(انت؟ثانية،،،)

4.4K 97 6
                                    

(أنت؟ ثانية...)

دقت الساعة منتصف الليل وعاد متعبا من عمل شاق..دخل إلى شقته المظلمة ولم يكلف نفسه عناء إضاءتها ..رمى سترته على الأرض ورمى بجسده المرهق بعشوائية على الأريكة ..دعك سيجارته في الصحن الخاص بها وألقى برأسه على الخلف آخذا معه نفسا عميقا ...انسجم قليلا مع هذا الهدوء والظلمة اللذين هما سيّدا الجوّ الآن ليعكرهما صوت أنثوي لطالما كره وقعه على أذنيه لأنه دائما ما يصيبه بالإزعاج ...صوت صادر من مكان ما يقول بهدوء"كنت في انتظارك ...تبدو متعبا "

قال ساخرا"حقا"

اقترب منه شبح فتاة طويلة القامة وبجانبه تقول بعد أن أنارت غرفة المعيشة "أردت رؤيتك ...لم تعد تتردد على الخلية كالسابق.."

قال دون أن يتحرك أو يغير من نبرة صوته "لماذا..لتزعجينني؟"

بدا على وجهها الجميل الضيق وهي تقول "لم تصدني بهذه الطريقة زين...تعلم أني أعطيك من قلبي أكثر مما أبقي لنفسي "

واقتربت ربيكا منه أكثر واضعة كفها على صدره وقرّبت وجهها من وجهه بحيث كانت تلفح بشفتيها الملونتين بالأحمر اللامع على رقبته وأردفت تقول بهدوء تام "وسأعطي المزيد إن أردت "

فرك عينيه من التعب وهو يقول بتذمر"ابتعدي ..عطرك هذا يخنقني"

لم ترضى الابتعاد عنه بل ألصقت جسدها به وقالت "تعلم أن تصرفك هذا إهانة لي ..على الأقل أبدي اهتماما ولو لمرة فقط ..سأكون ممتنة "

رفع رأسه وألقى نظرة احتقار باردة عليها ليجدها ترمقه بنظرات استعطاف رغم قسوتها...قارن هذا الوجه بوجه مايتي للحظة ثم أطرق ضحكة ساخرة..كيف تجرأ ووضع هذا الوجه القاسي الملامح المغطى بالألوان في نفس مستوى وجه  مايتي الملائكي ..هذه حتما إهانة لها ...استغربت ربيكا ضحكته التي كانت في غير محلها ورفعت حاجبها المقوس الهلالي قائلة بتساؤل "مالذي يضحكك"

وراحت تداعب خديه بتمرير أصبعها الطويل عليه ذهابا وإيابا مردفة "إن أردت أستطيع البقاء هنا الليلة ...حتى لا تشعر بالوحدة "

انزعج منها وظهرت ملامح على وجهه فدفعها عنه بقسوة كأنه يبعد حجرا قاسيا عنه وهو يقول بانفعال هادئ "لقد سئمت منك ..غادري المنزل الآن "

نهضت من مكانها منتفضة وصرخت بانفعال تقول "ليس بعد الآن ليس قبل أن تعطيني قيمتي التي أستحقها..لطالما عاملتني وكأني لا شيء لكني كنت أدوس على كرامتي وأعود إليك متأملة ..علّك تتنازل عن غرورك وتنظر إلي "

نهض من مكانه ووقف أمام المشرب الموازي للحائط ثم ملأ كأسا بالشراب مضيفا مكعبين من الثلج...رشف بهدوء مثيرا أعصابها أثر وأكملت بعد أن سئمت منه "لم لا تقول شيئا ...لم تتعمد إفقادي صوابي في كلّ مرّة آتي "

بقي على حاله وقال رافعا بنظره إلى الصورة أعلاه "لأن الأمر يسليني"

قالها بطريقة استفزازية جعلتها نفقد صوابها فعلا وتخلع المعطف الذي كانت تلبسه لتبقى بثوب قصير جدا يظهر من جسدها أكثر مما يغطي و زادت من حدّة صوتها صارخة بحنق"إذا لم ترفض التسلية الحقيقية..أم تسليتك في التلاعب بمشاعر الناس ...إني أجعل من نفسي أضحوكة ..جئت لمنزلك وعرضت نفسي عليك كقطعة رخيصة وأنت ببساطة ترفضني "

براءة تعانق سواد الليل (رواية منقولة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن