الفصل الثامن عشر : عبّاد الشمس

34.2K 1.3K 1.9K
                                    

¹²/⁰⁶/²⁰²¹ ²⁰:⁵⁰

كنت نصري الوحيد في سلسلة خيبات اليوم و الأمس ..
عطفك شمس و أنا زهرة عبّاد الشّمس

🌻

جمدت قوائمها و تبدّدت أحشاؤها فزعا.. ثمّ أخذت الهواجس تساورها و تمزّق فرائصها إربا.. عندما التقت عيناها بالعينين الزّرقاوين.. عينان تحملان من الافتتان ما هو قادر على هدّ أوصالها و توقيد خوفها إلى الذّروة! خوفا ليس من أيبك.. بل من النّهاية.. من نهاية سعادتها الصّغيرة قبل أن تبدأ!!

نسيت لوهلة تلك الواقفة أمامها و التي توجّست من انطفاء ملامح غريمتها فجأة و قد تركّزت عيناها على نقطة بعيدة مجهولة.. فقبضت على مرفقها عندما همّت بالانسحاب من أمامها و هسّت و هي تتمسّك بهاتفها كطوق نجاة:

"- إلى أين؟؟ لا زلت لم أنته منك بعد!!"

نفضت ريّان يدها بثورة أخفت بين طيّاتها جزعا و هدرت في وجهها باستعجال:

"- ليس وقتك الآن! أغربي عن وجهي!"

كان يراقبها.. استشفّ ذعرها و نفورها من وجوده لكنّه وقف مكانه رغم ذلك كأنّه يتلذّذ بتشتّتها .. كأنّه ينتظر حدوث ما تخشاه!

تشتّت تركيزها .. بين ذاك الذي جلس على كرسيّه يتناول طعامه بتململ ناظرا حوله بين الفينة و الأخرى كما لو أنّه يبحث عنها.. و كم أفزعتها فكرة أن ينتهي بحثه بضبطه لخيال غريمه الذي استند على سور القصر في نهاية الزّقاق يدعوها بشكل علني للقاء!! ثم كانت تلك العلقة التي تشبّثت بمرفقها بإصرار زاد من تشتّتها بينما تبرطم:

"-هناك شيء عليك رؤيته أوّلا!"
"- أتركي يدي!!!"

صرخت بها ريّان بانفلات و قد ورت النار في عينيها و كادت تصفعها مرّة أخرى لولا ذرّة من تماسك وفّرتها للوبال القادم!

"- إنّه شيء سيجعلك تغيّرين نظرتك تجاه حبّ ميران المزعوم! شيء سيفتح عينيك على الحقيقة!!"

تجمّدت فجأة و توقّفت عن التّخبط ما أن وقع اسمه على أسماعها.. و زمهرت عيناها.. فقد كانت تقف أمام امرأة عاشقة لزوجها.. امرأة لم تتوان أبدا عن توجيه مدافعها صوب عشّها الهشّ بغيّة تهديمه.. امرأة غيّورة! وقفت أمامها بكلّ جرأة مهينة حبّ ميران.. مهينة رقّته التي شذّبت قسوتها.. و عاطفته التي بها تحيا و تعيش.. بدا الأمر كما لو أنّها طعنت أمامها ببراءة طفل.. فحبّ ميران كان بالنّسبة إليها البراءة الوحيدة في حياتها المليئة بآثامها و آثام الآخرين.. و بقدر السّخط الذي قد يحسّه أحدهم حين يهان وطنه أمامه.. أحسّته هي أضعافا و قد توهّج إحساسها بالانتماء.. و اهتاج انفعالها مع حركة نيفين التّالية و هي تفتح الهاتف و تمدّه إليها بينما تقول بنقمة:

"- خذي و اعرفي بنفسك مكانتك الحقيقيّة بقلبه"

إلا أنّ عيني ريّان عميتا عن تلك الظّلال الخضراء التي توهّجت بها الشّاشة.. و فارت أوداجها حنقا خالصا جعلها تختطف الهاتف من يد نيفين بهمجية.. ثمّ و دون سابق إنذار.. صفقته على الأرض بعنف حتّى تناثرت قطعه تزامنا مع شهقة نيفين المذعورة التي غطّت فمها بيديها بجزع بينما تصرخ ريّان:
"-أنا أعلم مكانتي الحقيقيّة في قلب زوجي.. و أيّا كان ما تضمرينه لنا و أيّا كان ما يوجد في هاتفك ذاك فأنا لا أهتمّ له بمقدار ذرة.. أتدرين لماذا ؟"

لعنة الغجرية (مكتملة)|| The Curse Of The Gypsyحيث تعيش القصص. اكتشف الآن