المقدمة

1K 11 3
                                    



تنويه: لا احلل ولا ابيح نقلها او نسخها لأي مكان آخر من غير اذني .. كذلك يمنع منعاً باتاً استخدام الرواية لأغراض تجارية ومنفعية ..... وشكراً 



،,

رحلت يا سهيل ..

فرحل معك النسيان .... والذاكرة

قيل في يوم ..

أن أسوء ذاكرة ... تلك التي لا تنسى

أيا نجمي المنطفئ ...

كان رحيلك هو أسوء ذاكرة .... سافرت في اضعف باخرة

فلم يبق بعدك .... أية ذكرى لتنسى .....!


،,


ماضٍ يتحدث

خرّت على الأرض وقد شل الخبر أطرافها حتى باتت رخوة هلامية لا قوة فيها

وصرخت

صرخت حتى وصل صراخها آخر منزل من منازل القبيلة وتعداه الى أن شق عتمة السماء الساكنة:

لااااااااااااااااا ........ ولديييييييه واخذت تلطم وجهها بـ جنون: ولديييييييه .... لا تذبحوووون ولدييييييييهامسكتها شقيقة زوجها الكبرى وهي بالكاد تستطيع كبح دموع فجعها .... حاولت مواساتها .... الا انها شعرت
بالسخف !!!
كيف لها بحق الله تهدئة ام مكلومة .... وبهذا الوقت بالذات ...... كيف وهي نفسها تحتاج من يواسيها ... ويخبرها ان الذي تشهده ... مجرد كابوس
جسدها بأكمله ينتفض منذ ان اتاهم الخبر من احد صغار أبناء عمومتهم .... ينتفض .... وتتصاعد فيه حمم كارثية

تشبثت بها المكلومة بقوة صائحةً بجنونها ... وبفاجعتها التي وصلت عيان السماء: دخيلج ريسه .. دخيلج ... ابوس ايدج ورييييلج .... وديني صوووبه
ضربت رأسها وهي تزمجر بـ وجع هستيري: ودددييييني صوووووبه ... أبا ولدددديه ... أبااااااااه
امسكت بذراعيها وهي ترمقها بعيناي باكيتان حمراوتان ... وبصوت تفجر باللوعة .. والرجاء: دخيلج وديني صووووبه .... ابوووس اييييدج وديييني صووووبه


يالله ...... تطلبين المستحيل يا ابنة علي ... تطلبين المستحيل ونجوم الظهر

اغمضت عيناها بـ قوة .... وقالت بحشرجة مميتة: مـ مـ ماروم ..... مـ مارووووم
ضربتها الام بـ شراسة وهي تتلوى بـ وجع وحشي مشتعل: ياللي ما تخااااافووون الله ... ياللي ما تخاااافوووون الله ... تبوون تجتلووون ولديييييه ..... تبون تجتلوووووونه

حاولت ريسة احتضانها ... لكن الأخيرة ابت الا ان تعلن وجعها بأشرس الطرق الممكنة
وحاولت اغلاق فمها كي لا يفتضح امرهما .... لكنها لم تتمكن من السيطرة عليها

رفعت الام عيناها بعنف ... وقالت بنظرة تقدح شراراً: انا اعرف وين ودوا ولديه

وبـ ثانية مسروقة منها العقل ..... اخذت برقعها ... وهرعت للخارج وهي تلبسه فوق غطاءها الكبير والذي يحجب كل جسدها الممتلئ

شهقت ريسه بـ جزع عارم .... ووجدت نفسها تركض نحو نعليها ... وتنتعلهما بسرعة
ثم هرعت خلف زوجة شقيقها بعد ان سحبت في طريقها عبائتها:
نووووورة .... نووووورة صبرررري ... وين ساااايرة الله يهدااااااج

تساقطت دموعها وهي تصرخ بصوت اعلى ... واحد: نوووووورة ... دخيلج لا تفضحينا بين النااااااااس ... دخيلج يا نووووورة ... ردددددينووووووووووورةالا ان نورة لم تلتفت خلفها ... بل وجدت نفسها تهرول بجنون ..... بين الأزقة المظلمة .... والبيوت القديمة .... والدكاكين العتيقة التي مضى عليها الدهر

ولسان حالها يردد بلوعة علقمية .... وبتسول باكي ..... اسم ابنها الوحيد .... ابنها الذي لم تنجب سواه



الى ان وصلت لـ مبتغاها .... لـ وادي بو الين "أبو الجن" ... الوادي الذي لا يجرؤ أي انسي على الاقتراب منه ليلاً

وسرعان ما انكبت على الأرض ما ان أضيء وجهها .. وعيناها ... بـ شعلة النيران الملتهبة

اخذت بعينان هستيريتان .. تنظران الى رجال القبيلة ... اسفل الوادي
وهم يحملون جسداً مغطى بـ "الخيش" ..... ويرمونه في حفرة نارية مهولة شبيهة بالتنور

فغرت عيناها على مصراعيهما ..... ونست التنفس ...... للحظات طويلة

أتت ريسة خلفها وهي تلهث بعنف وبكاء
وما ان أصبحت قرب نورة .... ورأت الرجال اسفل الوادي يبتعدون ويتفرقون عن الحفرة النارية ..... حتى علمت حقيقة ما فاتها
حقيقة انها ابداً لن تراه .... ولن تشتم رائحته
وبلا تفكير ...... صرخت باكية على روح كانت أولى من جعلتها تشعر بالأمومة ...... وبـ امتلاء الروح بعد الخواء

،,

رواية كما رحيل سهيلحيث تعيش القصص. اكتشف الآن