|١٤| حاملٌ بطفلي.

1.4K 117 167
                                    

الخيانة!
مصطلح بشع.. لا يُغفَر بسهولة، وغالبًا ما لا يُغفَر أبدًا، مصطلح تتعدد تفرعاته، خيانة بالعمل، خيانة بالصداقة، خيانة بالمحبة، خيانة بالعائلة، وخيانة بالزواج.. الأخيرة قاسية، تهدم رباطًا مقدسًا وتُضعف قلبين أصبحا تائهين يحركهما الحقد والكره، وهذا بالضبط هو شعور زين في هذه اللحظة.

عندما دخل منزله بعد نصف يوم قضاه بالسجن، ترافقه چاسمين تتأبّط ذراعه بتملك وابتسامة عريضة تظهر ضروسها وكأنها فازت بالياناصيب للتو؛ وهذا ما جعل والدة زين الجالسة على كرسي -قماشي رمادي اللون- بقاعة الجلوس ترمقها بنظرة اشمئزاز ما إن لمحتها، لتتحدث بصوت عالٍ قاصدةً أن تسمعها الأخرى:

«عاهرة بشعة تمتلك أبشع ابتسامة في المجرة والمجرات المجاورة.»

اختفت ابتسامة چاسمين ما إن سمعت هذه الجملة من والدة زين، طغى الغيظ على ملامحها ملتقطةً شفتها السفلى بين أسنانها بحنق، ازداد حينما قهقهت ناردين -الممددة على ظهرها على أريكة بجانب كرسي جدتها تلعب بلعبتها الإلكترونية منفجرة ضحكًا، لترمقها عمتها صفاء بنظرة معاتبة قبل أن تنهض من جانبها سريعًا لترتمي في عناق زين، لفت ذراعيها حول عنقه تعانقه بحرارة هاتفة بسعادة:

«مرحبًا بعودتك لمنزلك أخي.»

«ليس مُرحَّبًا بي كما أرى!»

تمتم زين ساخرًا بابتسامةٍ احتلت جانب شفتيه، ولمْ يكلف نفسه عناء مبادلة شقيقته العناق، فابتعدت عنه صفاء تزم شفتيها بتوتر حينما لاحظت نظرات زين القاتلة تتجه لوالدته، بينما المعنية بالنظرات تجلس بكل هدوء واضعة ساقًا فوق الأخرى تمسك بكوب قهوتها رافعة خنصرها بكل رقيّ وترتشف منه غير مبالية بالاستماع لابنها حتى، فابتسمت صفاء تحاول تلطيف الجو تنظر لزين متسائلة بابتسامة بدت مرتبكة:

«هل أخبرهم بتجهيز العشاء لك؟ لا بد أنك جائع.»

وكإجابة لسؤالها دفع زين ذراعها بخفة يزيحها بعيدًا عن طريقه، ثم تقدّم بخطوات ثابتة حتى وقف أمام والدته مباشرةً، استقام بظهره رافعًا رأسه بشموخ، ثم أخفض عينيه حتى تسنّى له رؤية والدته، والتي لم تُعِره اهتمامًا وكأنه غير موجود أمامها، حتى رسم ابتسامة سوداء على شفتيه يسألها بنبرة هادئة بعكس ما يحمله قلبه من اضطراب:

«ألم تشتاقي لوالدي أمي؟ ألم يحِن الوقت لتعودي له؟ سافرت واليها للمنزل بمفردها، وأعتقد أنه من الأفضل لو تتبعيها أنتِ وصفاء.»

«بني! هل تطردني أنا وشقيقتك بطريقة لطيفة؟ كم هذا مهذب، لقد أحسنتُ تربيتك. وها أنا أجني ثمار هذه التربية.. تبًا لك.»

رفعت رأسها تناظره بهدوء مقرّبةً كوب القهوة من شفتيها الباسمتين ابتسامة هادئة كهدوء حديثها له، ولكنها ما إن هتفت صارخة بالأخيرة حتى لمعتْ عيناه بالخطر ليُحني جذعه العلوي مقربًا رأسه منها يتحدث لافحًا بشرة وجهها بسخونة حروفه:

جحيمُ زوجتي. ✔️حيث تعيش القصص. اكتشف الآن