كانت عزة تعد الطعام فى المطبخ بصحبة عبير أختها وهما يتضاحكان ويمزحان حين دخلت والدتهما وقالت:
- أعملوا شاى يا بنات لخالتكوا أم فارس
قالت عزة بهمة :
- هعملوا انا يا ماما حاضر ..ثوانى
ضحكت عبير وهى تقول :
- النشاط حل عليكى دلوقتى
نظرت لها عزة بارتباك وهى تضع براد المياة على الشعلة , أقتربت والدتها منهما وهى تقول بتردد :
- فارس هيخطب يوم الخميس اللى جاى
أرتعشت يدها وسقطت المياة على الشعلة فأطفأتها
على الفور أقتربت منها أختها بلهفة وهى تنظر ليدها وتقول:
- الحمد لله المية كانت باردة لسه
زاغت نظرات عزة وهى تشعر بحريق حقيقى , حرارة مرتفعة ليست بيدها وانما بقلبها , حرارة مرتفعة ستطفىء فى النهاية النبتة التى كانت تنبت بداخلها من مشاعر يتيمة من طرف واحد , قاومت دمعة كانت ستقفز من عينيها وقالت بأنفاس متقطعة :
- معلش يا ماما هعمل غيرها حالاً
أخذت عبير براد المياة من يدها وقالت بشفقة :
- أستنى يا عزة انا هعمل الشاى
جاهدت عزة لترسم ابتسامة مصطنعة وهى تقول:
- أنا نسيت اصلى العصر هروح اصلى
توجت إلى الحمام , دخلت بسرعة وأغلقت الباب خلفها, توضأت فاختلطت الدموع بماء الوضوء , خرجت وتوجهت لغرفتها وبدأت فى الصلاة , وقفت وركعت وسجدت بغير هدى لم تنتظرها العبرات للسماح لها بالقفزعلى وجنتيها بل انسابت بانهمار وبهدوء لا يشعر بها أحد ولا تستطيع أن توقفها كلمات العزاء و المواساة.
كانت تعلم أنها ستسمع هذا الخبر إن آجلا أو عاجلاً , ولكنها كانت تمنى نفسها بأنه لن يحدث , بل كان الأمل لديها يزداد كلما تذكرت شخصية دنيا المختلفة تماما عن فارس , لماذا تمنيت ونسجت خيوط الأمل حول أمنية بعيدة لا يراها سواى , ألقى قلبى فى بحر الأحلام فأستيقظ لأجد نفسى وقد غرقت قدماى فى لجة مظلمة , أصرخ فلا يسمعنى أحد, أستغيث ولا مغيث لى إلا الله , أمن الممكن أن يكون عقابا من الله ؟!.. هل ملك علي قلبى أكثر مما يجب ونسيت ربى , قفزت المزيد من العبرات على وجنتيها ولكن هذه المرة كانت دموع من نوع آخر لها مذاق آخر.. مذاق محبب
***
وقف فارس أمام المرآة يتأنق ويتألق فى حلته السوداء وهو لا يصدق نفسه ,أخيراً سيزين أصبعها بخاتم الخطبة , ألتفت ليجد والدته تقف على باب غرفته مبتسمة فى حنان وهى تقول:
- ماشاء الله زى القمر ... ياما كان نفسى أشوف اليوم ده من زمان
وبدموع الأمهات الحاضرة دائما اختلطت ابتسامتها بدموع سعادتها به , توجه فارس إليها مسرعاً وقال بلهفة وضم رأسها وهو يقبله فى حب قائلا:
أنت تقرأ
"مع وقف التنفيذ"
Misterio / Suspensoجميع حقوق الملكية والفكرية للكاتبة الدكتورة "دعاء عبدالرحمن "