الفصل التاسع عشر : خارج أسوار القلعة

26.1K 1K 1.3K
                                    

⁰⁶/⁰⁸/²⁰²¹ ²:⁵¹

بـئِسـتُ مـا أن يئِـسـتُ
أهلكَـتـني الخيـانـة
أَهْلَكْـتَـنِي و أنت تنتظـر عجـزي.. كـسُمٍّ داخـل خـاتم سلطـانة!

🏰

ما أكثر إيلاما من الهلاك سوى معرفة الهالك بأنه كان يملك فرصة للنجاة.. فرصة وحيدة سلبته إياها أنانية أحدهم!

قد تكون تلك إحدى المفارقات التي يعززها كون الهالك من البشر.. لا يهتم بوقوعه بقدر ما يحزن لأنه لا أحد مد له بيد العون.. ذلك لأن البشر يائسون.. يائسون لدرجة أنهم يبحثون دائما عن شخص للومه على تعاستهم الخاصة.. يائسون لدرجة بحثهم عن إجابة سؤال "هل يحبني؟" بنتف بتلات زهرة بريئة.. يائسون و الوجه الآخر لليأس هو الإدمان.. إدمان الأمان! ذات الأمان الذي يمنحهم إياه توقيع على قسيمة زواج رسمية.. أو رابطة دم تجمعهم مع شخص يتشارك معهم نفس الجينات و ذات السقف.. و هنا تكمن الغفلة.. فبقعة حبر في نهاية الورق لا تكفي لجعل المرء توأم روح.. و سلسلة من التطابقات الجينية حتما ليست كافية لمنح أحدهم وسام الأخ!

كانت مدركة لكل هذا دون أن تدرك.. فقط عجز عقلها عن التحليل.. لكن إجفالها كان جليا.. أخاكِ الأكبر.. كلمتان غريبتان بالنسبة لفتاة لم تألف من الأخوّة سوى ما رأته في علاقات الآخرين!

"-حتى و لو كان هذا الغريب.. أخاكِ الأكبر؟"

وقفت لبرهة دون أن تلتفت إليه.. متمسكة بأكياسها تنشد منها تماسكا واهيا و عقلها عاجز عن إيجاد ثالث لاحتمالين.. أولهما أن هذا الشخص الذي يقف خلفها و الذي لم تره في حياتها هو رجل مغيّب العقل بتأثير السكر أو الجنون.. و ثانيهما هو أنه شخص كاذب و محتال.. و لذعرها فقد كان كل احتمال أكثر رعبا من الثاني!

تجالدت و أثبطت ذعرها مشددة عزمها واضعة نصب عينيها هدفا واحدا و هو الانسحاب من هذا المكان بسرعة و بلا خسائر.. ثم التفتت نحو الغريب هاتفة بشكل خاطف:

"-أنا لا أملك إخوة"

و أطلقت العنان لساقيها مجددا مهرولة بقلب خافق بالذعر.. لكنها تخشبت مجددا و تصلبت الأرض من تحتها تمنعها عن الرحيل عندما صدح الصوت الخشن صائحا من خلفها:

"-أحمد شاد أوغلو!"

هذه المرة نال منها!
رزح فوقها الاسم المنطوق بوضوح مهيجا تشتتها و موقدا أوجاعها بشكل استفز جنونها فالتفتت بوحشية اتقدت في عينيها عندما أردف الغريب:

"-أحمد شاد أوغلو.. والدي.. والدنا"

الجنون هو أن تسمع شخصا ينطق اسم والدها أمامها كاملا و لأول مرة منذ زمن طويل.. و الأكثر جنونا هو أن ترى نفس الشخص يعتدي على الرابط الذي يجمعها بوالدها مقحما نفسه بينهما ببطش متسلحا بالجرأة الكافية لينعت والدها بوالدي! والدها الذي رحل عن هذه الدنيا و هي ‏‎أثره الوحيد.. ابنته الوحيدة!!

لعنة الغجرية (مكتملة)|| The Curse Of The Gypsyحيث تعيش القصص. اكتشف الآن