كان المطر يتساقط بغزارةٍ شديدة في أحد الليالي الشتوية ، و كان الليلُ في بدايته لم ينقضي منه الكثير والقمر ظاهرٌ من خلف السحب يبعث بضوءهِ على الحديقة المقلمة بعناية مضفيًا جوًا شاعريًّا محاكيًا للأفلام الكلاسيكية
فتح الباب الأمامي للفيلا على مصاريعه فجأةً وبُددَ الصمت في المكان كله جراء صراخ المرأة ، رماها على الأرض بقوة فسقطت فوق بركةٍ ماءٍ صغيرة كانت قد تشكلت من الأمطار
فتبلل ثوبها لدرجة جعلته يلتصق بجسدها مثلما التصق شعرها الأحمر الناري بوجهها
و لهثت بصدمة "بلايك.. ارجوك استمع الي."
"غادري حالًا.." زمجر بشكلٍ واضح وصريح يشي بحقيقة انه سبق وقد اتخذ قراره بالفعل ولا مجال للتراجع ، لكنته الانجليزية التي أحبتها رغم إنها لم تفهمها في بعض الأحيان قد استولت على نصفٍ من الشتائم الخارجة من أسفل انفاسه
رغم الخوف الذي انتابها من عدة نواحٍ ومع تفاقم شعورها بأنها مظلومة وقد خُدعت كما ظُلِم وخُدع هو أيضًا، ارتجفت شفتيها وهتفت تحاول استجماع الكلام ودفعهِ بطريقةٍ يفهمها
"بلايك انا بريئة .. اقسم بأنني بريئة..بلايك ارجوك."
وغلب صوتها وسط شهقاتِها وتمتماتٍ بالفرنسية غير مفهومةٍ البتة ، عِوضًا عن الاستماع اليها او التفكير برويةٍ كافية ليدرك ما تهمهم به تقدم لها و بكل القهر في قلبهِ أمسك بها من شعرها الأحمر المجعد والذي لطالما احب ان يمرر أصابعه فيه وقال "لا اريد ان اسمع كلمة واحدةً منكِ ايتها الخائنة، والآن اريدك ان تعودي من حيث اخذتكِ ، عودي إلى ديارك."
قالت وعيونها حمراء من كثرةِ الدموع المختلطة بالأمطار "أنت لا تفهم ، أقسم لك بأنني لا اعرفه ولم أره مرةً في حياتي ، بلايك ، أرجوك استمع الي ارج..."
فأمسك ذقنها و قال بكل شراسةٍ "يجب ان تشكرني لأنني سوف اعيدك حيةً إلى ديارك لأن امثالكِ يجب ان يكون مصيرهم الموت"
ثم أفلتها وأردف يصيح بصوتٍ عاليٍّ للرجل الواقف يراقب كل شيءٍ بصمت و سكون وملامح الأسى قد تشكلت على محياه "سباستيان ..أعِدها من حيث أتت واحرص على الا تعود الى هنا مجددًا ، أهذا واضح؟"
"أجل سيدي ."
صاحت من خلفه "وماذا عن ابنائي؟."
"انتِ بالنسبة لهم ميتة وهم بالنسبة لكِ موتى."
في ذات اللحظة فتح الباب مجددًا وركض طفلٌ في الثامنةِ من عمره خارجًا بعد أن تملص من أيدي مربيتهِ بإتجاه أمه ، لكن يد والده سحبته بقسوة واعادته الى الداخل ثم ضرب الباب خلف بقوةٍ شديدة جعلت جوليا تجفل من فرطِ الصدمة
تقدم سباستيان منها بأشفاق واضح "سيدتي.." ودون كلمةٍ وضعت يدها في كفةِ يده سامحةً لإياه بقيادة الطريق
كان كل شيءٍ يؤلمها ، بالأخصِ قلبُها الذي كسر وصار قطعًا صغيرة ، وشعرت بلسانِها ثقيل من فرطِ وقع الصدمة
أنت تقرأ
(متوقفة) vanilla scent
Romanceتعلق نظره في عمق عينيها ، وبدا كالمأسور المعرّض لخطر الغرق في مستنقعٍ أخضر، فاضطر لاغلاق عينيه لبضعةِ لحيظات ليتمكن من النجاة و كشر في وجهها بذات الحدة المعتادة "لا أعرف لماذا لكنني لا أثق بك." الغلاف : @tafard_team