" أثـر " / 6

1.4K 49 4
                                    



نضت تاني يوم كالعادة ، بأمانة كنت متخيلة اني حنلاقى مسج أقل شئ من ياسيـن ، بس تليفوني كان فاضي كأنه صحـراء ، تنفست بقوة ، لوحته علـى السرير ونزلت ..
لقيت الحوش شبه فاضي الا من ماما ..
أنـي : صباح الخير ماما .
ماما : صباح الوردات ، تعالي افطري هي .
أني : وين الباقي !
ماما : طلعوا مع بوك ، ماشيين بيديروا اختبار التطابق .
أنـي : يصير انه يمشوا بلا بيا !! وهو كل الموضوع يخصني !!!!
ماما : ماسة اهدي يابنتي ، انتِ عندهم كل شئ يخصك ، مشيتك مليهاش داعي ، ماهو قعدتي وربحتي راحتك اقل شئ .

نضت سيبت ماما وركبت لداري نتأفف ، الكل بدي يعامل فيا بطريقة الشفقة واخدة منها حصة ، منقدرش نتحمل هالشئ على كل حال ، لـبست حوايجي وعلى طول طلعت ..

درست سيارتي في مكان قريب للبحر ونزلت نتمـشى ..

كل شئ فحياتي تغيّر في رمشة عين ، كـل شئ كنت نرسم فيه جي المرض في ثواني مسـحه ، الأفكار لمت بعضها ونزلت على هيئة دموع ، نبكي وقلبي يرعش ، عـلاش اني يارب ! علاش ديما اني ؟ ، مش اعتراض على حكمك ، لكن اني جهدي شوية كيف بنقدر نتحمل ، اني مش قد معارك جديدة ، الي عشته قبل سادني ، الي عشته قبل استهلكني ياربي معش معندي ما نعطي حتى لروحي ، من وين حنلقى طاقة نصمد بيها قدام المرض ، من وين حنلقى قلب قوي يقعد صابر ، معقولة هادي ضريبة القوة الي نمثل فيها ؟ ، هادي ضريبة ماسة الواقفة الي الكل حاسدها على كساحة ورزانة عقلها وقلبها ، بكيت يومها هلبا ، بكيت بدموع وصوت ، مكنتش منتبهة لحد فالشارع ، بكيت كأني أول مرة نبكي ، بكيت سنيني الي فاتوا ، بكيت مرضي بكيت عيلتي بكيت الوقت الي في كل مرة يتفنن كيف يجيبني طايحة .. وعلـى كتف من بنحط راسي يا وقت ؟


في دوشة الدموع والافكار وغيمة الحزن الي كانت فوق راسي ، اتصل بيا ياسين ، مكنتش مقررة نرد اول مرة ، لكن لما اتصل مرة تانية حسيت انه في حاجة تقولي ردي ياماسـة م توخريش .. خسرتي كل شئ معليشي لو خسرتي شوية من كبريائك الي للحظة هادي مخـليك بروحك ترقدي وتفيقي ومفيش بنادم قدر يفوت الدائرة السودة الي راسمتيها وحابسة روحك فيها ..

اخيرًا رديت ..
ياسين : مـاسة كيف حالك ؟
صوت ياسين يستفز فالدموع ويخلي فيهم ينزلوا اكتر .
بنبرة مغصوصة بهمها : كويسة اني كويسة .. انت كيف حالك !
ياسيـن : هذا مش صوت وحدة كويسة ، ماسة شن صاير ! اتصالاتي يضايقوا فيك !!
أني : لو يضايقوا فيا مفيش شئ يخليني نرد عليك ره ، وبعدين اي يضايقوا فيا معش تقربني ولا تجييي جيهتي ، سلام .
سكرت ف وجهها بعد نوبة العياط المخلط بالدموع الي  خلت كل حد فالشارع يشبحلي ويحسابوني مش طبيعية ، بنظرات حادة واجهت كل من كان يشبحلي مسحت دموعي بأيديا الزوز ، وهربت فيسع للسيارة ، سكرتها وانهرت من جديد ، بكيت هلبا ، بكيت واني نلوم في روحي علاش نتصرف هكي في كل مرة ، علاش م نعطيش روحي فرصة ونعطيه ، قلبي يقولي م تنكريش انه في حاجة تجذب فيك لـ ياسين ، وعقلي يقولي ياماسة م تضحكيش ع الولد انتِ مريضة علاش تعلقي فيه في حبال واهية وح تنتهي بيه وهو طايح ؟ ، وبين الاتنين ماسة كانت تنحرق على روحها قبل أي حد ..

