قلبها اتجاوز عذابه بأميال .... بتعاين من ورا القزاز و الدكاترة ملتفين حوله .. اتذكرت يوم ولادتو .. نفس المنظر مع اختلاف المشاعر و الزمن ... هناك كانت سامعة صرخات بكاءه مع إبتسامات فرحتها بيه .. هناك الناس بتبارك ليها المولود وابوه مبسوط بوزع القروش والحلويات ... اما الان الناس بتواسيها و تصبرها ... جا في خيالها الاحلام الكانت بتحلمها... اول يوم ليو في الروضة و هو ماسك طرف توبها ببكي خوف من العالم الجديد .... حكاويها ليو قبل النوم و هو فاكر نفسو الشاطر حسن و بعرس فاطمة السمحة .... ابتسمت ... اتذكرت لما كان بغلط ويجي يتخبى ورا ظهرها يحتمي بيها من ابوه ... الجلابية الاشترتها ليو يوم العيد ... دخلتو عليها المطبخ لما يبوس راسها و يغفلها يسرق لحمه من حلة الملاح ... اول يوم دخل الجامعة ... وداعها ليو المشبع بالدعوات ... و اللمه مع اصحابو للقراية ... جوطتهم في المطبخ بعملو فتة فول .... و هو يشاكلهم مايكترو الزيت عشان مابحبو ... تجي تطردهم من المطبخ و تكلم البت الشغالة تجهز ليهم العشا ... تقول ليها ماتعملي زيت ولدي مابحبو ... يوم حنة التخريج ... لما حننتو و متمنياها حنة عرس ...لما لبسها روب التخرج و الطاقية ... متذكرة رقصتو بغني ليها ... أمي الله يسلمك ... خاتي يدو على كتفها ببشر لأصحابو اتمنت تشوف نفس اليد تبشر والحريرة مربوطة فيها ... عروسو بتوب الجرتق واقفة جنبو ..... كلها احلام راودتها و لسا في امل الحلم يصبح حقيقة ... غمضت عيونها المليانة دموع بتدعي ربها يخفف وجع قلبها و آهاتها مسموعة ... ابوه قعد جنبها قال ليها ... ام يحيى خلي البكا .. ادعي ... دعوات الام مستجابة .... بصبر فيها و في الحقيقة حالتو ما أحسن من حالتها ... خوفو على حتة من قلبو ... موجوع ... مسلوب الاردة .. ماقادر يساعدو .... لا القروش الكان بتعب ليها .. يشتغل ليل ونهار عشان يوفرها ليهم يقدر يجيب بيها لولدو دوا ...... اصل الصحة و العافية ما ليهم ثمن ... وقف بعاين ليو .. يمكن يتحرك ... احتمال ينطق اسم او يسمع صوتو يناديه زي زمان ... لما يقدر يفتح باب الشارع و هو بنهرو خليك راجل و افتحو .... لما يجيب كراس الرياضيات يحل معاه مسألة و يشاكلو لانو ما حافظ جدول تسعة ... ولا لما كان بصحيه لصلاة الفجر و يتكاسل .... وقت يلعب مع ياسر اثناء خطبة الجمعة .... لما يسوقو معاه يختارو خروف الضحية .... اتذكر فرحتو لما ذاعو اسمو في اعلان نتائج الشهادة السودانية ... اول يوم في الجامعة و وصاياه ليو ... اهتم بقرايتك ماتنسى تربيتنا و ما تلعب ببنات الناس اعتبرهم اخواتك و خليك راجل ... لحظة التخريج لما بارك ليو فرحتو بأنو اخيرا بقى السند الطول عمرو بحلم بيه بعاين ليو راقد على سرير المستشفى غايب عن الوعي منتظرو يقوم يسندو ..... ابو يحيى حيلو ماشالو قرب يقع .... جا ياسر ثبتو و قعدو على الكرسي بطمن في امو وابوه لا عارف يطمنهم ولا عارف يطمن نفسو ..... عينو على رفيق الدرب بصارع الحياة .... بقول ليو قوم يا اخوي انت قدها ... قوم اسمع كلامي مامتذكر كلامك لي زمان ؟ ... لما اقع بترفعني تقول قوم احنا رجال لا بنقع لا بنبكي ... تتذكر وقت الدافوري لما يكسروني تغمز لي و نخربها .. ناخد حقنا و نرجع البيت مضروبين لكن بنضحك ... قوم عليك الله ما تشيلني همك ياريت نرجع لأيام أكبر همنا نخرت بيلي ... خليك معاي ماتسيبني .. عايز تسيبني وين ... دايما واقف معاي و بتحميني ... تتذكر لما بهظر مع صاحبي و بالغلط كسرت قزاز المدير ... انت قلت انها غلطتك و جلدوك بدالي ... قوم يا بير اسراري احكي لمنو مشاكلي ماعندي غيرك يااخوي ...
