كان فى طريقه إلى المنزل شارداً غارقاً فى تفكيره , لا يجد حصى أمام قدميه إلا وركلها يمينا أو يساراً وكأنها كرة يسددها فى أحضان مرماها , المشوار طويل والجهد ليس قليل , يا ترى يا فتاتى هل تستطيعين الصبر, ماذا سيكون مذاقه على لسانك, هل سيحلو لكِ أم ستنفرى منه ومني, أنا لست برجل كسول أو قليل الطموح ولا آبه بالمصاعب, بل تحلو لي وأتسلقها فى هدوء دائما وثبات حتى أصل لمرادى , ولكن عندما أصل إلى القمة هل سأجدك فى انتظارى , هل تعشقينى بما يكفى , لست متأكداً مع الأسف
مر بالمنعطف المؤدى إلى بيته واتجه إليه فى بطء وهو يحاول أخفاء مشاعره حتى لا تقرأها والدته فى عينيه فهى تجيد ذلك , ولم يلاحظ الفتاة التى كانت تقف فى نافذة حجرتها الصغيرة ترمقه وتتفحصه وكأنها كانت تنتظره وقد جفاها النوم واستعصى عليها ورفض التسلل إلى عينيها حتى تطمئن بعودته , تنهدت فى قوة وهى تراه يلج باب منزله والتفتت للداخل لتطمئن أن أختها مازالت غارقة فى نومها كما كانت تظن, فأغلقت نافذتها وأسدلت أستارها وأتجهت لفراشها, وما أن سكنت رأسها إلى وسادتها وأغمضت عينيها حتى سمعت أختها تقول بخفوت:
- خلاص اطمنتى أنه رجع
فزعت عزة وحدقت فى أختها فى سريرها المجاور تحاول اكتشاف عينيها فى الظلام وقالت:
- أنتِ لسه صاحية يا عبير
نهضت عبير وفتحت المصباح الصغير والذى ينبعث منه أضاءة ضعيفة وضعت الوسادة على قدميها واستندت إليها وقالت:
- أنتِ بتعذبى نفسك على الفاضى وهو ولا هو هنا
زفرت عزة بضيق وهى تقول:
- بطلى الأوهام اللى فى دماغك دى يا عبير.. أنا مكنتش مستنية حد..أنا كنت واقفة بتهوى شويه فى الشباك
شبكت عبير أصابع كفيها وقالت:
- على فكرة أنا أختك والله .. يعنى هترتاحى لما تتكلمى معايا
نهضت عزة وأغلقت المصباح الصغير وعادت لفراشها وهى تقول:
- نامى يا عبير نامى ..وياريت تشيلى الأوهام دى من دماغك
وضعت عبير وسادتها مكانها واسترخت على فراشها وهى تقول بهمس:
- ياريت يا عزة تكون أوهام فعلاً
***
وصل فارس الشارع الذى يقطن به وقت أذان الظهر فغير وجهته إلى المسجد الذى يبعد قليلا عن منزله توضأ ووقف يصلى السنن وبعد أن انتهى وجد شخصاً يربت على كتفه بحنان قائلا:
- أيه يا عم انت مخاصمنا ولا ايه
ألتفت فارس إلى صاحب الصوت والأبتسامة تعلو شفتيه ليصطدم بأحب الوجوه إلى قلبه منذ سنوات كثيرة , فهو صديق قديم له , صافحه بحرارة مرددًا:
أنت تقرأ
"مع وقف التنفيذ"
Mystery / Thrillerجميع حقوق الملكية والفكرية للكاتبة الدكتورة "دعاء عبدالرحمن "