مرت الأيام ... نغم نفسياتها اتصلحت شوية و العصبية اختفت .... عادل معاها في كل خطوة في البيت في المستشفى .. ثانية مابغيب عنها ... بقت تقضي اليوم اما في المستشفى بتعمل فحوصات و لا تمشي المكتبة الجنبهم تقرا ... اتعرفت على جيران عرب بتطلع معاهم بعض الأحيان حديقة الحي .
مواعيد العملية قربت و اهلها ايام و يوصلو ... كانت فرحانه انها حتشوف امها و ابوها بعد غياب شهور لكن في نفس الوقت خايفة متوترة من العملية و بالها مشغول
في يوم بالمسا عادل رجع من الشغل لقاها في الصالة على الكرسي المتحرك ... لما سمعت صوت الباب مسحت دموعها و دارت وشها عشان ماينتبه
عادل : مساء حبيبي ورد
نغم : اهلا
عادل بإستغراب سألها ... مالو صوتك
نغم : مافي شي
قرب منها نزل على ركبو ... بعاين ليها و هي بتحاول تتحاشى نظراتو لكن ماقدرت تهرب منو .. رفع ليها راسها بيدو ... خاتي يد في حنكها و التانية مسك بيها يدها قال ليها ... بتداري دموعك مني لأنك عارفاها مابتكذب و عارفاني بقدر اقراهم.... عيونك بتقول حبيبتي موجوعة .. .. مالك قلبي ؟
نغم ماقدرت تحبس دمعتها اكتر ... هربت من عيونها سالك على خدها ... زح يدو من حنكها مسح الدموع و تاني كرر السؤال .... مالك يانغم
رفعت عينها عاينت ليو و ردت بصوت مبحوح .. انا خايفة
عادل : من شنو
نغم : من العملية .. لو مانجحت ... حفضل طول العمر على الكرسي دا ... عاجزة مشلولة طول العمر .. حفضل عالة على الناس الحولي و اشوف نظرات الشفقة في كل مكان
عادل: اول حاجة خليك متفائلة و شيلي الخوف من قلبك .... حاجتين بقتلو الانسان .. الخوف واليأس .... الخوف عدو الفرح و اليأس عدو النجاح لو سمحتي ليهم يتخللو تفكيرك خطوة واحدة للأمام ماتقدري تخطيها ... دايما خلي إيمانك و يقينك بربنا كبير و أن بكرة يجي عشان يمسح دمعة أمبارح ... شوفي مستقبلك بين السحاب ماتشوفيو في كهف مظلم ... اطلعي من سجن السلبيات الحابسة نفسك فيه ... اكسري قيود الخوف ما تخليك أسيرة افكارك عشان ماتتملك منك تدمرك .
كانت بتعاين ليو الدهشة في عيونها ... مسك يدها قال ليها ماتخافي بكون معاك و بأذن الله العملية تنجح تانيا مش عيب عليك تكوني زوجة أكبر جراح مخ و اعصاب و تخافي انا ما مالي عينك يامدام و لا شنو ... ختت يدها في فمها قعدت تضحك و هو بضحك معاها .
بعد يومين اهلها وصلو ... استقبلهم عادل في المطار جابهم البيت ... و نغم كانت منتظراهم بلهفة .. اول ماشافت امها وابوها صرخت عايزة تقوم تحضنهم لكن رجلينها خانوها ... سلمت عليهم بكت بأعلى صوتها بكى فرح ... بعد شوية سمعت صوت سامر اخوها جاي من برا رفعت راسها مستغربة .. دخل سامر قال ليها ... من عرفتك و انتي بكاية مستحيل تتغيري يالغم
نغم : ساااااامر ... يالله ماتتخيل مشتاقة ليك كيف لكن ما كنت عارفاك جاي !!