نغم بتعاين لأسرتو بتتقطع وجع ... و هي الوجع قطعها ... خوفها على أعز الأصدقاء ... على أطيب البشر .... رمز النقاء و مثال الأخلاق ... على الأنسان الملجأ وقت الحزن و وقت الفرح ... المعنى الحقيقي للصداقة ...
اتفتح باب الغرفة ... طلع الدكتور و العيون كلها متجة عليه مليانه أسئلة خوف و أمل ... ياسر سألو طمنا يادكتور
الدكتور : المريض لسا ما عدى مرحلة الخطر عشان كده حننقلو وحدة العناية المكثفة ...ادعو ليه
قامت امو بخطوات مترنحة .. مسكت يد الدكتور ... ماتغشنا ياولدي ... طبطب عليها و بنص ابتسامة قال ليها ولدك برجع ليك يا امي ادعي ليو محتاجك .(ألحان مغتصبة بقلم شيماء عثمان )
مرت الساعات طواال بطول سنوات ... عيون خايفة عليها آثار الدمع..... قلوب بتنبض قلق ... العواطف جوه ملخبطة ... و الاحلام تايهه ... طلعت الممرضة من غرفتو مفزوعة بتنادي الدكتور ... وقفت قدام الباب وقَّفَتْ معها الزمن .... بعد ما طلع الدكتور قال ليهم المريض فاق و طالب يشوفكم لكن ادخلو واحد واحد و خمس دقايق بس ماتطولو .... قامت امو بصعوبة بتقول ليهم دخلوني اشوف ولدي ... قعدت دقايق و طلعت .. بعدها دخل ابوه لما جا دور ياسر و طلع عاين لنغم القاعدة بالطرف جنبها ربى و رؤى .... قال ليها يحيى عايز يشوفك .
وقفت جنب الباب بتعاين .... جسمو كلو موصل أجهزة ... دمعتها عايزة تنزل حبستها .... شال كمامة الأكسجين و ابتسم .... ناداها بصوت مبحوح ... تعالي
نغم : مش اتفقنا ماتخوفنا عليك
يحيى : في وعود صعب نلتزم بيها
نغم : بسأل الدكتور لو العملية ممكن تتعمل هنا تعملها و كفاية تأخير
يحيى : الطب مابعالج قدر
نغم : ماتقول كده بزعل منك
عاين ليها بطريقة غريبة ..... قال ليها غني يانغم
نغم اندهشت .... قوم ابقى كويس عشان اغني ليك
يحيى : كاظم الساهر عندو اغنية اسمها من كتاب الحب ... غنيها لي
نغم : لما تطلع البيت بغنيها اوعدك
يحيى : عايز اسمعها هسي .... في مشاعر لازم توصلك لو لمرة واحده بس
استغربت كلامو لكن ماحبت تكسر خاطرو ... غمضت عيونها ... دندننت اممم. 🎼
🎵يارب قلبي لم يعد كافيا لأن من أحبها تعادل الدنيا🎵
🎵فضع بصدري واحداً غيره يكون في مساحة الدنيا 🎵
فتحت عيونها ... اتخلعت عاينت ليو ...
