جفاف عاطفيّ.

38 5 3
                                    


ها أنا أتذكّر وجه فايلي تلك اللحظة للمرة الواحد ما بعد الألف و أنطلق في ابتسامة هستيرية لا مكان لها من الصحة، لقد كانت تشبه زرافة طويلة قد أضاعت طريقها بلا أي منازع.

أظن أن خمس دقائق قد مضت، ليس بالشيء الكبير، لكنني أشعر بكثير من الفخر لما فعلته، أنا قد وضعتها رسميا تحت حمايتي أمام المدرسة، و حقيقة...الشعور مذهل.

لقد كنت أحس في بداية الأمر بالعديد من مشاعر الاحراج و الخجل حين أقف أمام الجميع مظهرا أي نوع من السيطرة، العلو و حتى التكبر، لم أكن معتادا على هكذا تصرفات! لكن الجدير بالذكر أن جيمين قد غيرني، و الآن هو دوري لتغييره!

بينما أنا أسبح في أفكاري الغريبة اللامتناهية خطت أقدام على الأرض تفوقني سرعة لتتوقف قبلي بقليل، رفعتُ رأسي نحو فايلي العاقدة حاجبيها بنوع من الانزعاج...

الآن هي زرافة طويلة عقدت حاجبيها بعدما استيقنت أنه لا وجود للطريق التي كانت تبحث عنه.

_"لِمَ بحقّ كلّ من هم موجودين في المطعم المدرسيّ فعلتَ ذلك؟"

هل صرخت عليّ للتو لأنني أعدتُ شرفها؟

رفعتُ كتفاي بلا مبالاة متخطٍ إيّاها مكملا طريقي نحو غرفتي بينما أقول:

_"ألم تكونِ مضلمة قبل قليل بسبب ثلاثتهم؟ أنا فقط قمتُ بالواجب!"

_"لقد ضربت ثلاثة طلاب بسببي أيّها الغبيّ، أتعلم ما يعنيه هذا؟"

حسنا هذا يكفي، فلتنقص نبرة صوتها هي تغضبني.

تقدمتُ نحوها مهسهسا بنبر مظلم:

_"أنا كنتُ أحاول مساعدتك، و قد نجحتُ في ذلك، لكنكِ لا تقدرين ذلك، مالذي يعنيه؟ أنهم معاقين حركيا هذا ما يعنيه! و لكنكِ تهتمين لأمرهم أكثر من اهتمامكِ بما فعلته من أجلكِ! هل تعين للسبب الذي يجعلكِ غاضبة مني الآن أم ماذا؟ أنت حتى لم تسعدِ بالإطراء لنفسك!"، قلتُ لأنهي كلامي ناقرا على جبينها مرّات عديدة بقوة و ذلك بالفعل آلمها.

رفعت يدها لتبعد سبابتي التي تزعجها لكنني لم أنتهي بعد...

أمسكتُ يدها بقوة لا واعية من طرفي و أكمل صارا على أسناني:

_"أنتِ تجعلينني في موقع الأحمقّ الآن لأنني ساعدتك، هل تعين ما تفعلينه؟ بأيّ حقّ تعاتبينني على عمل جيّد أحاول فعله ها؟ تعلمين جيدا أنكِ جرحتِ بكلماتهم لكنكِ لا تهتمين أبدا، هذا سيء ألا تفهمين؟ أنتِ قاسية معي حاليا، و عنيفة، و وقحة لا تستحق المساعدة..."، صمتت تاركا يدها لعلامات وجهها التي بدأت تأخذ الخاصة بالألم رغما عنها، ثمّ استدرتُ مستعدا للعودة للمطعم المدرسيّ:

_"أوه و ناكرة للجميل من أجل ثلاثة عهرة أيضا."

حين أوشكتُ على وضع يداي داخل جيب بنطالي مستعدا لتركها مع حالها هي جذبت قميصي من الخلف، لحظة رجوعي خطوتين للوراء، ترددت قليلا تنظر إلي ثمّ أمسكت يدي مشابكة أناملي بأناملها الرقيقة و الباردة، أمشتني وراءها آخذة إياي لمكان ما بينما فكرت بالطريق...

ظل ظلامها: سيئان.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن