3

404 47 4
                                    

على حب فاطِمة_٣

أعاده الى الواقع صوت إحدى السيارات التي كادت تصدمه لولا لُطف الله، رفع يده مُعتذراً من سائقها ثم انتظر قليلاً ليستقل سيارة أجرة أخرى عائداً الى منزله.

أخبر والده بماحصل فأعادت له كلمات الحاج شاكِر التشجيعيه ثقته بنفسه ، لكنه كان مؤيداً لكلام الشيخ بشأن حال تلك المدينة المنسيّه.

لقد مضت ثلاثة أيام على زيارته لشيخ حسن وهاهو شهر محّرم يخيّم بأحزانه ولاأثر ، لم يتصل به الشيخ كما وعده ولم يشأ أن يلحّ هو عليه ، فبقي ينتظر وقد وفّر له ذلك فرصة الخدمة في موكب لخدمة الزائرين طيلة العشر الأوائل من هذا الشهر.

وفي اليوم الثاني عشر وبعد ان هدأت أصوات العزاء الحُسيني ماعدا صوت المجلس الذي أقامته والدته في منزلها مواساةً للعلويّة الغريبة زينب تلك الأميرة الأسيرة التي ظلت وحيدة في تلك الليالي الموحشة بعد فقدانها لشمس الدُنيا وقمر العشيرة.

كان جالساً برفقة فارِس في منزل اخته فاطِمة حين رنّ هاتفه مظهراً رقم الشيخ حسن على شاشته.

وبمكالمةٍ مُقتضبَة سريعة أخبره بحصوله على الإجازة وبأنه سيمر عليه غداً ليذهبا سويةً.
كان يحمل هماً كبيراً بقدر الفرح الذي دخل قلبه ، فالمسؤولية كبيرة بنظره والحِمل ثقيل وعليه ان ينجح لدى صاحب الزمان ويُثبت له ان لديه شخصاً يهتم به ويعمل لأجله في هذا العالم المُتناسي.

وفي صبيحة اليوم التالي كان صاحِبنا يجلس في المقعد الخلفي من سيارة الشيخ حسن ينظر بذهول الى المنازل الفارِهة والبناء الفخم في شوراع تلك المدينه ، سأل بدهشة ليجيبه الشيخ الجالس في المقدمة :

_هل يظن هؤلاء الناس انهم باقون للأبد في هذه القصور؟
هذا بناء من ظن انه سيعيش أبد الدهر وليس من يظن انه مُلاقٍ حسابه .!

_ليت الجميع يفكر هكذا يامحمد ،ثم أشار بيده الى احد الأزقّه لينعطف السائق يميناً ثم يوقف سيارته.

حسناً يبدو انهم وصلوا الى مقصدهم ، كان مسجداً صغيراً يتوسط الساحة العامة في تلك المنطقه ، يلفّ قبته الغُبار ومنظره يبدو حزيناً كشخصٍ وصى به والده ثم مات فتركه الجميع يتيماً كأنهم لم يسمعوا وصية والده فيه!
فتح الشيخ باب المسجد بمفتاحٍ أخرجه من جيبه ، وذرف داخله تبعه محمد الذي أخذ يسعل بسبب الغبار الذي هاج فور فتح الباب.
كانت بيوت العنكبوت تملأ الزوايا والأركان وقد غطّى التراب الرفوف الخشبيّة المصفوفة على الحائِط فأصبحت الكُتب كأنها لوحة طينيةٍ حُفرت على جِدارٍ سومري قديم.
تأكّد من مفاتيح الكهرباء ، فوجد انها لاتزال تعمل، أخذ يتجول في انحاء المسجد وهو يحدّثه في قلبه ، يابيت الله المعظم اعدك اني سأعطّر ارجائك بذكر الله كل يوم وسأنثر شيئاً من عبير إمام الزمان في كل زواياك حتى تغدو روضاً من رِياض الجنه.

على حُب فاطِمة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن