فى منزل مهند...
بعد انتهاء الدوام، عاد إلى منزله و بدل ملابسه و قبع بغرفته على غير هدى، لا يستطيع الانتظار ليوم زفاف شقيقته حتى يفاتحها فى أمر خطبته لها، فهو يخشى ألا تحضر، كما أنه يعلم أن رأسها يابس كالحجر و لن تخضع له بسهولة، لذلك عزم أمره أن يضعها أمام الأمر الواقع و يتقدم لخطبتها من أهلها... أخذ يفكر فى طريقة للحصول على رقم أحد أفراد أسرتها إلى أن اهتدى لأن يتصل بزميله أحمد خطيب رنا صديقتها...
مهند:
ازيك يا أبو حميد... كنت عايز منك خدمة صغيرة.
أحمد:
خير يا حبيبى أؤمر.
مهند:
ممكن تجيبلى من رنا خطيبتك رقم حد من قرايب سهيلة صاحبتها؟!
أحمد:
ايه يبنى اللفة دى كلها... ما تاخده من سهيلة علطول.
مهند:
مش معايا رقم لسهيلة يا فصيح.. و حتى لو معايا انت عارف انى مبكلمش بنات ف التليفونات.
أحمد:
طاب ثوانى يا مهند.. هى أصلا قاعدة معايا.
انتظر مهند عدة دقائق إلى أن عاد له احمد مرة أخرى قائلا:
بتقولك دا رقم خالها اللى هيا قاعدة عنده لأن هى من القاهرة أصلا.
اومأ بتفهم مجيبا:
تمام.. مفيش مشكلة... ملينى..
قام مهند بتسجيل رقم رفعت و اسمه و انهى المكالمة مع زميلة و اتصل برفعت فى الحال، انتظر قليلا إلى أن أتاه صوته قائلا:
السلام عليكم.. مين معايا؟!
مهند:
احم.. حضرتك المهندس رفعت خال الانسة سهيلة؟!
رفعت:
أيوة أنا.. حضرتك مين؟!
أجابه بتوتر ملحوظ:
انا مهند زميلها فى السنتر... أنا كنت عايز آخد من حضرتك ميعاد عشان أزوركم ف البيت... احم.. يعنى كنت عايز أطلب ايد الآنسة سهيلة.
ابتسم رفعت بسعادة:
تشرفنا يا أستاذ مهند... مفيش مشكلة.. تعالى بعد صلاة العشا نشرب الشاى و ندردش شوية.
فرح مهند برده المبشر و أجابه بسعادة:
تمام يا فندم.. ممكن بس حضرتك تملينى العنوان؟!
أملاه رفعت العنوان و اغلق الخط و خرج من غرفته بحال غير الحال الذى دخلها به، و انطلق إلى والديه ليخبرهما بالأمر فتحمسا كثيرا فلطالما انتظرا هذا اليوم طويلا، أخبرهما أنه سيذهب بمفرده اليوم للتعارف، و سوف يصطحبهما فى يوم لاحق إن تم القبول من قبل العروس و أسرتها.لم يكذب رفعت خبر و أنهى دوامه بمصلحته الحكومية، و انطلق بحماسة باتجاه مركز الترجمة قاصدا مدير المركز و الذى يعرفه معرفة شخصية، فعن طريقه تم تعيين سهيلة به و لكن دون علمها.
رحب به مدير المركز بحرارة، و دخل رفعت فى صلب الموضوع مباشرة ألا و هو الاستقصاء عن مهند و أخلاقه و عائلته و سلوكه...إلخ.
سمع رفعت ما أرضاه و أسعده، و خرج من مكتب المدير فى حالة من الرضا التام و السعادة الغامرة، و تيقن أنها كم هى فتاة محظوظة لكى يرزقها الله بهذا العريس الوسيم قلبا و قالبا، و عزم أن يقنعها به بكل السبل الممكنة إن لاقى منها رفضا.أثناء سيره بالسيارة فى الطريق المؤدى إلى مدينة بنها، أوقف السيارة أمام إحدى متاجر الملابس النسائية للمحجبات، فقالت له باستغراب:
وقفت هنا ليه يا يوسف؟!
رمقها بابتسامة جذابة مردفا بحب:
هننزل نشترى هدوم جديدة و شيك كدا عشان حفلة بليل.
رمقته بامتنان و ابتسامة عاشقة، ثم نزلا من السيارة و ولجا إلى داخل المتجر فرحبت بهما صاحبة المتجر ترحيبا حارا و سارت معهما إلى القسم الخاص بالمحجبات و أوصت إحدى العاملات بعرض أحدث صيحات الموضةعلى زينة، و اقترحت على يوسف أن ينتظر بمكتبها حتى يترك لها مطلق الحرية فى الاختيار و التجربة، فرحب بذلك الاقتراح بينما زينة رمقته بنظرات تحذيرية بألا يفعل، و لكنه رسم على شفتيه ابتسامة ماكرة و ألقى لها قبلة على الهواء و غمزها باحدى عينيه و أولاها ظهره و سار خلف صاحبة المتجر باتجاه مكتبها.