بإبتسامة هادية قال ليها .. 🎵حبك ياعميقة العينين ... تطرف ... تصوف ... عبادة ... حبك مثل الموت و الولادة ... صعب بأن يعاد مرتين 🎵
ضحك ... قال ليها للاسف قلبي أضعف من انو يستحمل حبك الكبير
بترجف قالت ليو .... ي ي يحيى !!!
رد عليها .. سامحيني على الوجع دا بس ماحبيت امشي قبل ماتعرفي اني حبيتك و حلمت بيك ام لأولادي ... لكن ما كل الأحلام بتحقق
نغم و عيونها بتلمع دموع .... ارجوك أسكت
يحيى : اوعديني تعيشي الحياة مبسوطة ... اوعديني مايوقف في طريقك شي حتى لو جبل .. اوعديني تكوني قوية و مايهزك ريح ...اوعديني ضحتك تملا الدنيا ... عطري العالم بأنغامك ... ماتغتصبي ألحانك و غني .... غني موسيقى فرح ... غني للحب .. غني للأمل ... انشدي انشودة الحياة و كملي للأخر ... أوصلي خط السعادة و ارقصي مع أفراحك .. اصلا الفرح توبك و البسمة حقتك .. اوعديني طمني قلبي عليك
قربت منو و دموعها بتنقط على الارض ... بتتنهد ...كاتمه آهاتها ... بصوت مرتعش قالت ليو .. أ أ أوعدتك و أنت أوعدني تقوم و تغني معاي الفرح عند خط السعادة
يحيى : انا وصلت خط النهاية و صدقيني مبسوط
فجأة سمعت صوت جهاز تخطيط القلب ... شوية يصفر بسرعة و المؤشر يتحرك سريع و شوية يقيف .. عاينت للقراءات لقتها ملخبطة لخطبطت احاسيسها أكتر ... خافت جرت على الباب و بتصرخ وين الدكتور .... دكتور ياناس ... شافت دكتور عادل جاي عليهم بسرعة و الممرضات وراه .. ام يحيى بتصرخ ولدي ياااااااالله شيل روحي و أديها ليو .... ابوه وقع على الأرض اما ياسر زح الممرضة و دخل الغرفة ... وقف جنبو ... يحيى مسك يدو ضغط عليها ياسر قال ليو ماتستسلم يااخوي
يحيى رد عليه بحروف متقطعه لقني الشهادة يااخوي
ياسر منطط عيونو بقول الشهادتين ... نغم ختت يدها في فمها و هي بتسمع أخر كلمات يحيى .. كل حرف بنطقو بحرقها ... تمشي خطوة و تقيف ... ماعايزة تبعد منو تتركو و ماقادرة تقرب عليه تودعو ... وقفت جنب الباب سندت حيلها بالحيط ختت يدها على صدرها تهدي أصوات النوح ... غمضت عينها و عضت شفايفها تتأكد انها مافي حلم ... سمعت صوت ياسر بصرخ يحيى وااااااااااااي يا اخوي
امو قامت جاري دخلت الغرفة بتقول للدكتور ولدي ما مات أتأكد ولدي كويس يادكتور يايحيى قوم انا أمك قوووم أاااااه ياوجعتي الليلة فيك ياولدي
دكتور عادل بقول ليها ياحجة قولي لا إله إلا الله ... مسك ياسر الحاضن يحيى و ببكي قال ليو اتصبر و صبر امك محتاجاك .
نغم سامعة الاصوات جاياها من بعيد ... عيونها شاردة شايفة طشاش ... بتبكي بدون صوت ... نبضات قلبها بقت قاسية بتوجعها .... الهوا بخنق الانفاس و الضوء يحرق العيون .... الدنيا بتنساب قدامها زي الموج ... فقدت أخر شعيرات الأحساس ... غابت عن الوعي و وقعت على الأرض .لنا لقاء أخر ...