الفصل الثامن : ارتواء

22.4K 1.1K 207
                                    

¹³/¹²/²⁰²⁰ ¹¹:³⁰

"إدمان المخمور يكتب في قدره مع اول رشفة خمر .. و شغف العاشق يتأجج بنيرانه مع أول قبلة من جمر"

.
.

و ترك ميران يدها بالفعل .. لكن ليس لأنه طلب .. بل ليضم قبضته و يهبط بها على وجه أيبك حتى تفجرت الدماء من شرايين أنفه و سقط جسده صريع الأرض !

صرخت ريان بذعر انبثق في روحها عندما التقطت عيناها انبثاق الدماء من أنف أيبك الذي أضحى محتجزا بين الأرض و بين جسد ميران الهائج الذي تشبث بتلابيبه و صرخ بعنف :

"- تلك زوجتي اتفهم ؟؟ لا عاش و لا كان الذكر الذي سيلمس زوجتي مرة أخرى ! أقطع يده و أرميها للقطط و الكلاب ! "
"-اخيي !! "
صرخت آيسيل هالعة بينما انكب سيزار يحاول تخليص جسد حفيده من يدي ميران الذي بدا و كأن عفريتا تلبسه !!
سعل أيبك مختنقا في دمائه بينما يرن صوت ريان الحانق في أذنيه لترتسم على شفتيه ابتسامة هوس و تشفّي قبل ان يشعر بتلك القوة التي كانت تنفضه تختفي و تضمحل بعد أن تكالب رجال سيزار على ميران يفصلونه عن جسد أيبك المسجى و يمنعونه من ارتكاب جريمة بحق حفيد قائدهم ..
اندلعت نيران الفوضى في المكان و تخبط سيزار عاجزا عن احتواء الموقف خاصة عندما هوى احد رجاله بقبضته على وجنة ميران غدرا .. و لحظة واحدة .. لحظة واحدة كانت الفاصل ما بين الجلبة و الصمت .. عندما انبثق ذلك الصوت اللاسع لرصاصة بعثت في قلوب الجميع رهبة و ذعرا .. و يتعالى ذلك الصوت الرجولي الحانق صارخا ببسالة :
"- أتركوه فورا و الا أجهزت عليكم جميعا و احدثت مجزرة "
رفع ميران عينيه الضبابيتين بتأثير اللكمة نحو مصدر الصوت الذي يعرفه جيدا .. لتتسع عيناه و هو يرى يوسف و قد أشهر مسدسا في وجه سيزار بعد ان ضرب برصاصته في السماء
"- أتركوه .. حالا "
صرخ سيزار برجاله ثم نظر لأيبك الذي انخرط في نوبة ضحك هستيري بشكل صامت ليرتعش سيزار بذعر داخلي و يصرخ برجاله بنبرة ذات مغزى :
"- ساعدوا أيبك "
و رسالته وصلت لرجاله بمعنى : احتجزوا أيبك !!
نفض ميران جسده عنهم بقرف ثم نظر بتوعد للرجل الذي لكمه لكنه تراجع عن الاشتباك .. هناك أمور اخرى عليه الاهتمام بها حاليا .. اولها ريان التي كانت ترتجف بين يدي آيسيل المذعورة و هي تناظر نزيف أيبك الذي غادر مسنودا برجال جده .. و ثانيها يوسف الذي بدا و كأنه هبط عليهم من السماء !!
"-انزل سلاحك يا يوسف "
هتف ميران بنبرة محذرة فنظر يوسف لسيزار الذي وقف يشيع أيبك بنظراته ثم أخفض يده باستسلام
"-كيف تجرؤ ؟؟ كيف تجرؤ على ضرب حفيدي ؟!!! "
صرخ سيزار بميران ساخطا و هو ينوي الامساك بتلابيبه لكنه تراجع عندما هب يوسف يقف بجانب ميران و يشهر سلاحه في وجهه مجددا بعدائية ليرفع ميران يده يحاول إطفاء ثورة يوسف و يقول لسيزار بنبرة وحشية :
"- لقد اخبرتك من البداية .. علاقتي بزوجتي ستكون حسب اعرافي أنا .. و أعرافي تقول أنه لا أحد في هذا الكون يحمل صفة الذكورة من الممكن أن يضع إصبعا عليها ! "
نظرت له ريان بأنفاس متسارعة من الذعر المرضي الذي اكتنفها عندما رأت أحد احبائها غارقا في دمائه .. مجددا !
قبل أن تستجمع نفسها و تتملص من ذراعي آيسيل و تهتف له بنبرة مرتعشة ساخطة :
"- أنا لست سبية لعينة حتى تتحدث بدلا عني هكذا !! ثم أنك لا تملك الحق بالاعتداء على عائلتي !! "
اشتعلت النيران بعينيه عندما دعت ذلك المتحذلق بعائلتها ليهتف في وجهها بوحشية :
"- لديك عائلة واحدة و هي انا و ابنة خالتك هذه "
تنحنح يوسف متراجعا يناظر عراكهما بريبة بينما وقفت آيسيل في ظهر ريان التي صرخت بغضب :
"- أنت لست عائلتي أيها ال.."
"-رياان !!! "
صرخة سيزار التقطت شتيمتها من طرف لسانها و حشرتها في حلقها .. نظرت لجدها الذي فك ازرار قميصه العلوية مضطرب الأنفاس من هول المأزق الذي وقع فيه قبل أن يهتف محاولا تمالك نفسه :
