كنزي الثمين

258 28 45
                                    

مضت الأيام و السنين و بدأت صغيرتنا تكبر و تزداد جمالاً و بالطبع تحت ظل و رعاية الجدة ،

 كان ملهم يرسل الرسائل دائماً لها  وللجدة يخاطب أخته و كأنها كبيرة و تفهم ما يقول رغم أنها تبلغ من العمر عامين فقط ، لكنه دائماً

 ما يقول لها ماذا فعل في المدرسة و ماذا أنجز و يتطلع بشوق أن يراها ، و أحياناً يذهب لها خفية و لكن كشف أمره و عوقب من والده

 بشدة ، رغم المرات القليلة التي كان يذهب لرؤيتها إلا أن كنزي تعلقت به وأحبته ، ضحكاتها تتعالى مجرد أن تراه مقبلاً نحوها ، 

و لنقل أن عالمها الصغير محصور على الجدة و ملهم ، هما من منحاها الحب ، أما الوالدين فكل منهما في دنيا أخرى غير مكترث 

لأحد ، فراس كان يكره كنزي على خلاف ملهم ، فهو قد تشكل في عقله فكرة أنها هي السبب في بعد أبيها عن أمها .

...........

كانت الجدة ميسورة الحال تعيش في منطقة ريفية بعيدة على خلاف الثراء الفاحش الذي يعيش فيه السيد إلياس في المدينة ،

الجدة تقوم بخياطة الملابس في المنزل و الحصول على قروش معدودة تمضي بها يومها ، الآن أصبحت ملزمة بفتاة صغيرة تحتاج 

لمستلزمات عدة فبدأت تضاعف عملها رغم كبر سنها و تعبها لكنها لم تبالي لذلك فهي عزمت على رعاية كِنزي أفضل رعاية و تربية .

في يوم من الأيام ...

 كان فصل الشتاء قد بدأ يطرق الأبواب ، و صغيرتنا المسكينة لم تتحمل البرد فأصيبت بحمى و ارتفعت درجة حرارتها بشكل كبير ، 

أرادت الجدة أخذها للطبيب و لكن كان الجو في الخارج ماطراً و الهواء شديد ، ففكرت بأن تستدعي الطبيب إلى هنا و لكن تحتاج 

لأحد لكي يبقى مع كنزي لن تستطيع تركها لوحدها .

بقيت الجدة تمسح بالكمادات على وجه الصغيرة و الدموع تلمع في عينيها : ماذا عساي أفعل يا صغيرتي ، قلبي يتقطع عليك ، يارب كن معنا ، يارب دلني على الطريق الصحيح .

طرقات على باب البيت ربما كانت سبيلاً في النجاة ، هرعت الجدة لفتح الباب .

الجدة بتعجب : ملهم !! كيف أتيت إلى هنا ؟

قبّل ملهم يد جدته و قال : لقد كنت ذاهباً لتدريب كرة القدم ولأنها تمطر تم إلغاؤه فانتهزت الفرصة و أتيت إليكم حتى لا يشك أبي

 في أمري .

ثم قال بشوق : أين كنزي الثمين ؟ اشتقت لأختي .

الجدة : أنت نجدتي يا ملهم ، تعال معي .

أمسكت يده تسحبه للداخل ،

ملهم بتعجب : ما الأمر جدتي ؟

قطع كلامه حين رأى أخته الصغيرة بوجهها المحمر و بلورات العرق تتشكل على جبينها بغزارة و صوت أنينها الخافت ، نائمة 

كِنزيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن