الفصل الثامن

7.3K 170 6
                                    

فى منزل بسيط باحدى اﻻحياء الشعبية أﻻ وهو منزل لينا صديقة سهيلة ...
تقف بالمطبخ منهمكة فى اعداد طعام الغداء و جلى الاوانى و اﻻطباق و هى تتمتم بسخط:
ـــ " امتى ربنا يتوب عليا من اﻻرف دا ، و اتجوز واحد متريش كدا يجيبلى خدامة تكنس و تمسح و تطبخ ، و ف اﻻخر شُغلها ميعجبنيش و اتأمر و اتنك عليها و اعمل عليها هانم ..اااه يا بختك يا سهيلة عندك خدامة و مبتحطيش ايدك فى حوض المواعين و ﻻ بتغسلى زيى و ﻻ بتطبخى ، و ﻻ عندك حد يطلع عين اللى خلفوكى زيى ، و الكل عمال يدلع و يهنن فيكى ، ااه ياما نفسى يبقى عندى ربع اللى عندك بس و ..."
قطع حبل افكارها المسمومة صوت والدتها تنادى عليها بصوت مجلجل:
ـــ لينااا .. بت يا لينا ، اه يا لينا ياللى مجننانى.. اعمل فيها ايه البت دى ، عمرها ما ردت عليا من اول ندهة ..بت يا زفتة .
خرجت من المطبخ و يديها مملؤة برغوة الصابون و أجابتها بحنق :
ـــ عايزة ايه يا ماما .. هو انتى مفيش على لسانك اﻻ يا لينا يا لينا ، ربنا ياخد لينا عشان ترتاحى .
جحظت عينا والدتها من سوء أدبها و أجابتها بغيظ :
ـــ يوه !!.. ينيلك يا مقصوفة الرقبة ، يا بت دا انا امك و ربنا مش مرات ابوكى .
تأففت بملل ثم أردفت بنفاذ صبر:
ـــ عايزة ايه يا ماما خلصينى .
هزت الام رأسها بقلة حيلة ثم أخبرتها:
ـــ ابوكى اتصل بيا و انتى ف المطبخ ، بيقولى تعملى حسابك ف غدا محترم كدا للضيوف اللى جايين بكرة .
ضيقت ما بين حاجبيها باستغراب :
ـــ ضيوف مين دول ان شاء الله !!
أجابتها بفرحة ظاهرة :
ـــ اﻻسطى مصطفى و الحاجة امه جايين يشوفوكى و ان تم المراد هنقرا فاتحة علطول .
جحظت عيناها و فغر فاها من فرط الصدمة و لطمت صدرها بكفها الأيمن:
ـــ يا لهوى .. اﻻسطى مصطفى النجار يا ماما؟!.. بقا دى اخرتها.
ثم أردفت بغرور و كبرياء:
ـــ دا انا واخدة اعلى شهادة جامعية و تيجو ف اﻻخر تجوزونى لحتة نجار بيفك الخط بالعافية . . و انا اللى كان نفسى ف خدامة تخدمنى ، اشتغل انا خدامه عنده و عند امه ؟!
اغتاظت الام من غرور ابنتها الزائد و الذى سيلقى بها الى التهلكة يوما فاحتدت نبرتها تجيبها بعصبية :
ـــ فشرتى... دا اﻻسطى مصطفى معاه دبلوم صنايع و عنده ورشة ملكه و كسيب ، يقدر يفتح بدل البيت تلاتة ... بتتبترى على ايه يا بنت عنايات ، انتى فاكرة نفسك عايشة ف جاردن سيتى ؟! .. الله يسامحه ابوكى اقولة بلاش كلية احنا مش قد الكليات و خليها تاخد دبلوم و خلاص زى بقية بنات الحتة ، يقولى ﻻ البت شاطرة و هدخلها كلية عشان تشرفنا .. و ادى اخرتها بقيتى بتتنمردى علينا و بتتبترى على عيشتك .
زفرت بملل فهى قد حفظت تلك المقطوعة عن ظهر قلب ثم أردفت بعدم اهتمام :
ـــ ماما اللى انتى قولتيه دا كله هرى ف الفاضى ، و انا مش هتجوز زفت مصطفى دا و اللى عندك اعمليه . . ها ..
جففت يدها بالمنشفة المعلقة على كتفها ثم ألقت بها أرضا و هى تصيح بسخط:
ـــ و الله بقا ما انا غاسلة المواعين النهاردة و ﻻ طابخة كمان ، هاه يلا .
انصرفت من امام والدتها الى غرفتها التى تشاركها فيها اختاها الصغيرتان، و دخلت فى نوبة بكاء مريرة تندب حظها و ترثى حالها
هدأت قليلا و ظلت تفكر كيف ستخرج من تلك الورطة، فذلك العريس بعيد كل البعد عن سقف طموحاتها و أحلامها اللامنطقية و المبنية على أساس من الغيرة من صديقتها الثرية .

تائهة بين جدران قلبه"كاملة"حيث تعيش القصص. اكتشف الآن