الفصل الخامس و العشرون

8.1K 166 27
                                    

عند على الرفاعى....
كان على قد أمر المدعو وائل بمراقبة تحركات يوسف، بعدما علم بهروب زينة معه، و ذلك لمعرفة نيته فى كيفية التصرف معها، حتى يعزز الفضائح التى يخطط لها ضده، و يقلب الطاولة عليه.
أخبره وائل أنه يحجز جناح لزينة بالفندق، و أنه بات معها ليلة هروبها معه، كما أخبره بالحفل المقام بالفيلا.
نقل له بالضبط ما رآه أثناء وصول سهام و جلال للفيلا، و هروبهم السريع بعد مدة من الجدال مع الأمن، و الغاء الحفل و خروج أفراد عائلة آل سليمان واحدا تلو الآخر، متجهين للمشفى، و لكنه لم يستطع أن يحصل على سبب هذه الربكة.
كان على يستمع لتلك الأخبار بذهول تام، أصبح الفضول يأكله، يريد أن يعلم ماهية تلك الفاجعة التى أحلت بهم، جعلتهم يتناوبون على المشفى.
أخذ يحدث نفسه و هو يعتصر دماغه للتكهن بما حدث:
يا ترى ايه اللى جاب سهام و جلال عندهم؟!
يمكن رايحين يدورو على زينة هناك؟!... ممكن... ليه لأ؟!
بس... كدا بانت.
أكيد سهام قابلت راشد و حكتله عن قصة الحب اللى بين يوسف و زينة، و طبعا راشد اتصدم و بنته زعلت و مش بعيد يكون جالها انهيار عصبى، و عشان كدا راحو المستشفى واحد ورا التانى.
أيوة هى مالهاش تفسير تانى غير كدا...
ضكك ضحكة شريرة شامتة، و أخذ يفرك كفيه باستمتاع، فرحا بما أحل بيوسف و زينة من مصائب، فها هو يحقق انتقامه منهما بدون جهد يذكر، و ما خفى كان أعظم.
زاغ بعينيه فى الفراغ، شاردا برأسه الشرير فى مستقبل يوسف العثر، يرسم ابتسامة شامته على وجهه كعادته و هو يقول لنفسه:
و لسة الجيات أكتر يا يوسف... و ياما فى الجراب يا حاوى.

وصل يوسف و زينة الى المشفى و صعد بها الى حيث غرفة عمه راشد،  وقفا أمام الغرفة و قبل أن يفتح يوسف الباب، قبضت على ذراعه بتوتر، و استوقفته قائلة: 
استنى يا يوسف... 
رمقها باستفهام يسألها بنبرة حانية: 
فى ايه بس يا حبيبة قلبى؟!
أجابته و هى تفرك يديها بتوتر:
أنا مش قادره أتلم على أعصابى.. مش عارفة المفروض اعمل ايه لما اشوفه؟!
أحاط كتفها بذراعه، و ضمها قليلا إلى جانب صدره و طمئنها قائلا:
مش قولتلك سيبى نفسك و اتصرفى بتلقائية؟...
أراد أن يُخرجها من حالة التوتر التى انتابتها، فابتسم بمرح و هو يقول:
هيفرح اوى لما يشوفك... هيقول ايه دا معقول القمر دى بنتى؟!
قهقهت على كلماته الغزلية، ثم أمسكت بكفه و قالت برجاء:
متسيبش ايدى.
أجابها بنبرة حالمة، و هو ينظر لعينيها بعمق:
عمرى ما هسيبها... لو سيبتها هتوه منى و مش هلاقينى تانى..
رمقته بهيام:
و انا أضيع من غيرك يا يوسف.
ابتسم بحب، ثم حوًل ملامحه للجدية قائلا:
احنا هنفضل نحب ف بعض و سايبين الراجل الغلبان دا مستنى على نار كدا؟
ضحكت زينة بخفوت، ثم أشارت على الباب قائلة:
.. طب يلا ندخل.
فتح الباب و دلف يوسف و هو قابضا على كفها فوجد شقيقه جالسا بجوار عمه، فنهض من مكانه و قال لها:
ازيك يا زينة.. انا يحيى اخو يوسف.
أومأت له باحترام قائلة:
أيوة فاكرة حضرتك.
ضحك على كلامها:
حضرتك ايه بقى؟.. دا احنا طلعنا ولاد عم.
و فى تلك الأثناء كان راشد يتأملها بتركيز شديد فنطق لا اراديا:
هدى؟!
سمعته و هو يردد اسم والدتها فنظرت له بأعين متسعة من التعحب، ألهذه الدرجة تشبه والدتها؟!
حاول أن ينهض من نومته، فأسرع اليه يحيى يساعده على الجلوس فقال لها و قد بدأت عينيه تلتمع بالدموع: تعالى يا بنتى.. تعالى يا زينة فى حضنى..أنا آسف، انا استاهل الحرق انى سيبتك ف وسط الناس دى.
حثها يوسف على الذهاب اليه و هو يدفعها برفق باتجاه عمه فذهبت له، جذبها والدها بضعف إلى حضنه و شهقاته قد علت بالبكاء، فهو يشعر بتأنيب الضمير و التقصير البالغ تجاهها.
رقَّ قلبها لبكائه، و أحست بصدق ندمه، فابتعدت عن صدره قليلا، و رمقته باشفاق، و قالت بنبرة صادقة:  خلاص متعملش ف نفسك كدا...  انا مسامحاك، دا نصيبنا إن احنا نتفرق عن بعض، بس ف الآخر اتجمعنا و الحمد لله.
أجابها و مازال  يبكى: 
الحمد لله يابنتى الحمد لله..  ربنا يقدرنى و اعوضك عن سنين الحرمان اللى عيشتيها و...
قاطعته و هى تنظر ليوسف بابتسامة عذبة: 
أنا فعلا ربنا عوضنى حتى من قبل ماعرف ان ليا أب..  ربنا عوضنى بيوسف،  احسن هدية من ربنا.
ابتسم الاب بسعادة، و تنهد براحة:
  ربنا يسعدكو يا بنتى و يديم المحبة بينكم يارب وميحرمنيش من لمتكم حواليا.
رد الجميع فى صوت واحد: 
اللهم امين.
التموا جميعا حول راشد و راح يقص عليهم ما فعله أثناء فترة شبابه و قصته مع والدة زينة انتهاءا بزواجه من والدة سهيلة.
انقضت سهرتهم، و أخذ يوسف زينة و انصرف الى الفندق، و بقى يحيى مع عمه، و بقى رفعت مع سهيلة، و انصرفت الجدة الى الفيلا على اتفاق باجتماعهم جميعا فى الصباح الباكر للاطمئنان على سهيلة و مؤازرتها فى محنتها.

تائهة بين جدران قلبه"كاملة"حيث تعيش القصص. اكتشف الآن