الفصل العاشر : احتواء

26K 1.1K 274
                                    

⁰⁷/⁰¹/²⁰²¹ ¹⁰:²⁷

"ان كنت تريد معرفة الشيء الأكثر قيمة لدى أحدهم .. احرق بيته .. ستجده يخرج راكضا حاملا اياه بين يديه"
.
.
.
.

.
.
.
.
.
.
.
("-لماذا يخدعونكِ دائما ؟ أمن الصعب أن يقذفوا بسمومهم في وجهك بشجاعة تليق بقوتك يا ريان ؟"
مسحت دمعتها بقوة أبية .. قبل أن تأخذ نفسا عميقا و تضرب اصابعها رقما معينا لم يتأخر بتلبية إتصالها
"-ألو .. الشرطة ؟ ساعدوني !! ساعدوني أرجوكم"
صرخت تكسب نبرتها اكبر قدر من الذعر
"-أنا ريان.. انا مختطفة .. هناك مختل اختطفني و اغتصبني و حجزني في قصره .. قصر أصلان بيه حيث يقيمون حفل زفافي الآن رغما عني .. أرجوكم ساعدوني .. انه يحبسني في القبو و يجوعني و يضربني .. جسدي مليء بالكدمات و كاحلي ملتوي .. أنا لا أريد الزواج .. ساعدوني ارجوكم"
و الحال أن كاحلها هو من قام بمعالجته .. و هو من اخرجها من القبو و اطعمها و أشبع جوعها .. لكن كل هذا لا يفيد .. هو كان كاذبا .. ادعى العفة و لعب دور الزوج الصالح لكن اتضح أنه رجل لعوب كاد يفتك بقلبها لو لم تستيقظ في اللحظة الأخيرة !!
أغلقت الهاتف بيد مرتعشة .. دمرته .. أن تتهم طبيبا نسائيا بالعنف و الاغتصاب فيتم اعتقاله من حفل زفافه هذا في حد ذاته ضربة قاضية !! لكن لسبب ما احست بأنها نالت من تلك الضربة قدرا يسيرا ..
وضعت الهاتف بأنفاس متسارعة ثم رفعت عينيها لمرآتها مجددا .. لكنها هذه المرة اختضت بعنف .. عندما التقت عيناها الغائمتان بعينيه المجروحتين !!!
التفتت اليه على الفور تناظر بذعر وقفته الهادئة ببذلته السوداء الأنيقة .. ملامحه متصخرة و وجهه محتقن و عروق رقبته مشدودة ..
أما هو .. فقد أعاد خاتمها و الشريط الأحمر لجيبه .. و الحال أنه جاء ليضع خاتمه حول اصبعها .. و رمز براءتها حول خصرها .. لكنها نسفت تلك البراءة بمكيدتها الحقيرة !
"-لماذا فعلتِ هذا ؟ "
همس بنبرة مشروخة فاشتدت قبضتها و ثارت عيناها قبل أن يصرخ بوحشية خبأت تحت طياتها ألما مستترا :
"-لماذا فعلتِ هذا ؟؟!!!! "
"-لأنك كاذب !!!! "
أجفل من سواد نبرتها التي تناقضت مع بياض فستان زفافها البسيط الناصع لتقع عيناه على طوق الورود المحطم المتكوم عند ساقيها فتثور نظراته بنيران الجرح و يهب ماسحا المسافة بينهما واقفا أمامها وجها لوجه و نفسا لنفس صارخا بانكسار :
"- كدت أقتلع قلبي و أضعه بين يديك ليلة البارحة .. رأيت في عينيك الثقة و ظننت لوهلة أنك صدقتني لكنك طعنتني في ظهري ككل مرة "
اللعنة هو عايش معها البارحة طوفان الأحاسيس الذي يلي القبلة الأولى !!
نظرت لعينيه بنقمة تداري بها كل تكسرات روحها التي تخجل منها بينما يتابع هادرا بلوعة :
"-آذيتني ألف مرة و صمدت .. أهنتني و تحملت .. لكنني لست مضطرا للتحمل اكثر .. اكتشفت انك مجرد قضية خاسرة لا تستحقين الخوض فيها "
أحست بجفائه يلسع قلبها و مقلتيها فهدرت بجفاء أكبر :
"- مالذي ستفعله حيال ذلك ؟ الشرطة في الطريق لتعتقلك من حفل زفافك بتهمة الاغتصاب .. مالذي ستفعله أيها الدكتور النسائي المبجل ؟"
لم يكن بقادر على تفسير تلك الخيبة العظمى التي اعترته .. لم تكن المرة الأولى التي تكشف له فيها عن نذالتها و شرها .. لكن في كل مرة هو لم يتبعثر بهذه الطريقة .. كورقة وُعِدت بالربيع فجار عليها الخريف باكرا !
"-عندما تأتي الشرطة الى هنا .. سأحرص على ألا أكون المُعتقل الوحيد"
همس مهددا فانطفأت ثورتها و تحولت لتوجس و ترقب لكلماته القادمة التي ما أن نطقها حتى بعث فيها أدفاقا من الذعر :
"- الأصفاد لن توضع على يدي وحدي .. بل ستوضع على يدي ابنة خالتك أيضا "
كانت حائرة و بذلك القدر مذعورة
"-ما شأن آيسيل ؟؟ مالذي تقصده ؟؟ "
صرخت بصبر نافذ فهدر ميران بشكل أجفلها :
"- أنا أعلم أنك سممتِ الخنجر الذي طعنتني بسم من صنعها ! حتى أنني أحتفظ بقنينة السم التي تحمل بصماتها و رمزها !! ابنة خالتك تتاجر بالسموم بطريقة غير مشروعة و هذا كفيل بجعلها تقضي سنوات طويلة وراء القضبان و هي حتما أطول من الليلة الوحيدة التي سأقضيها أنا قبل أن أخرج حرا طليقا .. بريئا !! "
