على حب فاطِمة_١١
أمضت ايامها مكسورة الخاطر ، لم تدع زيارة الزهراء في كل ليلة .
اليوم هو الأربعاء وغُفران معتكفة في غرفتها ، تقرأ زيارة الممتحَنه ، قالت من بين دموعها التي تدفقت كميزاب ، أماه يازهراء ليت لكِ قبر كي ألوذ به ، ليتني أمسك بشباك ضريحكِ وأشكو لكِ.
قاطع أحلامها بوجود ضريح لأم السادات صوت طرقات على باب الغرفة الخشَبي، قامت لتفتح وهي تمسح دموعها بأكمام ثوبها،وإذا بها إبنة عمها لمياء :
_انهم ينتظرونكِ في الأسفل.
_حسناً، أنا قادِمه.
نزلت لتجدهم يجتمعون في الصالة، بادرتها أم ياسر:_لقد التقطت لكِ عدة صور لفساتين مختلفه تعالي لتختاري واحداً ، وهمّت لتفتح هاتفها
جاءها صوت آلاء مقاطعا :
_لم تعد الصور في هاتفك، قامت لمياء بارسالها الى هاتف ياسر عبر "ڤايبر".لم يكن ياسر ليسمح لها برؤية هاتفه لولا الحماقة التي ارتبكتها لمياء ووافق على ذلك مُحرَجاً ، كان يقف على رأسها وهي تمسك بهاتفه، جاءه صوت والده طالبا اياه في أمر فتركها مُرغَماً ، لكن لم يبتعد كثيرا فقد كان يجلس في نهاية الصالة بحيث يراها وتراه.
وهاهي الفرصة الذهبيه بالنسبة لغُفران كي تقطع الشك باليقين
أظهرت بعض الاهتمام الذي يوهم بتركيزها على صور الفساتين الا ان اصابعها تسللت الى تطبيق "واتساب" لترى الصدمة الكبرى ، محادثات مع أرقام دولية مختلفة ، تجرأت بالدخول الى احداها لتكتشف ان ياسر ارهابي وعميل بأمتياز.
كلامه يوحي بانه قام بعمليات تفجير عديدة ، وأكثر ماهالها التقاطه صوراً بشعه مع ضحاياه كي يُثبت لأسياده تنفيذه لتلك الأوامر.
كان يرمقها بنظرات حادّة ، أغلقت الهاتف ويداها ترتجفان وقامت بتسليمه هاتفه وهي ترتجِف.
أسرعت الخطى الى غرفتها لتقوم ببحث على الانترنت عن شعار غريب رأته في محادثاته " الدوله الاسلامية في العراق والشام" لترى بشاعة هذا التنظيم التكفيري الذي ينتحل اسم الاسلام.
وتأكدت ان من سيصبح شريك حياتها هو أحد أفراد هذا التنظيم القذِر ويبدو انه متنفذ جدا ، فلمن ستقول؟
تدرك انها في بلاء وامتحان عسير وليس لها سوى الاقتداء بزينب وهي تواجه يزيد ، النسخة الأصليه لتنظيم داعِش.
في اليوم التالي ودّت لو انهم يُلبسونها كفناً وليس ثوب فرح ، تنحدر دموعها بصمت وهي تشاهد مظاهر الفرح في منزلها ، السلوى الوحيدة كانت وصول قريبتها زهراء ووالدتها التي لم تعبأ الست شهلاء بقدومهن ، ارتمت غُفران في احضان زهراء، احتضنتها زهراء وهي تستغرب بكاءها في مثل هذا اليوم:
_خير ان شاء الله مابكِ ياغُفران.
ليتها تستطيع البوح بما تعرفه ولكن انى لها ذلك وقد حضرت والدتها لتخبرها ان تتجهز .
بعد ان انتهى الشيخ محمد من أداء صلاة العشائين، جلس مع مجموعة من الشباب جاؤوا يستشيرونه في مسائل متفرقة ، وكان والد غُفران من بين الحاضرين.
رحّب به الشيخ وسأله عن حاجته اولا احتراماً له ، ولكنه فوجئ بطلبه الغريب
_ألا تعلمون اننا في احد الأشهر الحُرم ، وأربعينية الحسين تقترب، اليس بامكانكم تأجيل العقد قليلا بعد؟تذرّع والدها بحجة ضيق الوقت وان ابن أخيه على سفر ولايمكن تأجيلها وقد ألح عليه بالحضور رغم رفض الشيخ .
كان ياسر يجلس على الجمر ويتفجر حقداً وهو يرى الشيخ المعمم يدخل الى الصاله، لكنه كان مجبراً فهذا هو طلب عمه ولايستطيع تبرير رفضه بشيء.
_هيّا ياغُفران ، لقد وصل الشيخ.
_سأقف خلف الباب لن أخرج أمامه بهذه الهيئة .تركتها والدتها ودخلت الى الصالة حيث يجلس الشيخ وهي تهزّ بيدها، تقطّع قلبها وهي تراها تدخل امامه بذلك الملبس الضيق، واخجلتاه منك ياشيخ واخجلتاه منك ياحسين !
اخذ الشيخ الموافقه من ياسر وحان دور غُفران ، حينها نادتها والدتها تعالي غُفران هيّا،
أشار الشيخ لها بيده :_يكفي ان يُسمع ماتقول لاداعي لحضورها.
لكن بدلا من سماع جوابها خرجت من خلف الباب فتاة متجلببة بعباءة سوداء لتقول بأستحياء:
_لقد أغمي على غُفران ياعمّة!هرع الجميع الى الداخل بينما بقيَ الشيخ وحيدا في الغرفه وطال غيابهم مادفعه الى الخروج من المنزل وقلبه يتألم لحال تلك الفتاة التي شهد رحلة تغيرها بنفسه.
قالت زهراء وهي تأخذ ضغط دمها :
_لديها هبوط في الضغط ليس اكثر، ربّما بسبب التوتر.كان ذلك خبراً ساراً بالنسبة لياسر وتراقص الشرّ بداخله فقال لوالدها فلنلغي عقد الشيخ ونذهب الى المحكمة غداً لنعقد هناك .
تنفست غُفران الصعداء فقد يكون هذا التأجيل بصالحها حتى لو كان ليوم واحد.
وعند العصراستيقظت لتجد أن لااحد في المنزل سواها، اتصلت بوالدتها فأخبرتها انهم ذهبوا الى احد أسواق المدينه، أما زهراء ووالدتها فقد عُدن الى منزلهن.
وقفت بباب غرفتها بعد أن ارتدت ملابس الخروج وأخذت مستمسكاتها وماكان بحوزتها من مال، كانت خطتها قصيرة المدى ، لكنها لاتعلم من أين يأتي شعورها بأنها لن ترى هذا المنزل مجددا ولاتدري لمَ أخذت هويتها معها.