عاد فارس أدراجه إلى منزله وهو شارداً فى كلام صديقه بلال وأخذ يسمعه يصدح فى عقله ويتردد صداه بداخله مرات ومرات " ربنا بيحبك انه ابتلاك فى الدنيا علشان يفوقك وترجعله.. أحسن ما كان الحساب يجمع فى الآخرة .. وانا مش هتكلم كتير.. أنا هقولك حديث النبى صلى الله عليه وسلم " و إن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه"
عاد من شروده إلى أرض الواقع دفعة واحدة عندما اصطدم بمهرة التى كانت تعبر بوابة بنايتهم وهى تبكى بشدة وتفرك عينيها , حاول أن يحدثها ولكنها أسرعت للداخل فى غضب , لحق بها ووقف يسد الطريق أمامها وقال بأسف حقيقى:
- متزعليش بقى خلى قلبك ابيض.. ده احنا اصحاب من زمان يعنى
صاحت وهى تبكى:
- برضة مخصماك ومش هكلمك .. وانا قلبى مش بيضا
ضحك وهو يقول:
- لاء انتِ قلبك بيضا انا عارف
جلس على أول درجة من السلم ليمنعها من العبور واستند برأسه على قبضته وقال بحزن:
- ولو مصلحتنيش هفضل زعلان على طول
نظرت له نظرة جانبيه وهى تقاوم تعاطفها معه إلى ان استسلمت فى النهاية قائلة بضجر :
- خلاص متزعلش
ضحك براحة ثم قال مستدركاً:
- قوليلى بقى كنتِ بتعيطى ليه؟!
مطت شفتاها وهى تقول بحزن:
- كنت رايحة ألعب مع البنات فى الشارع اللى ورانا بس مرضيوش يلعبونى وقالولى انتِ أوزعة وصغيرة .. قعدت احلفلهم انى عندى 11سنة بس محدش صدقنى
ونظرت إليه وقد اغرورقت عيناها بالدموع وهى تقول:
- مش بحب حد يقول عليا كدابة
حركت دموعها وطريقة بكاؤها أشجانه وقال فى عطف مغلف بالحسم:
- متروحيش تلعبى معاهم تانى ولما حد يضايقك متعيطيش أبدا خليكى قوية .. اللى مش مصدقك عنه ما صدقك
أنهمرت دموعها وهى تستمع إليه ثم قالت:
- وانا ذنبى ايه انى شكلى أصغر منهم ..حتى صحابى فى المدرسة بيضحكوا عليا
لا يعلم فارس لماذا ذكرته بنفسه وبحاله , تذكر كلماته مع الدكتور حمدى وهو يقول له " طب وانا ذنبى أيه انى ساكن فى مكان زى ده و ماليش واسطة " , شعر أنه لابد أن يعلمها درساً , لا بل يريد أن يلقن نفسه هذا الدرس أولاً , نظر لها بجدية وقال:
- شوفى يا مهرة.. أنتِ أه شكلك اصغر من سنك .. لكن انتِ ذكية جدا وكل الناس بتحبك .. وتقدرى تتفوقى وتبقى أشطر منهم كلهم .. ولما تكبرى هتبقى أحسن منهم كلهم إن شاء الله لما تتفوقى عليهم بعقلك مش بشكلك ولابجسمك .. ذاكرى وابذلى مجهود كبير وخلى المدرسين يعجبوا بيكى وبشطارتك ويحبوكى ..هتلاقى صحابك فى المدرسة هما اللى عاوزين يصاحبوكى ويلعبوا معاكى ويذاكروا معاكى كمان علشان يتعلموا منك.. أنتِ تقدرى تغيرى مستقبلك بعقلك ومجهودك مش بطولك ولا بشكلك.
أنت تقرأ
"مع وقف التنفيذ"
Mystery / Thrillerجميع حقوق الملكية والفكرية للكاتبة الدكتورة "دعاء عبدالرحمن "