"الفصل الرابع"

28.9K 861 7
                                    

أشار باسم إلى دنيا بالجلوس فى المقعد المقابل له دون أن ينظر إليها وهو يتأمل الورقة فى يده , ثم مد يده بها إلى دنيا وهو مازال ينظر للورقة ويقول باهتمام:

- عاوزك تقرأى المذكرة دى كويس وتكتبيلى ملحوظاتك عليها

مدت يدها لتمسك بها وهى تقول:

- أيوا بس أنا لسه ..

بترت عبارتها عندما شعرت بيده وهى تتلمس أصابعها من أسفل الورقة وهو يبتسم لها بهدوء وكأنه شىء عادى , تلعثمت حروفها وجذبت يدها فى ارتباك ولم تتكلم , ألتفتت إليه فوجدته يتفحصها ويتأمل ردود أفعالها الصامتة على محاولته التى كانت عينة اختبار لها ليس إلا , والنتيجة كانت مشجعة , فنهض واقفاً ودار حول مكتبه وتلمس ظهر مقعدها وهو يقول:

- معلش كل حاجة فى الأول صعبة.. بكره تتعلمى

شعرت بأصابعه تتلمس ظهرها وكتفها, فنهضت فى ارتباك وقد احمرت وجنتيها , أستدرك قائلا :

- هو الأستاذ فارس خطيبك فعلا زى ما سمعت .. مش شايفك يعنى لابسه دبلة

تنحنحت وقد زاد توترها وهى تقول:

- أيوا أحنا مخطوبين بس لسه ملبسناش دبل

رفع حاجبيه فى تصنع وقال بسخرية :

- مممم يعنى لسه مش رسمى

ثم أردف بمكر:

- يا شيخة سيبك .. جواز أيه وبتاع أيه

رفعت رأسها إليه وقالت :

- ليه بقى هو حضرتك مش متجوز برضة وعندك أولاد

أتسعت ابتسامته وكاد أن يضحك وهو يقول:

- أيه ده وكمان متابعة أخبارى

قالت على الفور:

- أنا عرفت صدفة

ثم تناولت الأوراق وهى تقول:

- طيب حضرتك انا هقرأها وهحاول افهم الموضوع

سحبها منها ببطء وهو ينظر لعينيها بجرأة قائلا:

- لا خلاص خليها بعدين

زاغ بصرها وقالت وهى تتجه نحو الباب:

- طب عن أذن حضرتك

شعرت بنظراته تخترق ظهرها وهى تدلف للخارج , فهى مثلها مثل كل أنثى تستطيع أن تشعر بنظرات الرجل وتلميحاته والأمر يعود إليها , إما تصده بقوة وإما أن تعطيه الضوء الأخضر ! .

أما هو فقد علم طبيعة الفتاة التى أعجب بجمالها ,هى مرتبطة عاطفيا ورغم ذلك لا تريد أن ترسم حدودا قوية لا يتعداها الرجال معها , تمسك العصا من منتصفها وكأنها تبحث عن فرصة أخرى أيسر وأفضل .

جلست خلف مكتبها وهى تختطف نظرات شعواء بين الحين والآخر إلى فارس القابع خلف مكتبه فى شرود تام , وقبل انتهاء العمل بحوالى الساعة, استأذن فارس لينصرف مبكرا هو ودنيا , خرج معها من المكتب وسارت بجواره فى سكون وكأنها تشعر أنه رآها ورأى ردود فعلها المتهاونة مع باسم وانتظرته ليتحدث.

"مع وقف التنفيذ" حيث تعيش القصص. اكتشف الآن