٣٣

6.6K 480 466
                                    

‏سبع مرّات تغفر لك ذنوبك:
‏أستغفرالله الّذي لا إله إلّا هو الحيّ القيّوم و أتوب إليه.

٣٠٠ فوت/ صوت

****

تعرف ايلا الخيط الرفيع بين الشك والثقة كما تعرف التعرجات في خطوط راحة يدها. و تعرف انها ترقص على هذا الخيط الرفيع تميل تارةً يمين وتارةً يسارًا بين الحدين. لكن ما يثير رعبها فكرة ان تسقط بين هذين الحدين ؛ فهي لا تريد احدهما، فهي لا تريد ايهما. لا تستحق الثقة كما تدرك جيدًا (رغم هدفها النبيل) لكنها قطعًا لا تستسحق ان يشك احدٌ بها. على الاقل قبل ان تعطيه سببًا لذلك، لذا عندما افترقت عن اجاثا تأملت فجأةً السماء من النافذة. كئيبة لحدٍ ما. لكنها تجعلها تشعر بشعور حذر ينتابها من كل شيء حولها. شعور يتجذر عميقًا داخلها، كان مألوفًا لدرجة مزعجة، بأنها تعرف انه عندما ينتابها هذا الشعور، شيء قادم سيحدث لن يعجبها.

كشرت و قطبت حاجبيها تتجاهل انعكاس وجهها في الزجاج وتستعمله لتنظر وراءها عوضًا عن ذلك.
لم يسع ايلا سوى التفكير بما حدث في اسكوتلندا بعناية اكثر، بطبيعة الحال كانت افكارها تجرها الى ايفان بين فينة واخرى، تلعنه لأنه ليس طرفًا ثابتًا بجوارها ، بل يبدوا كما لو انه يستمتع بالقفز بينها و بين عائلته، واحيانًا يتجاهل الطرفين و يختار نفسه. ينظر فقط بينهما و يستمتع بمعاناته وشكها به. دون ذكر كونه متناقضًا لدرجة تدعوا للقلق، حتى انها ترغب في ان تسلمه لجاسبر ليفحص عقله لمصلحته فقط.

مع ذلك امعنت ايلا التفكير بالأمور، تحدق بشرود من خلال النافذة تنتظر عودة جون من المستشفى، و بين فينة واخرى تستخدم انعكاس الزجاج لتتصيد من ينظر اليها. منذ حديثها مع اجاثا مذ ساعةٍ تقريبًا. كانت الخادمة التي تحوم حولها كما لو انها تتوقع منها شيئًا، و لا تدري ايلا ما سبب ذلك، لكنه ضاعف الشعور الواخز في قلبها، وهذا الشعور لا يكذب ابدًا ، اخيرًا ضاقت ذرعًا و التفتت اليها تبتسم بلطفٍ مزيف، لا يحتاج المرء ان يكون خبيرًا ليدرك زيفه "هل تريدين شيئًا؟"

"...لا." كان رد الخادمة مرتبكًا، مصدومة حتى من انها تتكلم معها هكذا، فكانت ايلا منذ مجيئها متحفظة و هادئة لا تظهر تعابيرًا غير ابتسامتها الودية و الصادقة عندما تقع عينها على اخوها، استعادة السيطرة على نفسها و اجابت بسرعة "لا."

محت ايلا تعابيرها المزيفة -التي بصدق لم تبذل اي مجهود لجعلها مقنعة- وعبست بشراسة وقلة صبر "ما الأمر اذن؟"

"لا شيء، انا اقوم بعملي."

"ظننتك عكس ذلك من حومك حولي طوال الوقت، اعذريني، لا تجعليني اشغلك اذن." و ثبتت نظرها مجددًا للنافذة.

على الاقل قالت الخادمة الحقيقة وهذا ما وجدته مسليًا بطريقة ملتوية. كيف انها حقًا تقوم بعملها عن طريق مراقبتها لا القيام بما يفترض به ان تفعله. ليست ايلا بليدة كي لا تنتبه لذلك، اجاثا بنفسها لمحت لها بتعابير قاتمة، وهي بدورها حرصت على ان تدع ايًا كان يراقبها ان يعرف انها تعرِّف. تأملت ايلا اوراقٍ برتقالية تتساقط من الشجرة العارية. اخر اوراق الخريف جرفتها الرياح بعيدًا. معلنة دنو الشتاء باقل من اسبوع او نحوه اذا ما تخنها ذاكرتها. ديسمبر في فرنسا سيكون لطيفًا مع والدها الروحي. حسمت امرها على اية حال. يجب ان يدركوا انها ليست وحيده ولن تكون وحيدة ابدًا، وان لديها عائلة اخرى في مكانٍ اخر. و سيكون من اللطيف اكثر لو تختطف جون ايضًا، تدفنه اسفل البطانيات امام المدفئة و بين فراء الكلب جوي. و ربما، تخبره بكل شيء مرةً و للأبد لتتخلص من ثقل قلبها.

(متوقفة) vanilla scentحيث تعيش القصص. اكتشف الآن