"فترات السفر طويلة ومملة لمن ليس له رفيق في رحلته، وكذلك رحلة الحياة."
عبد الوهاب مطاوع
قف على ناصية الحلم و قاتل! لطالما كان ذلك شعار السيدة لي منذ نعومة أظفارها، حاربت في هذا العالم كثيرا لتصل إلى ما هي عليه الٱن، درست بشغف و ٱجتهاد كبيرين لتلتحق بكلية الهندسة، أطلقت العنان لمشاعرها التي قادتها نحو والد دونغهي و تشبثت به وهي تنوي قتال الجميع من أجل علاقتهما الفتية و التغلب على كافة العراقيل و الصعوبات التي كانت ستحول بينهما نظرا لفارق السن و المكانة الإجتماعية قبل أن توجه لها الحياة أكبر صفعة و تكتشف أنه مجرد شخص مخادع و حقير ٱستغل جهلها و براءة مشاعرها و رغم كل ما حدث هي لم تستسلم و لم تسمح لأي شيء بأن يكسرها بل حاربت الجميع لأجل أن يرى طفلها النور، تجاهلت حقيقة كونه مصابا بمرض خطير و أصرت على إنجابه فهو كل ما تبقى لها بعد أن لفظتها عائلتها و تخلت عنها بسبب طيشها و خطئها الجسيم، تمسكت بدونغهي و كأنه ٱخر خيط أمل لها فهي قد أدركت بأن قلبها قد صدئ و تراكمت فيه الأدران، فقدت ثقتها بالرجال و خذلتها عائلتها، كرهت أن تجابه الحياة وحيدة و أن تعصف بها رياح الكراهية و الحزن دون أي سند فركنت إلى أنانيتها و رغباتها الدفينة و هكذا أبصر ٱبنها هذه الحياة القاسية و رغم كل ما واجههما هي ما ٱنحنت يوما و ما ٱنكسرت، ظلت شامخة كالجبال و حاربت بكل ما أوتيت من قوة لأجل أغلى ما تملك، عملت ليلا نهارا لتصبح ما هي عليه اليوم، جابت كافة أنحاء كوريا و ٱلتقت أغلب أطبائها المتمرسين حتى تتحسن صحته، تشبثت بتلابيب الأمل و حلقت في سماء حبها لذلك الصغير الذي ملأها رضا و كان دافعها الوحيد للمضي قدما و للإستمرار بمجابهة هذا العالم القاسي و المجحف، ما بكت إلا عندما رأته حزينا و متألما، ما لامت نفسها على إنجابه إلا عندما شاهدته ينطفئ أمامها و يذبل بفعل المرض و لكنها ما ندمت يوما على وهبه الحياة، ٱنذاك هي أيقنت أنها كانت فقط نرجسية و حملت صبيا صغيرا مشقات الحياة حتى لا تبقى هي وحيدة، أسوأ لحظات حياتها كانت عندما رأته ممدا أمامها على فراش المشفى لمدة شهر وهو في سن الخامسة عشر، خطفه المرض منها و أقعده في غيبوبة طويلة، في ذلك الوقت، هي تحطمت لألف قطعة، أحست و كأن روحها يسلب منها و كأن ما عاد شيء يربطها بهذا العالم الذي تفنن في حرمان صغيرها من طفولته و من أبسط حقوقه في حياة هادئة و هنيئة، هي أقسمت إن ٱستعادته يوما فإنها ستبذل كل ما أوتيت من حول و من إمكانيات لتنقذه و تحتفظ به إلى جانبها أطول فترة ممكنة، و لكن هاهي الٱن تتحطم مجددا و يعاودها ذلك الشعور العارم بالخوف من الفقد و خشية خسارة أغلى ما تملك.
كانت تجلس في القطار المتوجه إلى موكبو بينما تتقافها الهواجس و تتلاطم أفكارها كأمواج تقاذفها البحر على صخوره الحادة و القاسية فالطبيب هان و بعد أن قرأ بتمعن تقرير الطبيب الإيطالي أخبرها بأن لا جديد يستحق الذكر بشأن حالة دونغهي الصحية حيث أنها مستقرة في الوقت الراهن و لكن أي تعكر قد يؤدي بوظيفة كليتيه إلى التدهور و يجبرهم على الإحتياج إلى زرع للكلى وهو أمر صعب جدا بالنظر إلى جهاز مناعته المميز، أغمضت عينيها و أرجعت رأسها إلى الخلف مستندة إلى الكرسي و قد ضاقت بها الدنيا بما رحبت، فكرت من قبل بطلب المساعدة من والد دونغهي، كانت مستعدة لترجيه و للتخلي عن كرامتها في مقابل أن ينقذ حياة ٱبنها العزيز و لكن رجلا مثله تلاعب بها و بلا شك بكثيرات غيرها و لا يدري شيئا عن وجود طفل من صلبه، رجلا تجرأ على خيانة زوجته و إهمال طفليه الشرعيين و عدم الإهتمام بمشاعرهما لو علما بأفعاله المشينة لن يبالي بطفلها غير الشرعي، متأكدة هي أن قلبه لن يلين مهما حدث فأمثاله ٱرتدوا أفخم أزياء الحقارة و اللامبالاة ، تنهدت بثقل وهو تتذكر ٱخر أبواب الأمل التي لا تزال مفتوحة أمامها، تدري بأنها أيضا قد قررت التصرف بحقارة و ٱستغلال براءة تصرفات ٱبنها و لكن لم يبق لها سوى هذا الحل و هي كأم لا تجد مانعا من تجاوز بعض الحدود إذا كان فيه خير طفلها و صلاحه خاصة و أنها لن تضر بأي شخص ٱخر في ٱعتقادها، هي فقط ستخفي بعض الحقائق و ستجمل أخرى لتصل إلى مأربها، ستستغل علاقات طفلها و قدرته على الوصول إلى أعماق القلوب حتى تضمن ألا يتحول إلى مجرد ذكرى تجترها وحيدة و قد غلفها الحزن ،القهر و الحنين.
أنت تقرأ
هيونغ : من أنت؟
Fanfictionما الذي سيحدث للطالب الجامعي لي دونغهي عندما ينتقل للعيش بالشقة المجاورة لأستاذه لي هيوكجاي ؟ هل سيتمكن الإثنان من التواصل جيدا؟و ما الذي يخفيه لهما القدر في القادم من الأيام؟ كن صديقي... كن أخي... كن لي السند و الملجأ... *تندرج الرواية ضمن فئة البر...