"- زوجك معه حق .. انت امرأة متزوجة و زوجك هو وليك و أنت مطالبة بطاعته "
اتسعت عيناها بإهانة و صدمة و خيبة بعد أن احنى رأسها أمامه و مرغه بالتراب و همت بالرد و هدم المعبد على رأسه .. لكنها لم تتوقع .. لم تتوقع ان تلتف يد ميران على ذراعها برفق هذه المرة و يهتف بنبرة رجولية حانقة :
"- انا لست وليها و هي ليست ملزمة بإحناء رأسها لي فقط بمسمى الطاعة .. لست الرجل الذي تظنه و الذي حتى يحقق ما يريد قد يفرض سلطته و قوته على أي امرأة كانت .. فما بالك بزوجته ! "
ابتسم يوسف شامتا و فغرت آيسيل فاهها بصدمة كانت مضاعفة عند ريان التي رفعت رأسها اليه و قد خبت نيران ثورتها تماما بعد ان سكب عليها بكلماته دلوا من الماء البارد !! .. الرجل الذي كانت ستشتمه و صرخت بأنه ليس عائلتها ، دافع عنها امام من يفترض ان يكون ظهرها و عزوتها و عائلتها الحقيقية و رفع رأسها امامه !! أي جنون هذا !
"- سنحل انا و زوجتي هذا الأمر فيما بيننا و بطريقتنا .. لا تتدخل انت .. لم أمنحك هذا الحق أساسا ! "
تابع كلماته بملامح فولاذية لونت وجهه بتقاسيم هيبة و وقار اكتسبه رغم عمره اليافع .. ليحتقن وجه سيزار بعد ان أحس بكرامته تتكوم تحت قدميه فيهدر بغضب :
"- هيا اذا يا ريان .. احزمي اغراضك و ارحلي مع زوجك عن هنا .. آيسيل .. ستذهبين معها "
اتسعت عينا آيسيل لكنها نظرت لوجه ريان الذي تشقق بألم غير معهود .. لتلتقط يدها تمسكها بحنان ثم تهمس لها بخفوت :
"- هيا عزيزتي "
رمقت ريان نظرات جدها الساخطة بخيبة أمل عظيمة .. ثم نظرت لميران الذي بادلها نظرات دافئة تزامنت مع تركه لذراعها .. لتبتسم بسخرية مريرة ثم تتقدم نحو سيزار و تبصق كلماتها في وجهه بكل كره :
"- بقدر ما كنت أحبك .. كرهتك "
ثم غادرت راكضة بعرج نحو خيمتها مرفوقة بآيسيل .. تاركة خلفها سيزار يتلضى بنيران اللوعة .. كان يغرق .. بكل فعل يبدر منه يغرق أكثر في مستنقع كره ريان و نقمتها ..
استغل ميران شروده فالتفت نحو يوسف مشيرا اليه بإخفاء سلاحه قبل ان يتقدم نحو سيزار ينتشله من وصلة جلد الذات التي اكتنفته ليسحبه بعيدا و يهمس له متوعدا :
"- أنا أعلم ان حفيدك المتحذلق عاشق لريان "
سهام من نار انبثقت من نظرات سيزار الذي اختض بصدمة اثر كلمات ميران
"- اسمعني جيدا .. من الأفضل لك أن تكرس ما تبقى من حياتك للحفاظ على المسافة التي ستفصل بين حفيدك و زوجتي .. لأنني لا أضمن لك ما قد أقدم على فعله لو حاول الاقتراب منها مجددا .. أتفهم ؟؟ "
اشتعلت عينا سيزار للإهانة التي حملتها كلماته لكن عقله كان يصرخ بالحق .. يصرخ بأن هذا الرجل الذي وقف يدافع عن زوجته ببسالة محق للرمق الأخير .. محق بغضبه و محق بحدسه ! لكنه لم يستطع احناء رأسه له رغم كل شيء .. و متشبثا ببقايا غرور و كرامة ، أردف سيزار بقوة :
"- اعرف من تهدد أيها الفتى .. من أمامك قادر على إردائك في مكانك .. لو لم تكن صهري لما خرجت من هذه الأرض حيا .. أنت لا تعرفني بعد ! "
ضحكة ساخرة ارتسمت على ثغر ميران الذي ثبت عينيه المستهينتين في عيني سيزار و همس بنبرة متسلية خطيرة :
"- بل اعرفك .. انت مجرد رجل لم يستطع حماية حفيدته من الأذى .. لهذا لا تتشدق بقوتك المزعومة .. و لا تظن لوهلة أنني تزوجت ريان لأنك أجبرتني على ذلك .. فكلانا نعلم الحقيقة ! "
قال الجملة الأخيرة و هو يضرب على كتف سيزار باستفزاز ثم يلتفت نحو يوسف و يشير له باللحاق به .. أما سيزار فقد وقف مطرقا في مكانه بعد أن نخر ميران أعمق جرح لديه بكلماته التي ترددت بين حناياه لوقت طويل :
"أنت مجرد رجل لم يستطع حماية حفيدته من الأذى "

لعنة الغجرية (مكتملة)|| The Curse Of The Gypsyحيث تعيش القصص. اكتشف الآن