بعد مرور ما يقرب من ساعة مرت على زينة كأنها دهر، اختارت أخيرا فستان فضفاض كما يحب يوسف أن يكون، و لكنه كان فى منتهى الجمال و الأناقة و اختارت معه حقيبة يد صغيرة و حجاب من نفس ألوان الرداء، و سارت مع العاملة باتجاه مكتب المديرة و نار الغير تتوهج بصدرها كالجحيم المستعر، أخيرا دلفت المكتب بملامح واجمة، بينما يوسف استقبلها بابتسامة مستفزة فردت عليه بابتسامة مصطنعة و هى تتوعد له بداخلها و تصتك أسنانها غيظا من تظاهره بالبرود و الاستفزاز و كأن شيئا لم يكن.
خرجا من المتجر و استقلا السيارة مرة أخرى، و بمجرد أن استقر كل بمقعده، انفجرت به مردفة بعصبية:
من امتى يا أستاذ يوسف يا محترم بتقعد مع ستات فى مكاتب لوحدكم...ها؟
أجابها ببرود يقصده:
الباب كان مفتوح على فكرة.
أجابته بنفس النبرة و هى ترفع سبابتها فى وجهه قائلة:
بردو مهما يكن...ميصحش اللى انت عملته دا...
اصتكت أسنانها بشدة و تحدثت من بين أسنانها المطبقة على بعضها:
و بعدين...و بعدين مكنتش شايفها بتبصلك ازاى...دى كانت هتاكلك بعنيها.
حاول يوسف أن يكبت ابتسامته و أجابها بثبات:
أومال كنتى عايزانى أستنى معاكى أكتر من ساعة و انتى بتقيسى دا و تختارى دا و أفضل أنا بقى كل شوية أقولك انجزى، و انتى تقوليلى استنى بس لحد ما ضغطى يعلى و أنا قاعد مستنيكى؟!
اجابته بسخرية و تهكم:
لا ازاى؟!..تقعد مع الهانم اللى هتاكلك بعينها تسليك و تضحكو و تهزروا شوية بدل كآبة الست زينة بتاعتك...مش كدا بردو؟!
رد بحدة مصطنعة:
لا..لحد الست زينة بتاعتى و ستوب...لو سمحتى متغلطيش فيها...مسمحلكيش تقولى عليها كئيبة...انتى متعرفيش انها خط أحمر عندى محدش يقدر يقربله؟!
كبتت ابتسامتها بصعوبة، فقد استطاع أن ينسيها ما أثار حنقها و غيرتها بسهولة، و لكنه لم يكتفى بذلك و انما استرسل بنبرة عاشقة و ابتسامة عذبة:
زينة دى حبيبتى و بنتى و مراتى و صحبتى و قلبى و حياتى و....أقول كمان و لا وراكى حاجة؟!
لم تستطع كبت ابتسامتها أكثر من ذلك و سقط قناع الجمود و الغضب و انفجرت ضاحكة أخيرا، فضحك هو تباعا، و بعدما هدأت نوبة الضحك أمسك كفها و شدد من قبضته عليه بحب و هو يقول بجدية:
مكنتش أعرف إنك عبيطة اوى كدا...حد يبقى معاه القمر و يبص للنجوم...و بعدين انتى تعرفى عنى كدا...المفروض يكون عندك ثقة فيا أكتر من كدا...أنا بعون الله لو اتحطيت فى وسط حفرة ستات و لا يهزو فيا شعرة...واحدة بس هى اللى ممكن تقلب كيانى كله و تحرك قلبى من مكانه...بتهيألى كدا انتى تعرفيها..و لا إيه؟!
كان صمتها و خجلها الظاهر على محياها جوابها الذى أغناه عن أى إجابة منها، فرد عليها بابتسامة متيمة و عاد مرة أخرى ليركز بطريقه.
أنت تقرأ
تائهة بين جدران قلبه"كاملة"
Romanceألقت بنفسها فى طريقه بمحض إرادتها فى مقابل المال و لكنها وقعت فى حبه دون أن تحسب لذلك حساب ، و كيف ﻻ تحبه و هو أنقى و أطهر من رأت من الرجال ، و لكن من تكون هى لتعشق رجل مثله ؟ فهى مجرد فتاة ليل مجهولة النسب ؟ فهل ستجد السبيل إلى قلبه ؟ أم ستظل تائ...