الفصل 25: مدّ و جَزْر

19.6K 904 974
                                    


كالمَدّ أنتَ تجرِف وتهدّ
كالجَزْرِ أنا أنْأَى وأرتدّ

🌊


لحظة واحدة كانت ما يحول بينها و بين السقوط في قاع المجهول، جزء من الثانية كان كافيا لأن تدرك بأن تلك اليد لا تكمم فمها فقط، بل حياتها بأكملها، فإما تحيا هي و ابنتها، واما تموت!

لم تفكر مرتين و هي تستلّ سلاحها من غمده المدسوس في كمّ معطفها لتشقّ به اليد التي التفت حول فمها!
تأوّه خافت سبق ارتخاء قيدها فاستغلت الفرصة لتندفع محررة نفسها و تشهر خنجرها برعب في وجه ذلك الشبح الأسود الذي هبّ يقبض على يدها المسلحة مجددا ليجذبها نحوه بعنف و يكتم صرختها التي كادت تجلجل، ثم على حين غرة... هبط قلبها و هلعت ملامحها عندما تراءت له تقاسيمه الوحشية!

"- ششش! بلا صوت!"

"- مير...!؟؟"

كتم همستها الهلعة بيده النازفة و استلّ منها الخنجر ليدسه تحت ملابسه خلف ظهره ثم طفق يسحبها تحت الأمطار بسرعة بعد أن سقطت شمسيتها، مطوّقا جسدها بذراعيه و جاعلا لها من جسده درعا بشريا يحميها من أي خطر داهم بينما يدور رأسه في كل الاتجاهات يمشط المكان بعينيه.
همهمت تحت يده برعب كان ضاريا لدرجة انه ضاهى رعبها من أيبك! أنفاسها احتشدت بينما كانت تركض معه بلا أي مجهود بسبب ذراعه التي كادت تحملها عن الأرض و هو يسحبها!

"- ميران...."

غمغمت و هي تحاول المقاومة و التنصل من قيده فدفع بها لإحدى الزوايا المظلمة يسندها على جدار متهالك دون أن يفلت فمها بينما ينظر حوله بتحقق ثمّ نظر لها بملامح متأهبة ممسكا وجهها بكفيه و همس بسرعة:

"- ريان أريدك أن تبقي صامتة الى أن نصل للسيارة!"

"- ميران يدك!"

همهمت بحرقة و هي تمسك يده لتطالع جرحها المدموم بعينين جاحظتين فنفضها بعصبية قدحت من عينيه و سحبها مجددا هامسا بوعيد:

"- ريان سيري أمامي!"

"- ميران لا! انتظر لأشرح لك أولا..."

"- تأخرتِ كثيرا على هذا!"

قال ذلك دون أن يمنحها فرصة للتملّص فأهنفت باكية و هي تدرك أن الأمور تشابكت أكثر، الهاتف كان ما يزال في يدها، الهاتف الذي بعث له أيبك برسالة يخبرها أنه هنا! هنا في هذه الأرجاء و نفس المكان مع الرجل الذي سيموت أحدهما حتما في حال لو التقيا في أية لحظة!

اهتزاز جديد للهاتف أجزعها مع عجزها عن مقاومة ميران، و في تلك اللحظات العصيبة و مع تشابك خلايا عقلها وجدت نفسها تتصرف بأول ما خطر ببالها عندما رأت أنهما سيمران بحاوية قمامة... و هو أن تلقي فيها حقيبة المال!
لم يتوقف ليسألها عما تفعل أو ليثنيها، غايته الوحيدة كانت اقحامها في تلك السيارة التي رأتها مركونة على بعد أمتار.. أمتار لم تشعر كيف شقّتها و هي تطير بين ذراعيه تارة تلامس قدماها الأرض و تارة لا!

لعنة الغجرية (مكتملة)|| The Curse Of The Gypsyحيث تعيش القصص. اكتشف الآن