17

267 35 2
                                    

على حب فاطِمة_١٧

أجابته وهي تتنهد تنهيدة طويله :
_بعد أن عدت ووالدتي الى هنا سمعنا خبر فقدها وانها خرجت ولم تعد لقد اتصلت بها عدّة مرات ولكنها رفضت اخباري بمكانها.

كان ياسر يشتعل غضباً وتوعدها بانه اذا وجدها فلن يدعها تبقى على قيد الحياة.

وبعد أن يأسوا من عودتها ، غادر برفقة والديها الى احدى المحافظات.

وهناك قامت القوات الأمنية بنصب كمين لياسر ومداهمة منزله بعدما كشفوا أمره ، توفيت والدتها على أثر اصابتها بطلق ناري خلال الإشتباكات مع القوات الأمنية ولحق بها والدها بعد ساعات فقط.

أما ياسر فقد أعتُقل وواجه مصيره بالإعدام.
_لاحول ولاقوة الا بالله.

واسترسلت الدكتورة زهراء في حديثها:
_وبعد وفاة والديها لم تجد بدّاً من اخباري بمكان وجودها وهاهي تعيش معنا منذ مايُقارب السنة.
أجابها وهو يضع يده على جبهته:
_كل هذا بسببي...
قاطعته:

_لاتقُل هكذا لم يكن بأمكانك فعل شيء، ياسر مجرم كبير وقد لاقى مصيره الذي يستحقّه، أما غُفران فتعيش بأمان قرب سيّد الشهداء لاينقصها شيء.

ثم اكملت بأبتسامة:
_لم تعد غُفران نفسها التي تعرفها، الآن تقوم بتدريس المكلّفات وأيضا تدرس وتحفظ القرآن الكريم .

وبالمناسبة أنا هي تلك الفتاة التي خرجت يوم عقد القران لتخبركم ان غُفران قد أغمي عليها.

عند المساء عادت لتجد غُفران جالسة في حديقة المنزل وحولها فتيات صغيرات ويبدو أن الدرس يشارف على الإنتهاء.
قالت إحداهن:

_سأذهب بعد قليل لزيارة العبّاس عليه السلام مع والدتي ، أنا أحب سيدي العبّاس كثيراً.
قرصتها من خدّها:
_هل يمكنكنّ أخباري لما لانستطيع الدخول الى ضريح الإمام الحسين او العبّاس بدون حجاب وعباءة؟
أجابت:
_لإني صرت كبيرة؟
وقالت الأخرى:
_لإنه لايجوز ياست؟
_بل لإن العبّاس عليه السلام غيور جداً فهو لايرضى للفتيات الجميلات أمثالكن ان يخرجن بلا حجاب ويراهن الرجال الغرباء، لذلك لايسمح لنا الدخول الى حرمه بدون عباءة ليخبرنا أنه يريد منّا أن نلتزم بالحجاب حتى عندما نخرج من كربلاء بل في أي مكان.
_ماأجمل كلامكِ ياست.
أجابت بأبتسامه:
_هيا ياعزيزاتي انتهى وقت الدرس، غداً ان شاء الله سأختبركن في حفظ سورة الأعلى .

وبعد ذهاب الفتيات، عاتبتها زهراء بنبرة جديه:
_منذ متى تُخفين عني الأسرار؟
ثم أخبرتها عن لقائها بالشيخ محمد الذي هو نفسه جريح الحشد الذي كانت تتكلم عنه سابقاً ، ردّت عليها غُفران من بين دموعها:
_كم أنا نادِمة على ذلك ، سبّبت الإحراج له ولنفسي، ليتني لم أذهب.
شدّت على يد غُفران وهي تقول:
_لقد مضى كل ذلك الآن، لقد طلب مُقابلتكِ.
_ولماذا؟

_لاأعلم لكنه طلب مني إخباركِ بأنه يريد لقاءكِ، ربّما ليطلب منكِ السماح ، لكن حباً لله لاترفضي ، آه لو رأيتِ كم هو مُتعب أرجوكِ.
_إن كان ولابدّ فليأتي هنا بعلم والديكِ برغم اني لاأرى ضرورة لذلك.

_بل ستأتين لرؤيته في المستشفى، فأنا بصفتي طبيبته لن أسمح له بالخروج من المستشفى قبل أن يتعافى تماماً.

_إذن فليتعافَ ثم يأتي بعدها.
صمتت زهراء قليلاً لتجيبها:
_أقول لكِ ان حاله حرِجه ، ماذا لو..
قاطعتها غُفران :
_حسناً حسناً ، سأذهب ولكن بشرط أن تأتي والدتكِ معي.

وفي اليوم التالي كان محمد ينظر الى نقطةٍ ما في سقف الغرفه ويبدو انه يسرح بعالم آخَر.

حركت فاطِمة يدها أمام عينيه بعد ان كلّمته ثلاث مرات ولم يجبها بشيء:
_محمد هل أنت بخير؟
ردّ وكأنه انتبه من نوم عميق:
_نعم نعم لاعليكِ أنا بخير.
عندها جاءه صوت والده ،الذي تبعته والدته مؤيدةً لكلامه:
_لاتقلق وتوكل على الله أنا متأكد انها فهمت موقفك وستسامحك.
لاتُرهِق نفسك بالتفكير.

لكن يبدو ان محمد كان لديه رأي آخر فقد إعتدل في جلوسه ليخبر والديه بخطته الجديدة التي انقدحت في ذهنه للتو.

أثناء ذلك دخلت الطبيبة زهراء لتخبره بأن غُفران تنتظر في الأسفل ويمكنه الذهاب اليها بعد الإنتهاء من المعاينه.

كانت غُفران تعيش حالة من التوتر وهي تجلس بأنتظاره على أحد المقاعد الخشبيّة في حديقة المشفى، لمحته من بعيد برفقة الدكتوره زهراء ، كان يمشي ببطئ ويتكئ على فارِس ، وعندما أصبحوا على مسافة قريبة منها ، غادرت الدكتورة باتجاه احد أروقة المشفى الداخليه وغادر فارِس عائِداً.

لقد تغير كثيراً لدرجة أنها لم تكن لِتعرفه لو رأته في موقفٍ آخر، فقد زيّن موضع السجود على جبينه تقطيب بارز لجُرح عميق، لكنّه كان يمشي بذلك الوِقار الذي عهدته عنده.

أما هو فقد تبسّم فور رؤيتها ثم أخفض بصره وتقدّم بإتجاهها ألقى التحيّة فردّتها بحياء ، أما والدة زهراء فقد تذرّعت بوجود احدى معارفها في المستشفى وستذهب لتطمئن عليها ثم تعود بسرعه.

جلس على المصطبة الخشبيّة ناكِساً رأسه للاسفل ، وأدرات هي بصرها تنظر للورود التي تدلّت من الشجرة التي كانا يجلسان بفيئها.

على حُب فاطِمة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن