مضت الأيام و السنين و بدأت صغيرتنا تكبر و تزداد جمالاً و بالطبع تحت ظل و رعاية الجدة ،
كان ملهم يرسل الرسائل دائماً لها وللجدة يخاطب أخته و كأنها كبيرة و تفهم ما يقول رغم أنها تبلغ من العمر عامين فقط ، لكنه دائماً
ما يقول لها ماذا فعل في المدرسة و ماذا أنجز و يتطلع بشوق أن يراها ، و أحياناً يذهب لها خفية و لكن كشف أمره و عوقب من والده
بشدة ، رغم المرات القليلة التي كان يذهب لرؤيتها إلا أن كنزي تعلقت به وأحبته ، ضحكاتها تتعالى مجرد أن تراه مقبلاً نحوها ،
و لنقل أن عالمها الصغير محصور على الجدة و ملهم ، هما من منحاها الحب ، أما الوالدين فكل منهما في دنيا أخرى غير مكترث
لأحد ، فراس كان يكره كنزي على خلاف ملهم ، فهو قد تشكل في عقله فكرة أنها هي السبب في بعد أبيها عن أمها .
...........
كانت الجدة ميسورة الحال تعيش في منطقة ريفية بعيدة على خلاف الثراء الفاحش الذي يعيش فيه السيد إلياس في المدينة ،
الجدة تقوم بخياطة الملابس في المنزل و الحصول على قروش معدودة تمضي بها يومها ، الآن أصبحت ملزمة بفتاة صغيرة تحتاج
لمستلزمات عدة فبدأت تضاعف عملها رغم كبر سنها و تعبها لكنها لم تبالي لذلك فهي عزمت على رعاية كِنزي أفضل رعاية و تربية .
في يوم من الأيام ...
كان فصل الشتاء قد بدأ يطرق الأبواب ، و صغيرتنا المسكينة لم تتحمل البرد فأصيبت بحمى و ارتفعت درجة حرارتها بشكل كبير ،
أرادت الجدة أخذها للطبيب و لكن كان الجو في الخارج ماطراً و الهواء شديد ، ففكرت بأن تستدعي الطبيب إلى هنا و لكن تحتاج
لأحد لكي يبقى مع كنزي لن تستطيع تركها لوحدها .
بقيت الجدة تمسح بالكمادات على وجه الصغيرة و الدموع تلمع في عينيها : ماذا عساي أفعل يا صغيرتي ، قلبي يتقطع عليك ، يارب كن معنا ، يارب دلني على الطريق الصحيح .
طرقات على باب البيت ربما كانت سبيلاً في النجاة ، هرعت الجدة لفتح الباب .
الجدة بتعجب : ملهم !! كيف أتيت إلى هنا ؟
قبّل ملهم يد جدته و قال : لقد كنت ذاهباً لتدريب كرة القدم ولأنها تمطر تم إلغاؤه فانتهزت الفرصة و أتيت إليكم حتى لا يشك أبي
في أمري .
ثم قال بشوق : أين كنزي الثمين ؟ اشتقت لأختي .
الجدة : أنت نجدتي يا ملهم ، تعال معي .
أمسكت يده تسحبه للداخل ،
ملهم بتعجب : ما الأمر جدتي ؟
قطع كلامه حين رأى أخته الصغيرة بوجهها المحمر و بلورات العرق تتشكل على جبينها بغزارة و صوت أنينها الخافت ، نائمة
أنت تقرأ
كِنزي
Short Storyالبيت و العائلة أول شعور يداهمك حين قراءة الكلمتين هو الأمان ، قلبك ينبض بالحب و تحيطك السعادة وتتسلل راسمة بسمة على وجهك الجميل ، تشعر بالدفء في وسط صقيع العالم من حولك . و لكن ماذا إن تحول أكثر مكان من المفترض أن يكون آمناً إلى كابوس ، إلى مكان...