Part 27: ندم

888 32 45
                                    

"الذكريات غالباً ما تحمل بين طياتها الندم: الندم من عدم الاحتفاظ بالأشياء الجيدة وإباحتها، والندم على عدم القدرة على تصحيح الأخطاء."

*إريك ماريا ريمارك







في خضم هذه الحياة و بين فك الزمن، تُسَدَّدُ لنا الضربات و الأوجاع من كل حدب و صوب و لكن أسوأ تلك الضربات هي التي نسددها لأنفسنا و أقسى تلك الأوجاع هي التي نرتمي في أحضانها بإرادتنا و آنذاك نستسلم لتأنيب الضمير و للندم ليزعزعا ما تبقى لدينا من ثبات و ليلوكا بقايا شتات أردى أنفسنا إلى قاع التيه و الضياع.

و تلك كانت حال دونغهي منذ ذلك اليوم الذي آنكشفت فيه حقائق كان يجهلها و سقطت فيه الأقنعة ما عدا أقنعته الخاصة، فهو عوض أن يصب جام غضبه على الآخرين، أخذ يقتص من نفسه، يؤنبها و يقرّعها و ينهال عليها بسياط لومه فهو قد أدرك فداحة الخطإ الذي آرتكبه و جسامة المصاب الذي كاله لشخص لم يبخل عليه بعطفه و آهتمامه فإذا به يجازيه بالغدر و مختلف ألوان الكذب و الخديعة.

نأى بنفسه عن هيوكجاي و بيكهيون لما تبقى من ذلك اليوم متذرعا بآستيائه من سيوون في حين أن الحقيقة هي أنه كان يشعر بالخزي و الإستياء من نفسه و ليس من الآخرين أما هيوكجاي فقد فضل أن لا يزعجه و أن يسمح له بالإنفراد بذاته لبعض الوقت لعل الزمن يخفف من ثورة غضبه و يمتص أحزانه و آلامه، و لكنه أخطأ التقدير فتصرفات دونغهي أخذت تزداد غرابة مع مضي الأيام و أخذ الشرخ الذي ما كان موجودا بينهما قبلا بالتشكل ثم بالإتساع شيئا فشيئا و رغم كل الجهود التي بذلها ليدرك ما خطب الأصغر إلا أن محاولاته باءت بالفشل و أخذ الشاب يتذرع بآختباراته و بعودة والدته للسكن معه لتقليص الوقت الذي يقضيه مع الأكبر.

و هكذا، مرت الأيام على دونغهي مثقلة بصرح همومه باذخة العلو و بصخب أفكاره التي لازمت ليله و نهاره حتى أُسْقِطَ في يدي والدته التي عادت من موكبو لترافقه لبضعة أيام و لتصلح سوء الفهم بينه و بين آبنة خالته ها ني، لتفاجأ بعدم مبالاته بالأمر و بعدم رغبته بمناقشة تفاصيل مواعدتها لسيوون و آكتفى بأن ألقى على مسامعها كلمات جارحة حزت في نفسها

"و أنا ما الذي يعنيني من أمرهما؟ كلاهما راشد و مسؤول عن تصرفاته و قراراته و أنا لا سلطة لدي على أي منهما"

تنهد قليلا قبل أن يواصل بنبرة مسمومة

"فقط فلتحرصي، إن آستطعتِ، على أن لا ينتهي بهما الأمر بإنجاب نسخة أخرى مني، تلقنها الحياة أصنافا من الألم و يلقي عليها الآخرون نظراتهم المشمئزة و المحتقرة فيسقط عنها ضميرها و تلتجئ للخداع و الكذب لتحقيق مآربها"

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Dec 21, 2021 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

هيونغ : من أنت؟حيث تعيش القصص. اكتشف الآن