8

279 37 3
                                    

على حب فاطمة_٨

كانت غُفران تجلس برِفقة والدتها ورُقيّة في حديقة المنزل عندما جاء حيدر أخو رُقيّة راكِضاً وهو يحمل كتابه بيده:

_هيّا يارقيه ماما تريدكِ في المنزل.

داعبت الست شهلاء شعره بينما تقول له:
_لمَ تحمل كتابك اليس اليوم عطلة؟

_بلى ولكنّي اتلقى الدروس من الشيخ محمد في المسجد .

ضحكت ضحكة عاليه وهي ترد عليه:
_وكيف يفهم هذا الشيخ غير الكتب الدينية، ثم ألم يجد مكاناً آخر غير المسجد؟

وانبرى حيدر يشرح لها كيف ردّ الشيخ على هذا السؤال بالأمس، فجعلها تسكت ولاترد بشيء.
لقد زاد تقدير غُفران لهذا الشيخ ، وهذا سيجعلها تقدم على خطوة تحدد ماتريده فعلا من هذه الحياة.

انتظرت قدوم المساء فأخبرت والدتها انها تريد الذهاب الى احدى صديقاتها ،  وقبل أن تجتاز باب المطبخ لمحت وجهها بمرآة الباب ، فلم يرُقها منظرها ، وحدّثتها نفسها بأنها لايجب ان تقابل الشيخ سافرة هكذا ، فعادت أدراجها لتأخذ أحد "شالات"والدتها التي تضعها على رأسها عند ذهابها الى الدوام ، وضعته عشوائياً وانطلقت،
كان الشيخ محمد جالساً خلف مكتبهِ في المكتبة يُطالع كتاباً ما عندما دخلت غُفران ، رفع رأسه ليرى مَن الداخِل ثم سُرعان مااخفض بصره عندما رأى بأنها فتاة.
وجاءه صوتها:
_مرحبا
_أهلا وسهلاً.
استجمعت قوتها لتقول بشجاعه:
_جئتُ طلباً للمساعدة، بالحقيقه أريد ان أصلي لكني لااعرف كيف ، ثم أرتبكت لتقول بتلعثُم
يعني أنا أعرف عدد الركعات لكن لااعرف الكيفيه.
لم يجب بشيءٍ لكنه بدا مُتفهماً وعوضاً عن ذلك قام من كرسيّه ليجلب _من احد الرفوف_كُتيباً صغيراً :
_تفضلي هذا سيشرح لكِ كل شيء.
أخذته من يده ، لتردّ:
_حسناً ، شكرا لك.
وقبل أن تستدير خارجة من المكتبة ، نادى عليها :
_أختي توقفي قليلاً لو سمحتي..
استدارت لتراه يحمل كتيبا آخر
_تفضلي هذا سيفيدكِ أيضاً.
شكرته وانصرفت خارج المكتبه ، وفي طريق العودة ألقت نظرة على الكُتيبان فكان احدهما أزرق اللون بعنوان" كتاب الصلاة"
والآخر أبيضاً يحمل عنوان " فريضة الحجاب".
شعرت بالخجل من مظهرها فهو بالتأكيد مادفع الشيخ لإعطاءها كتيبا يتحدث عن أهمية الحجاب.
دلفت الى منزلها ثم الى غرفتها مباشرةً، فتحت كتيب الصلاة  وبدأت بأستيعاب فقراته ، مضى نصف الوقت وهي تحاول حفظ ألأذكار الخاصة بالركوع والسجود وأفعال الصلاة.
هاهو أذان المغرب يُرفَع ، ابتسمت وهي تقوم لتتوضأ،
_سأعرف سرك ياشيخ، وسأكتشف سر النور الذي يكتنف جبهتك.
لم يكن الوضوء صعبا بالنسبة لها ، أغلقت الباب وتأكدت ان لاتراها والدتها لإنها ان لم تمنعها فعلى الأقل ستهزء بها وتضحك عليها، شرعت بصلاة المغرب وتبعتها بالعِشاء ، لكنها كانت صلاة عاديّة جداً مجرد حركات لم تشعر بروحانية فيها ولم ترَ مايراه الشيخ !
أسبوع مرّ على غُفران لم تفوّت فرضاً واحداً ومازالت تشعر بالجفاف الروحي.
وفي أحد الأيام وبينما كانت غُفران جالِسة برِفقة أحد زميلاتِها في الجامعة ، شاهدتا مجموعه من الفتيات مُتجمهِرات حول فتاة جالسة في الوسط بطريقة غريبه.
فبادرتها زميلتها :
_هل ترَين تلك الفتاة الجالسه هناك؟ يُقال أنها "قارِئة فال" مارأيكِ أن نذهب اليها؟
_أنا لاأؤمن بهذه الأمور.
_لكن احدى صديقاتي اخبرتني انها صادقة جدا فيما تقوله ، هيّا لنذهب ونختبر الأمر.
شدّتها من يدها وسحبتها الى حيث تجلس "قارئة الفال" تلك، دقائق مرّت والصمت يخيّم على المكان والفتيات مشدودات الى ماتقوله ، بينما كانت غُفران تتصبب عرَقاً وهي ترى تلك الفتاة ترمقها بنظرات حادّة من طرَف عينها بين حينٍ وآخر، شعرت بإضطِراب نبضات قلبها وهاجمتها أفكار مخيفه، ياترى هل حقاً تستطيع معرفة مابداخلي؟
هل ستكون على إطّلاع بجميع أفعالي وخفايا أسراري؟
كان الأمر مخيفاً أن تشعر ولو لحظة أن هناك من سيعلم ماتُخفي ، قد لاتكون أسرار كبيرة لكنها تبقى أشياء لايودّ المرء أن يُطلع عليها أحد نَظراتها الحادّة والخاطِفه توحي بأنها تعلم الغَيب !
ياللمشعوذات كم هنّ ماهِرات في الإحتيال وخداع السُذّج من الناس.
وصل دورها فأرتجف قلبها ، واغرورقت عيناها بالدموع ، وعندما سألتها عن اسمها ، حملت حقيبتها وأسرعت الخطى الى خارج الجامعة دون أن تنبَس ببنت شفة.

على حُب فاطِمة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن