على حب فاطِمة_٧
اليوم هو الجمعه يوم مميز لدى غُفران فهو يوم عطلة ويمكنها أن ترتاح من ضغط الدراسة قليلاً، وهاهي الساعه الثالثة فجراً تتراقص أميالها وغفران لم يغمض لها جفن بعد، تدور في رأسها أفكار كثيرة وتعصف بقلبها عواصف مطيرة تهب منذ مدة في داخلها ، هل ياترى خلقت لتأكل وتشرب فقط؟
هل الدين خانق الى هذه الدرجه ؟
اذن لماذا ترى رُقيّة سعيدة بحياتها وهي الملتزمة المحجّبه ، ثم أنه حتى صديقاتها المسيحيات لايتركن صلاتهنّ ولاينفكن عن ذكر الربّ ولم تنسَ إحداهنّ ارتداء قلادة الصليب يوماً ، إذن لمَ تترك هي صلاتها؟ أوليس دينها أفضل الأديان!
وعادت الترتيلة السحريّة مجدداً ، وأعتلى صوت الأذان ، وخامرتها فكرة جديدة، لمَ لاتجرب الصلاة؟
قامت من فراشها الدافِئ وماأن وصلت الى منتصف الغرفه حتى عادت أدراجها ، وهل تعرف كيف تتوضأ وتصلّي أصلاً؟
تخافت صوت الصلاة المبثوث من مكبّرات المسجد شيئاً فشيئاً الى أن انقطع.
فوقفت لتزيح أطراف الستائر الفضيّة التي تغطي الشبابيك فرأته ، خرج من المسجد يرتدي السواد ماعدا عمامته البيضاء كحمامة سَلام وتقدّم ليصعد سيارته ثم ينطلق لاتدري الى أين.
زجاج الشباك مغطى بالضباب وأخذت مفاصلها ترتعد من البرد وهي تنظر من هناك، ياترى مالذي يراه هذا الشاب فيأتي بوقت كهذا لأداء الصلاة ، تود أن تعرف حقاً مالذي يشعر به ويبدو أنه ليس لديها حلاً غير أن تقوم بما يقوم به.
وعند الصباح كان محمد يقف خلف الكشك يساعد الرجل العجوز كعادته عندما سمع حوار الطفلين يتحدثان وهما ينتظران انتهاء العم ابونبيل من تجهيز طلبهما:
_لاأعرف كيف سنتصرف ونحن على أبواب الامتحانات.
ردّ الآخر وهو يضحك:
_برأيي فلنجرب الرسوب هذه السنه..تدخل محمد في المحادثه مستفهماً:
_خيراً إن شاء الله لمَ الرسوب؟_والله ياشيخ لقد تركتنا المعلمه في منتصف الطريق ولم نكمل المادة بعد ولم يبقَ إلا القليل على الامتحانات ، لاندري مانفعل.
_وماهي المادّة؟_اللغة الإنگليزية.
شبك محمد يديه على الطاولة أمامه وقال لهما وهو يرفع أحد حاجبيه:_كم ستدفعان اذا توليت مهمة تدرسيكما؟
قال أحدهما وهو يلتفت للآخر:_وكيف تستطيع ذلك؟ أعني ألست امام الجامع الجديد؟
_نعم أنا امام المسجد، لكنّي أكملت تعليمي الجامعي ثم درست في الحوزة، ومن حسن حظكما ان تخصصي هو اللغه الانگليزيه.
تهلل وجهيهما فرحاً ، فقال أحدهما :
_أين ومتى سنبدأ، وكم تطلب ثمناً؟
اجاب بأبتسامه:_أما أين ففي المسجد وبالوقت الذي تريدان ، ولن أطلب مقابلاً ، لكن هنالك شرط؟
_وماهو؟_شرطي أن لاتفوتا أي صلاة في المسجد ، وأن تخبرا زملائكما الباقين ليلتحقوا بنا أيضا.
انصرفا بعد أن اعلنا موافقتهما ، فبادره ابو نبيل بعد سماعه لما جرى من حديث:
_لقد رأيت البارحه محلاً فارغا للإيجار وفكرت فيك يامحمد ، لم لا تفتح دكاناً هنا تسترزق منه ، العمل ليس عيباً أليس كذلك؟
_كلا ياعمي أبداً، بل على العكس العمل عبادة.
_اذن لاتفوت الفرصة واذهب لرؤيته.كان دكانا مساحته واسعه وقريبا من المسجد، فانقدحت في ذهنه فكرة تحويله الى مكتبة.
وفعلا وبعد أيام تحول الى مكتبة عامِرة ومحلا لبيع القرطاسيّة وهكذا لن يضطر الى ان يذهب الى منزله ثم يعود أكثرمن مرة في اليوم.وبعد الانتهاء من أداء صلاة العشاء من ذلك اليوم تجمّع الاولاد حول الشيخ الذي بدأ بشرح المادّة وهم ينصتون له ، وأجمل مافي الأمر ان الشيخ لم يكن مدرساً منهجياً فحسب، بل جعل فواصل يشرح لهم بها بعض العقائِد أو يتكلم عن النبي وأهل بيته الكِرام.
وبعد انتهاء الدرس بادره احدهم بالسؤال:
_ياشيخ أليس المسجد للعبادة فلم ندرس هنا أذن؟ لمَ لاتختار مكاناً آخر؟وانبرى الشيخ موضحاً:
_صحيح أن المسجد هو مكان عبادة ، لكنه مركز لتأسيس الحياة واتخاذ القرارات في جوانب الحياة الأخرى اذا ارتبطت بالمسجد فستكون ذات بركة عظيمة ، أتعرف بأن النبي(ص وآله) كان يعقد الاجتماعات المصيرية المهمه في المسجد ويعلن بدء الحرب على المشركين من المسجد أيضاً، وألامام علي عليه السلام كذلك كان يحكم من مسجد الكوفة .وشاركه حيدر الجواب:
_وأبي يقول ان الحجة عليه السلام عندما يظهر سيحكم العالم من مسجد الكوفة أيضاً.
_أحسنت أحسنت ياحَيدر