صرخ بالكلمة الأخيرة بحرقة لم تدركها .. لم تكن قادرة على تحليل اختلاجاته لأنها كانت تتخبط .. تتخبط بعجز أوقده فيها تهديده لتدرك فجأة أن فوهة المدفع الذي لقمته بنفسها قد أديرت نحوها !! كان طول هذه الفترة يحيك الخطط من وراء ظهرها و يبحث في ثغراتها عن نقطة ضعف يلوي بها يدها عند الحاجة ! و هو قد وجدها ! كانت آيسيل !!
"- ها هو وجهك الحقيقي !! وجه رجل ممسوخ لن يتوانى عن تدمير حياة فتاة بريئة !! "
صرخت بنقمة و كره و خيبة .. ربما هي انتظرت أن يمد يديه للأصفاد كما كان يضع رقبته بين يديها عن طيب خاطر !!
لكنه لم يفعل هذه المرة .. بل ناظرها بهمجية قبل أن يقبض على مرفقها و يسحبها خلفه غير آبه بتخبطاتها ثم يدفعها نحو النافذة مجبرا اياها على النظر حيث يشير بينما يهدر :
"-أرأيتِ أولئك النسوة هناك ؟"
نظرت لشورى الواقفة مع حكمت و دجلة بينما يتابع :
"- انهن عائلتي .. أنا من أمسك السقف الذي تعشن تحته .. احداهن فقدت ابنا .. و احداهن فقدت زوجا و الأخرى أبا .. هن أيضا بريئات و أنا لن أسمح لك بإيذائهن و جعلهن تفقدن الظهر الأخير الذي بقي يسندهن في هذه الحياة !! "
تسارعت أنفاسها من السخط الذي شاب صوته .. و لسبب ما أحست بالنذالة عندما وقعت عيناها على تلك المراهقة الصغيرة المسماة بدجلة .. تلك الفتاة كانت لطيفة معها رغم كل شيء !
أدارها نحوه باستبداد راشقا خضراوتيه في مقلتيها الثائرتين ملقيا حكمه الأخير بصرامة من حديد :
"-أشرعة سفني التي كانت تبحر في بحرك احترقت .. أنتِ أحرقتها بيدك .. لا تلوميني على ما سأفعله من هنا فصاعدا "
و أحست بالبرد يصفع عظامها فجأة ! خسرت المعركة و انكسر سيفها .. لكنها لم تكن تستطيع تبين مالذي خسرته بالضبط ..
ناظر تبعثرها بانتصار لا يريده .. ليدس يده في جيبه يخرج علبة كحلية مخملية و يدسها في يدها بجفاء قائلا بنبرة حاسمة :
"- القرار لك .. اما أن تضعي خاتمي و تخرجي عروسا لحفل زفافك الذي ستنقذينه بتغيير أقوالك امام الشرطة .. و إما أن يتم اعتقال أختك معي بتهمة المتاجرة في السموم القاتلة بشكل غير مشروع .. و صدقيني .. لن امكث أنا خلف القضبان دقيقة واحدة .. لكنني لا أستطيع قول نفس الشيء بخصوص آيسيل "
التقطت عيناها الغائمتان لمعان المحبس الذي كان يزين بنصر يده اليسرى .. لتنكمش يدها حول العلبة حتى اختفى لون الدماء من أصابعها و عقلها يرسم لها صورته و هو يرتدي محبسا آخر .. محبس خطوبته على ابنة خالته الأفعى ..
أما هو فقد رمقها بجفاء للمرة الأخيرة ليهدر قبل أن يولي لها ظهره :
"-قرري"
"-توقف "
و زرعت قدماه بالأرض لندائها الذي جاء أشبه بالطعنة الأخيرة لطاقة تحمله :
"- أنا من سرقت السم و انا من سممت الخنجر و أنا من طعنتك .. بصماتي توجد على قنينة السم أيضا و حتى على الخنجر الذي أنا متأكدة من انك تحتفظ به .. لماذا لا تزج بي انا في السجن بدلا عن آيسيل ؟ "
كلماتها كانت تحمل عجزا واضحا .. ربما استهانت بذكائه عندما خططت لخطتها الفاشلة !
استدار نحوها بهدوء زائف .. يجول بعينيه على هيأتها المهلكة بفستان الزفاف الذي على الرغم من أنها لم تختره بعناية الا أنه بدا و كأنه مفصل لأجلها بتصميمه البري البسيط و بطرحتها الشفافة التي وضعتها على شعرها الطليق مكتفية بتثبيتها بدبوس خفي دون أية إضافات .. كانت لتخيل للناظر من بعيد بأنها ملاك منزل من السماء .. لكن وحدهم المعذبون أمثاله العارفون بذلك القدر الهائل من السواد الذي كانت تبتلع فيه المغترين ببياضها المزيف !
و هو أحد المغترين و أولهم..
"-عندما طعنتني فعلتِها على الرغم من أنك كنت تدركين أن الأمر قد ينتهي بك مسجونة الى الأبد .. لا يهمك أن تسجني .. لكنك حتما لا تريدين أن تسجن آيسيل "

لعنة الغجرية (مكتملة)|| The Curse Of The Gypsyحيث تعيش القصص. اكتشف الآن