سامر : اتفقنا عليك انا و راجلك
نغم عاينت ل عادل هز راسو وابتسم ... قعدو الليلة ديك ونسة و ضحك حكاوي فقدتها زمن ... امها دخلت معاها الغرفة سألتها من احوالها و فتحت الشنطة تفرجها في الحاجات الجابتها معاها .. نغم قالت لامها .. شوقي ليكم مايتوصف ياماما
عفاف : وانا والله يابتي ماتتخيلي بعداك كان ساهل .. اسالي ابوك الليل كلو ما بنوم و بالنا مشغول عليك
نغم : خليك الليلة معاي عايزة انوم في حضنك زي زمان
عفاف : دا كلام شنو يابت ... اطرد الراجل من غرفتو
نغم بخجل ... اصلا عادل بنوم على الكنبة برا
عفاف : كيف !! بعرفك عنيدة لكن ماكده ... انا ماربيتك بالطريقة دي .. عادل راجلك و له حقوق عليك هسي يقول شنو ماعلمناك تحترمي زوجك
نغم : ياماما الحكايه ماكده
عفاف : الحكاية شنو يااختي
نغم : من جينا قال لي اخدي راحتك في غرفتك و طلع ... بعدين معاه حق واحدة في ظروفي دي مستحيل تصلح تكون زوجة .... نزلت راسها وقعدت تبكي ... امها قربت منها حضنتها مسحت دموعها و نومتها في حضنها .
دقت ساعة الصفر و عملية نغم فاضل ليها ايام ..( ألحان مغتصبة بقلم شيماء عثمان)
دخلت المستشفى عشان تكمل الفحوصات و تستعد ... يوم العملية كلهم معاها حتى احمد صاحب عادل و زوجتو ولاء ... نغم لا قدرت تنوم الليلة ديك ولا قدرت تتخلص من الخوف والقلق ... امها واقفة على يمينها ماسكة يدها و ابوها بشمالها خاتي يدو على راسها بقرأ عليها .... باب الغرفة دخل عادل و معاه تلاتة ممرضات طلبو من اهلها يطلعو و بداو يجهزوها للعملية .. اخدوها على النقالة و ماشين بيها على غرفة العمليات .. بتعاين حولها النظرات مشتتة و الدموع محبوسة ... نبضات قلبها بتسابق الثواني .
سامر حضنها قال ليها خليك قوية ... امها بتبكي حضنتها ماقدرت تقول حاجة اما ابوها و دعها بدعوة حبس دموعو و ابتسم هي عيونها عليه لحد ما دخلو غرفة العمليات بتتلفت بخوف ... شايفة الادوات و الأجهزة ... الأنوار فوق راسها ... ريحة الأدوية .. صوت الأجهزة المخيف ... نظرات الممرضات و كلماتهم .. بداو يركبو ليها جهاز تخطيط القلب .. قياس ضغط الدم ... و الدربات .. عايزة تصرخ تبكي لكن الآهات محبوسة ... ظهر عادل لابس لبس العمليات شافتو دمعتها نزلت ... قرب منها قال ليها .. عارف الخوف مسيطر عليك لكن مش اتفقنا نخليها على الله ... حبيبتي دا وعد قطتو على نفسي اعمل المستحيل و اكتر عشان اشوف ابتسامتك و ارجع فرحتك من جديد ... عايز انغام قلبي ترجع لي عايز صدى ألحانها يضرب على أوتار الوتين ... العملية دي تفرق عن كل العمليات العملتها في حياتي ... عادة بدخل الغرفة عشان قسم أقسمته ان اساعد اي انسان محتاج و كل الاحتمالات واردة اما اليوم احتمال واحد بس هو انك تطلعي من هنا على رجلينك لأن في حياة ما عشناها منتظرانا لأن في رقصة تجمعنا ما رقصناها و في أغنية أنتصار مفروض نغنيها سوا ولأن الأحلام الحلمنا بيها عايزين نحققها .
