على حب فاطِمة_٥
وفي اليوم التالي كانت غُفران تحدّق الى نقطة ما في صحنها عندما جاءها صوت والدتها:
_جهزي نفسكِ ، ستأتي " الكوافيره" بعد قليل.
_وماالمناسبة؟_يبدو انكِ نسيتي زفاف رهف!
حدّثت نفسها بإستياء : زفاف رهف هذا يعني مظاهر وموسيقى صاخِبه والله أعلم بما ستقوم به أمي من استِعراض أمامهنّ._لن أذهب لديّ امتحان مهم غداً ويجب عليّ ان ادرس جيداً.
قالت والدتها بنبرة غاضبة قليلاً:
_وماذا سأقول لمن سيسألون عنكِ، لقد أصبحتِ متعجرفه أتعلمين؟لم تردّ غُفران بينما بقيت تقلّب السلَطة وهي في صحنها.
_لمَ لاتتكلم مع ابنتك، ألا تسمع ماتقول؟
ردّ والدها بينما يقوم ليغسل يده:
_حاولن حلّ هذه المسأله بينكنّ ، سأذهب لغرفتي لأنام.انسحبت والدتها من المائِدة وهي تهزّ بيدها وتركت غُفران لوحدها في المطبخ ، أعادت رأسها ليستريح على خشبة الكُرسي وأغمضت عينيها بتعب ، لقد كذبَت على والدتها فلم يكن لديها امتحان بل الحقيقة أنّها سئِمت من كل هذه البهارج والزخارف الخدّاعه وأصبحت تشعر برغبة عارمة لتعيش حياة بسيطه وطبيعية أكثر لكن ماعساها أن تفعل؟
فهاهي الست" شَهلاء" لم تتغير أبداً ولن تتغير فمنذ أن وُلِدت غُفران وهي ترى والدتها هكذا تحب التفاخُر والإستعراض بظل زوجها الذي كان يسلّم لها ويتعمد على رأيها بكل الأمور.
وبينما هي كذلك تسرّب ذلك الصوت السحري الى مسامعِها مجدداً :{اللهُ يبسط الرِزق لمن يشاء ويقدِر، وفرحوا بالحياةِ الدُنيا وماالحياةُ الدُنيا في الآخرةِ إلّا مَتاع}.
فكّت عينيها، إذن هي لم تكن تحلم فجراً عندما سمعت الأذانثلاث أيام مرّت وغفران تغرق ثلاث مرّات في اليوم عند سماع الأذان لقد أحدَث في داخلها ضجّة عجيبه لدرجة انها ظلّت تنتظر طوال الليل حتى تسمع أذان الفجر فقد كانت له حلاوة خاصّة.
لقد رسمت في ذهنِها صورة عن المؤذن صاحب الصوت العميق الذي تسمعه ، كان تتخيل بأنه رجل ربّما في الستين أو السبعين من عمره ، قدّ تفرّغ لهذا العمل تماماً بعدما تقاعد من مسؤوليات الحياة.
كانت كلماته لاعلاقة لها بتأليف البشر ، ليس ككلام الروايات ولايمّت بصلةٍ لأشعار الشعراء، بل هو كلام يُرغم ذرّات الجسد على التفاعل معه ويفتح سدود الدموع لتنهمر بحب ويدفع الروح لتسجد رغما عن الجسد.