(لا تلهيكم القراءة عن الصلاة يالغوالي)
الفصـــل الســـادس والعشـــرون
،,
مرت ثلاثة أشهرأشهرٍ كانت عصيبة جداً بجميع المقاييس
في مكانٍ بعيدمجهول الإحداثيات .. ومجهول التوقيت
فتح عيناه وهو يدعو الله بعذاب الا يظهر البياض امامه مرة أخرىالا يرفع كفوفه فيرى البياضالا يخفض عيناه فيرى البياضالا يستنشق رائحة المكان الأبيض .... الشبيهة برائحة غرف العمليات المقيتةالا تلتقط اذناه صوت اجهزة التكييف المركزية الطنانة المستفزةفـ خاب ظنه في كل أمانيهصرخ وهو يصفع وجهه .... ويضرب رأسه مرة تلو المرةيريد فقأ عيناه كي لا يرى الابيضلكن لا شيء حولهلا شيء فعلياً مُغطى سوى بالبياضيحدّق حوله بنظرات جاحظة مهتزةيقبع داخل غرفة كبيرة جداًكل شيء فيها ابيض .... ومن جميع الاتجاهاتولا تحتوي الا على سرير ابيض ومرتبة بيضاء وغطاء ابيضوحتى ألوان المغسلة والمرحاض ورشاش المياهالموضعين بشكل مرتب ومتراص قرب السريركذلك باللون الابيض الناصع الباردضرب الباب الابيض وهو يصرخ بهستيريةبعيناه الجاحظتان المحتقنتان من اثر الارق والحالة النفسية المتدنية:طلعووووووونيطلعووووووني خلاااااااااصبتخخخخخخخخخبلبموووووووووووووتظل على حالته الهستيرية دقائق طويلةدقائق سبق وان تكررت كثيراً الشهور الماضيةفي أول شهر له هنا كان يومياً يصرخ ويستنجد بـ اللا احدفلا احد يسمعه او يتكلم معه او يراه او يدخل عليهلا تدخل غرفته سوى ثلاث وجبات يومية من فتحة صغيرة اسفل البابوكلها اطعمة باللون الابيضارز ابيض .. وزبادي .. وحساء ابيضتُقدم الوجبات المتشابهة بمعالق بيضاء وصحون بيضاءاما في ثاني شهر .. فـ خفت حالته قليلاً اذ انه اصبح ثلاث مرات اسبوعياً يقع صريع الهستيرية والصراخ والعويل والبكاءبداية الشهر الثالث كانت بداية الموت البطيءلان حالته العقلية بدأت تدخل دهاليز غريبة لكنه اغلب الوقت يحاول صفع نفسهوتذكيرها انه يجب ان يقاوم .. يجب ان يصارع ..يجب الا يخضع للضعف ...... لكنه مرتعب حد الموت ...لا يعرف اين هو .. وكم من الوقت مر عليه هنا ..... ولا يعلم من وضعه هنا اساساً ....!دار حول الغرفة الواسعة بسرعة جنونية وهو مغمض العينانلا يريد رؤية اي شيء له علاقة بالبيـــــاضرؤية احمرار دمه اهون عليه من رؤية اللون الابيضصرخ من هول هيجانه حتى ضرب برأسه الحائطيريد رؤية الدميريد اراحة عقله قليلاً ورؤية اي لون غير الابيضلكن حتى الحائط كان مغطى بطبقة سميكة من الفلين الابيض ذو الملمس الناعم الباردكـ حال المغسلة واجزاء دورة المياه الباقيةوكأن الذي وضعه هنا يعلم انه سينوي اذيّة نفسه في مرحلة ما من مكوثه !
أنت تقرأ
رواية كما رحيل سهيل
Romance،, رحلت يا سهيل .. فرحل معك النسيان .... والذاكرة قيل في يوم .. أن أسوء ذاكرة ... تلك التي لا تنسى أيا نجمي المنطفئ ... كان رحيلك هو أسوء ذاكرة .... سافرت في اضعف باخرة فلم يبق بعدك .... أية ذكرى لتنسى .....! ،,