٣٠

6.1K 549 655
                                    

٣٠٠ صوت = بارت جديد
‏﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾

طقطق الحطب في المدفئة ، كان كل يومٍ يمرُ اكثر رمادية من الذي سبقه ، حيث ان الشتاء بدأ بطرق الأبواب بحقٍ هذه المرة ، و بدأت الندف تتساقط بنعومة في منتصف أكتوبر الغابر، الأشجار البرتقالية بدأت تتعرى من اوراقها ، من النظر اليها تتهاوى على الأرض مع كل هبة هواءٍ لتسقط على الأرض الموحلة يثير حزنًا عميقًا في صدر ايلا ، ربما لأن المشهد كان مألوفًا الى حدٍ ما ، لكن اكثر من ذلك ، كان لون الأوراق يذكرها بشعر أمها الناري، الخريف نفسه كان تجسيدًا لجوليا ، يشبهها بكآبته و حلاوته و رقة لياليه الطوال، ظهرت الكآبة جلية على وجهها المليح المرهق ، تحت انظار العمة اجاثا الفطينة كعادتها ، قالت تخز الإبرة في الصوف دون ان ترفع نظرها الى الفتاة الجالسة قبالتها "اخبريني ، هل سئمت من مقابلتي الى هذه الدرجة؟"

رمشت ايلا بلا فهمٍ لأنها قطعت عليها حبل أفكارها ، لكنها قالت بسرعة "لا أبدًا ، صدقيني ، انا فقط مشغولة البال بأمرٍ ما."

"بل أنت مهمومة، هيا اخبريني ، لا تعلمين ما هي الخدمة التي من الممكن ان اقدمها لك بمجرد الاستماع اليك فقط ، أحيانًا كل ما يحتاج المرء اليه هو الحديث ليخرج ما بداخله لأحدهم ، كل ما بداخله ، ابوك فعل هذا، صدقي او لا تصدقي ان هذا البليد أيضًا يحتاج الى من يستمع اليه بين فينةٍ و أخرى ، وانا اضحي بنفسي ليفرغ طاقته بي ، ربما كنت سأعيش عمرًا أطول لو لم يفعل ، لكنه يثير شفقتي ، ماذا عساي افعل عدا ان اوليه اذني لساعتين؟ انه لا يخبر لا جدك و لا جدتك بأي شيء ولا حتى زوجته ، لكنه يخبرني أنا ، فتاي جوناثان يفعل ذلك أيضًا ، رغم انه في الفترة الأخيرة لا نجلس مع بعضنا كما اعتدنا... ليكن ، هاه. هاتِ ما لديك؟"

لم تتمالك ايلا دهشتها وهي تقول بنصف ضحكةٍ ساخرة "بلايك يتكلم معك؟ هل لديه شيء ليقوله اصلًا"

"بل لديه الكثير من الأشياء ، عندما يتحدث لا يصمت حتى ، يشتكي من ادوارد ثم من ميرديث ثم أحيانًا من ابناءه ، واحيانًا أخرى يلتزم الصمت ساعات طوال دون حرفٍ ينطق به ، لكن بطريقة ما كان ذلك الصمت شيء جيد لكلينا.." نظرت اليه اخيرًا بشبحِ ابتسامةٍ على محياها ، واردفت بصوتٍ خافض "في السنوات السابقة، كان لا يتحدث معي الا عن جوليا الجميلة، لا ادري هل من الجيد ان اقول لك هذا ولا ، لكن حتى بعد طلاق والديك كان ما يزال يتحدث عنها، بلايك احبها اكثر من اي شيءٍ اخر في حياته ، كانت سلواه، هل اخبرك سرًا؟ لقد احبها اكثر مما احب اي شيءٍ في حياته، لم يحب كاميلا كما أحبها ولن يحب احدًا كما أحبها، اعرف هذا. حتى وان لم يقل وانكر ، الا انه لا يزال.."

وسكتت اجاثا ، كأنها ترى شيئًا ما لا يراه احدٌ غيره ، حبست ايلا أنفاسها في صدرها ، لم تستطع ان تمنع ملامح الدهشة من ان تظهر على وجهها ، ارادت ان تطلب منها ان تعيد ما قالته وترفع صوتها ولو لمرةٍ واحدة، ارادت ان تتأكد ، لكن اجاثا فجأةً اخفضت عينيها مجددًا الى حظنها تكمل حياكتها و كأنها لم تقل شيئًا

(متوقفة) vanilla scentحيث تعيش القصص. اكتشف الآن