"الفصل السابع والعشرون"

31K 819 13
                                    


عاد إلى شارعهم يطوى الأرض طياً .. يهرول تارة فينهكه التعب فيمشى تارة أخرى ... وقف عند بداية المنعطف ينظر إلى بداية شارعهم , إلى البيوت المتلاصقة والقهوة البعيدة وهو يشعر أنه افتقد دفأهم وحمايتهم ورعايتهم لمن حولهم وهو يتسائل فى نفسه, لماذا لا تكون الدنيا كلها شارعهم بقلوب أهله الطيبة , ما هؤلاء البشر الذى تعامل معهم وكيف ينتمون إلى فئة البشر ...أليسوا أقرب إلى مصاصين الدماء الذين رآهم كثيرا فى الأفلام لا بل مصاصين الدماء لايقتلون بهذه البشاعة التى رآها, أنما هى عضة نتيجة لاحتياجهم للدماء ..أما هؤلاء فهم يشوهون ويقتلون ويعذبون لا لشىء الا للمتعة الا للضحك على صرخات وأنين المُعذبين لا لشىء الا للقتل  ..لالشىء الا لكره الكرامة ومن ينادون بها ..أى بلد هذه التى لا نحيا بها كراماً ..

قطعت أم فارس قراءتها للقرآن ووضعت المصحف بجوارها وهى تنادى على مُهرة ... خرجت مُهرة مسرعة من المطبخ فقالت لها أم فارس بوهن :

-  شوفى يا مُهرة فى أيه فى الشارع أيه الزيطة دى

تناولت مُهرة أسدال الصلاة وارتدته بسرعة وخرجت إلى الشرفة ..أتسعت عيناها وهى تنظر إلى عمرو وأهل شارعهم مجتمعين حوله مهنئين له فى جلبة شديدة , فرحين به وبعودته سالماً ..بحثت بعينيها سريعاً بين الوجوه وقد خفق قلبها بشدة تبحث بين العيون والوجوه لاشىء ..لم يعد .. أنهمر دمعها رغماً عنها ومسحته بيديها وهى تجيب نداء أم فارس وتقول بصوت متقطع :

-  عمرو رجع يا ماما

انهمرت دموعها مرة أخرى وهى تتمتم :

-  رجع لوحده

هرولت أم فارس إلى الشرفة بلهفة , بحثت هى أيضا عن ولدها بين الناس فلم تجده, خرجت من الشرفة متوجهة إلى باب الشقه مسرعةً .. لحقتها مُهرة وهى تتشبث بذراعها هاتفةً :

-  أستنى يا ماما هتنزلى كده ازاى ..أنتِ بهدوم البيت

نظرت أم فارس لملابسها وهى تضع يدها على شعرها لاتعلم ماذا تفعل وكأنها مسلوبة الأرادة ..لم تنتظر مُهرة كثيرا أندفعت للداخل وأحضرت لها عباءة الخروج وحجاب .. أرتدتهم بسرعة وهى واقفة على باب الشقة ولسانها يلهج بفزع:

-  يا حبيبى يابنى.. ياترى انت فين يابنى

ألبستها مُهرة حذائها سريعاً والتقطت مفتاح الشقة ونزلا سويا يهرولا إلى حيث عمرو . لم تستطع عزة أن تنتظر كثيرا وهى تراه من النافذة , أندفعت تفتح باب الشقة لمقابلته , لا تعلم كيف كانت تقفز درجات السلم ... كان قد سبقها وصعد السلم بقفزات أسرع وأوسع منها .. وأخيرًا التقيا ... تعانقا .. تعانقا بقوة واندفاع , كل منهما رمى بجسده باتجاه الآخر .. البكاء هو سيد الموقف .. كانت  تشهق وهى بين ذراعيه وتضمه بقوة وهى تهتف باسمه بقلبها قبل شفتاها ... أما هو فقد ضمها إلى صدره وأغمض عينيه وهو لا يصدق أنه رآها مرة أخرى ... أسرعت أم عزة تتصل بعبير وتخبرها بالأمر .. صعد بها للأعلى وهى مازالت متعلقةً به  ..دخلا شقتها بين والدها ووالدتها التى هتفت:

"مع وقف التنفيذ" حيث تعيش القصص. اكتشف الآن