١٤

6K 491 456
                                    

فوت، تصويت ، و تعليق ⭐️⭐️⭐️

***

يتناول جرعةً من النبيذ و يدير الشراب في فمه ، المكتب يغرق في صمتٍ و انارةٍ خافتةٍ قادمةٍ من النافذتيّن مسدلة الستائر يتسرب بلطف، لكن المنزل نفسه لا يوجد فيها مصدر ضوءٍ اساسيٍّ واحد ، وكأنه اطفى فجأةً بفرقعة اصبع من احدهم، و بدا هذا لسبب ما مريحًا لبلايك وقدره اكثر من أي شيء اخر ، كان الرواق الذي يسير فيه خارجًا من مكتب والده بعد تلك المحادثة الطويلة مع المحامي الفرنسي و الذي اخبره عن الثروة بشكل مجمل و بقصة ماريا المسكينة وابنتها ، هذه المرأة التي لطالما كانت طيبة على الدوام وحلوة ، جدة ابناءه ، والتي شعر بأسىً و حزنٍ على ما حدث لها ، لدرجة انه لو قابل الرجل كان ليخبره ان يغرب عن وجهه ، و مع معرفة برغبة العجوز زوجها بأن يرسل جون اليه ليطلب منه الغفران هو الأخر أصبح بلايك اشد عصبية ، ان يخون ماريا شيء ، وان يخونها و يسرق ثروتها و يتركها حبلى شيءٌ اخر ، و هو يعرف جيدًا أن جون لن يقبل حتى ان يرى وجهه حتى ولو كان في فراش الموت ، و من السخرية انه بالفعل كذلك ، على ذكر 'مغفرة هذا الأخير' صعبة المنال ، فكر للحظة انه حتى وانه هو الطرف الذي تمت خيانته في علاقته مع جوليا الا ان جون لا يستطيع جون ان يبقي عينه في عينيه من شدة نفوره و اشمئزازه (حتى انه مقتنع ان الخيانة منه هو، لسبب ما) لدرجة ان بلايك كف عن محاولة تغيريها منذ زمن ، فماذا عن مرتكب الخيانة نفسه؟

و تساءل في ذاته كيف غفرت ايلا شيئًا كهذا لجدها المزعوم هذا، بل انه حتى هو نفسه ، و رغم انقطاع العلاقة منذ سنين، و لتقديره الشديد لماريا ، و حتى لحبه مرةً لجوليا الذي صدم ان شيئًا كهذا حدث بمعرفتها او بدون معرفتها ، كان يعرف في قرارة نفسه انه لن يغفر له ، و سيفعل اي شيءٍ ليبقيه بعيدًا عن ابنيه ، لكنه ينتظر فقط ان يرفض جون رؤيته ليباشر في فعل ذلك

كان الرواق كحاله دائمًا لا احد يجرؤ على المشي فيه بطبيعة الحال ، لطالما كان هذا القسم محرمًا على أي احدٍ ان يتسكع فيه لذا لم يكن أي من الاطفال يألفه تمامًا ، وضل الحال هكذا حتى بعد تقاعد ابوه و تركه جميع الاعمال لجايمس شقيقة الأكبر ، وهذا حدث قبل بضع سنين ، حاول ان يتذكر متى بالضبط لكنه لم يفلح ، و بدا له كل شيء و كأنه حدث منذ الابد ، هذه الأبدية اللعينة التي لا يستطيع فيها تذكر ابسط الأشياء و لا حتى اكبرها واهمها ، كل شيء منفي في دهليز سري في عقله اضاع طريقه منذ زمن بعيد ، الا جوليا ..

نفض أفكاره غاضبًا من نفسه لأنه عاود التفكير فيها ، و تعكر مزاجه و أسوّد و أحكم قبضت يده بقوة كردة فعل لا ارادية

عندها قطع الصمت ابوه الذي لم ينتبه بلايك لوجوده من الأساس "هل انت بخير؟" وصوب نظره على اليد المحكمة ذات العروق الناشزة من فرط العصبية ، حل بلايك عقدة أصابعه واجبر نفسه على الاسترخاء ، كان متعبًا وهو يعي ذلك جيدًا ، لربما هي تزوره حتى وهو في وعيه لذلك، لكن لا ، هو ليس خائنًا ولن يفكر بها لأي سببٍ من الأسباب، انه الان متزوج ولن يخون زوجته ولو بوميض فكرة عابرة ولا حتى بالذكريات الباهتة التي لم يتبقى منها شيء سوى الذاكرة نفسها

(متوقفة) vanilla scentحيث تعيش القصص. اكتشف الآن