عيونها في عيونو ... قالت ليو ثقتي فيك اكبر من الدنيا و كلماتك تكفيني ماعايزه إلا نكون سوا طول العمر
عادل : بحبك
نغم : أنت جيت دنياي مختلف عن كل البشر ...... لا صديق و لا حبيب ..... أنت حياة
عادل : إنت قطعة موسيقية تضخ في قلبي الحياة
نظراتهم لخصت كل كلمات العشق و الغرام ... فضلت عيونه على بعض لحد ما الممرضة ختت ليها كمامة الأكسجين و البنج سرا في جسمها ... جفونها تقلت و بدأت تشوف طشاش .. صورة عادل أختفت تدريجيا و مافي إلا الضلام ... غمضت عيونها و غابت عن الوعي .
عادل قلبو على حبيبتو لكن مطلوب منو الصمود ... عفاف برا دموعها ماوقفت و مجدي ابوها ماسك مصحف بقرا فيه ... اما سامر غلبو القعاد شويه يقيف وشوية يطلع ... يرجع تاني .... مرت الساعات و انتهت العملية ... نغم دخلوها وحدة العناية المكثفة .... عادل اول ما طلع عفاف جرت عليه مسكت يدو سألتو ... طمني ياولد نغم كيف
عادل : ان شالله حتكون بخير
عفاف : يعني العمليه نجحت ... حتمشي تاني
عادل : لما تفوق من البنج نشوف النتيجة
مجدي : ماكده ياعفاف خلي الولد يرتاح شوفي حالتو كيف عيونو محمرة و وشو مخطوف ... ارجع البيت ارتاح و نوم شويه
عادل : خليني اشوف نغم تمشي عشان ارتاك
مجدي ربت على كتفو قال ليو .... انتو تعبتو يا اولادي و اكيد ربنا بجبر خاطركم
عدا يومين ... نغم فاقت و كل العيون منتظرة تشوف النتيجة ... دخل عادل مع الدكتور و طلب من الممرضة نتائج الفحوصات ... قاعد يقرو في القراءات و يتكلمو بصوت واطي ... بعدها جات اللحظة الحاسمة .. الدكتور جاب جهاز و بحاول يقيس استجابة الأعصاب .... سألها في إحساس هزت راسها بمعنى لا ..... تاني خت الجهاز فوق الرجل التانية و كرر السؤال قالت ليو لا .... عاينت ل عادل في خوف ... كان واقف جنبها ماسك يدها قال ليها عادي حبيبتي وارد يحصل كده من أول مرة
الدكتور بحرك الجهاز على رجلها على امل يلقط أي استجابة من اعصابها لكن مافي شي ... نغم عيونها اتملو دموع ... قعدت تبكي
عادل : حبيبتي اهدي شوية
الدكتور : ارتاحي هسي و بنعيد المحاولة مرة تانية
نغم بصوت عالي و دموعها على خدها .... قالت ليهم .. ماعايزة اي محاولات ولا عمليات و لا اي حاجة
عادل : نغم اهدي في شنو
نغم : مافي حاجة ... انت لسا مافهمت انا مكتوب علي اعيش باقي عمري على الكرسي الملعون دا
عادل : على فكرة النوع دا من العمليات النتيجة فيها مابتكون فورية لازم نصبر
نغم : كفاية حرام عليك ياخ ... ماتلعب بأعصابي اكتر .. انا حفضل مشلولة للابد ... نفضت يدها منو و قعدت تضرب تضرب أرجلها بقوة تبكي وتصرخ ... عادل بحاول يهديها ماسكها من يدينها لكنها بتبكي بطريقة هستيرية و بتتحرك يمين و شمال على السرير .... عادل ماقدر يسيطر عليها ... فجأة فكاها منطط عيونو مندهش بعاين ليها .. الدكتور .. الممرضات و كل الموجودين في الغرفة مجمدين نظرهم نحوها من هول الصدمة ماقادرين يتكلمو ..... نغم في حالتها الجنونية ما رجعت لوعيها إلا بعد ما سمعت صرخة امها .... نغغغغغغغغغم !!!
وعت على نفسها واقفة على رجلينها في نص الغرفة .لنا لقاء أخر ..... اللقاء الأخير ....