فاتوا دقايق على هالحال ، أخيرًا شديت تليفوني ، اتصلت بياسين ودموعي قاعدين م وقفوش .
.. : ياسين انت وين ؟
ياسين : اني فالحوش ، تبي حاجة !
أني : تقدر تجي للمقهى !
ياسين : ربع ساعة ونكون عندك .
أني : تمام نستنى فيك .

طلعت ومشيت طول ، الحب كان يشبحلي من بعيد ويقولي براڤو يامـاسة طلعتي ذكية ، هادي فرصة ردي بالك تريحيها ، يـاسين طريقك فيا ، ياسين مكانك ..

وصلت خشيت لقيته يستنى فيا على نفس الطاولة ، مكنتش منتبهة على ملامحي شن صاير فيهم ، لكن تقاسيم الصدمة كانوا واضحات على ياسين ، بصوت واضح متأثر : ماسة شن صاير خيرك ؟
لما بديت نبكي بديت يسكت فيا وخداني وطلعنا برا الـمقهى ، ياسين معرفش كيف يتصرف قدام دموعي ومعرفش يسكت برضو ، قعد يهدي فيا ويحاول يستوعب خيرني ، حاولت اخيرًا نتمالك روحي قتله نبي نمشي للبحر ، نصدم ياسين برضو ، وقالي نمشي وراه بالسيارة ..

وصلنا ونزلنا الاتنين ، كان قدامي البحر ووراي ياسين ، ولسان حالي يقول " انتِ الي تختاري تهربليه في كل مرة يا ماسة ، انتِ الي ترسمي فطريقك ليه " ..

كنا اثنينا ساكتين ومفيش صوت طالع الا صوت الحب وهو يئن ..

ياسين قطع عليه : ماسة مش حنضغط عليك ونقولك احكيلي ، لكن لما بتحكي اني نسمع .. من اول عرفتـك فيه واني مقدرتش منفكرش فيك باش نكون واضح ، حاس في كل مرة انه فيه حاجة منك مخليا فيا أثر ، هيا الي تخلي فيا نتصل والي تخلي فيا ندور في طريق توصلني ليك .
أني : ياسين اني مريضة .. عندي لوكيميا ..
ياسين مقالش ولا كلمة بديت نحكيله بالتفصيل شن صار معاي ، نحكي ونحكي وياسين مقالش ولا حرف ، حكيتله الي صارلي كلـه من بداية م طلعوا عليا الأعراض لليـوم ، وفهمته انه اني مـش الطريق الي ممكن يمشي فيه  .. ياسين برضو استمر ساكت ، وفاتوا دقايق على الحال هدا ..
اني : مش حتقول شئ !
ياسيـن : ماسة انتِ تحسي بحاجة ليا ؟
قعدت ساكتة وبلا احساس بدو دموعي ينزلوا بروحهم .
ياسين تعصب وقعد يقولي بنبرة حادة ، بطلي تردي على كلامي بدموع ، ماسة ردي تناقشي تكلمي .

كأني كنت نستنى في سبلة باش نعيط زيه ، بديت نعيط عليه ونقوله انت شن دخلك لحياتي ، شن حطك فطريقي ، علاش جيتني ف اسواء وقت ، وزيادة تسأل فيا فيه حاجة ف قلبي ولا ، اني معنديش م نعطيك ، حتى كان قلت اي ، اني فارغة فاضية ، حتى شوي الجهد الي عندي ان شاءالله نقدر نواجه بيه المرض ، ياسين انت وصلت لحياتي متأخر ، و فوقت غلط ، حتى الحاجة الي جمعتنا جرح عندي منه نسخة وعندك منه تانية ، ياسين لازم بعد هاليوم معش تجي ف طريقي ولا تكلمني ولا تقربني ، اني وياك مستحيل ح نجتمعوا ، مهما كان السبب ، اني مش حمل حد جديد فالوقت هدا يخش لحياتي ، ومـش حمل شفقة حتى .
ركبـت سيارتي وروحت وكالعادة م خليتش لياسين فرصته وحقه فالكلام ..

لربي حكمة في كل شئ يصير ، ومش ناقصنا غير شوي قناعة نكملوا بيها ونستمروا ، لكن كيف هالقلوب بتستريح وهالعقول بتصبر على خفايا القدر ؟

وكلمة الحمدلله قداش داسة من هموم فيها ودافنة من خيرات وراها ، الحمدلله على الأحزان الي بعدها ربي جايب غيث الفرح ، والحمدلله على التعب الي منه بنلبسوا ثوب الراحة ، الحمدلله بقلب راضي على الوقت توا والي داسه بعدين ، من هم وغم ، ومن راحة وفرح
ربي عز وجل قال (   ‏وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ) ، وبعد هكي مفيش حاجة تريح وترضي وتخلينا نقولوا الحمدلله ❤️.

نـُورا نصر /يتبع .

" أثـر " حيث تعيش القصص. اكتشف الآن