أشار باسم إلى دنيا بالجلوس فى المقعد المقابل له دون أن ينظر إليها وهو يتأمل الورقة فى يده , ثم مد يده بها إلى دنيا وهو مازال ينظر للورقة ويقول باهتمام:
- عاوزك تقرأى المذكرة دى كويس وتكتبيلى ملحوظاتك عليها
مدت يدها لتمسك بها وهى تقول:
- أيوا بس أنا لسه ..
بترت عبارتها عندما شعرت بيده وهى تتلمس أصابعها من أسفل الورقة وهو يبتسم لها بهدوء وكأنه شىء عادى , تلعثمت حروفها وجذبت يدها فى ارتباك ولم تتكلم , ألتفتت إليه فوجدته يتفحصها ويتأمل ردود أفعالها الصامتة على محاولته التى كانت عينة اختبار لها ليس إلا , والنتيجة كانت مشجعة , فنهض واقفاً ودار حول مكتبه وتلمس ظهر مقعدها وهو يقول:
- معلش كل حاجة فى الأول صعبة.. بكره تتعلمى
شعرت بأصابعه تتلمس ظهرها وكتفها, فنهضت فى ارتباك وقد احمرت وجنتيها , أستدرك قائلا :
- هو الأستاذ فارس خطيبك فعلا زى ما سمعت .. مش شايفك يعنى لابسه دبلة
تنحنحت وقد زاد توترها وهى تقول:
- أيوا أحنا مخطوبين بس لسه ملبسناش دبل
رفع حاجبيه فى تصنع وقال بسخرية :
- مممم يعنى لسه مش رسمى
ثم أردف بمكر:
- يا شيخة سيبك .. جواز أيه وبتاع أيه
رفعت رأسها إليه وقالت :
- ليه بقى هو حضرتك مش متجوز برضة وعندك أولاد
أتسعت ابتسامته وكاد أن يضحك وهو يقول:
- أيه ده وكمان متابعة أخبارى
قالت على الفور:
- أنا عرفت صدفة
ثم تناولت الأوراق وهى تقول:
- طيب حضرتك انا هقرأها وهحاول افهم الموضوع
سحبها منها ببطء وهو ينظر لعينيها بجرأة قائلا:
- لا خلاص خليها بعدين
زاغ بصرها وقالت وهى تتجه نحو الباب:
- طب عن أذن حضرتك
شعرت بنظراته تخترق ظهرها وهى تدلف للخارج , فهى مثلها مثل كل أنثى تستطيع أن تشعر بنظرات الرجل وتلميحاته والأمر يعود إليها , إما تصده بقوة وإما أن تعطيه الضوء الأخضر ! .
أما هو فقد علم طبيعة الفتاة التى أعجب بجمالها ,هى مرتبطة عاطفيا ورغم ذلك لا تريد أن ترسم حدودا قوية لا يتعداها الرجال معها , تمسك العصا من منتصفها وكأنها تبحث عن فرصة أخرى أيسر وأفضل .
جلست خلف مكتبها وهى تختطف نظرات شعواء بين الحين والآخر إلى فارس القابع خلف مكتبه فى شرود تام , وقبل انتهاء العمل بحوالى الساعة, استأذن فارس لينصرف مبكرا هو ودنيا , خرج معها من المكتب وسارت بجواره فى سكون وكأنها تشعر أنه رآها ورأى ردود فعلها المتهاونة مع باسم وانتظرته ليتحدث.
أنت تقرأ
"مع وقف التنفيذ"
Mystery / Thrillerجميع حقوق الملكية والفكرية للكاتبة الدكتورة "دعاء عبدالرحمن "