1:35 PM
أيقظني كارلوس من النوم فجأة وهو يحمل حقيبة، لم أستطع النظر بوضوح بعد أن بكيت كثيراً و سمعته يقول : هيا إستيقظي، سوف نذهب!
" كان يمسح على رأسي بهدوء ثم قلت بصوت ناعس : إلى أين؟ أين سوف تذهب؟
: لكي نهرب.
: ماذا؟ ماذا تقصد؟
: ليس لدينا وقت للتحدث الآن، هيا ارتدي معطفكِ.
" لم يكن هناك وقت لتغيير ملابس النوم خاصتي، و لم أستطع ارتداء الحذاء أيضاً... كان كارلوس يحاول وضع بعض الحاجيات في حقيبته قبل أن نخرج من تلك الغرفة، نظر إليّ فجأة وهو يحاول أن لا تظهر عليه علامات الخوف و القلق ثم قال : لطالما أردت فعل ذلك من أجلكِ من رؤيتكِ للمرة الاولى، لقد وعدت نفسي كثيراً بأن اخرجكِ من هنا.
" وضع يديه الاثنتان على وجنتاي ثم قلت : لماذا تفعل ذلك الآن؟ ماذا يحصل؟
: سوف نهرب بعيداً من هنا لعدة أسابيع، لقد اكتشف ماركوس بأن هناك شخص يعمل في إدارة الشرطة و سوف يحاول التصرف في حذف جميع السجلات و الجرائم السابقة، أنظري إليّ... عندما علمت بأنك حاولت الانتحار بالأمس لم استطع الوقوف و النظر مكتّف اليدين، لقد فقدت الكثير بسبب ذلك و لكن لا يمكنني...
" طرق أحدهم الباب و قال : يجب أن نذهب الآن!
: حسنا انتظرني عدة دقائق.
" أمسكت بيد كارلوس وقلت : هل تفعل ذلك لأنك خسرت زوجتك و طفلك؟
" لم يستغرق الأمر ثوانٍ كثيره لكي تسقط دموعه، لقد كان يحاول بقدر المستطاع أن يكون قوياً و لكنه لم يستطع ذلك، و لم أكن أريد أن أتحدث بشيء آخر عندما بادرت بمعانقته بشدة، لقد إستنشقت رائحته كثيراً و هو فعل ذلك أيضا إلى أن قلت بصوت ركيك: أنا أشعر بالخوف، لا يجدر بنا فعل ذلك.
" لقد تبادلنا النظرات كثيراً، كان يمسك بيديّ طوال الوقت و كأنه يعلم بأنه سوف يفتقدني، كان يضع تلك الحقائب في السيارة بينما كانت عينيه تنظر إليّ بين الحين و الآخر، ركب الجميع في تلك السيارة و قاد ماركوس إلى تلك الحدود للهرب بعيداً عن هذه البلاد، لقد كانت يداي ترتجفان كثيراً وكان من الصعب أن ألتقط أنفاسي بهدوء، كان ماركوس و فرناندو يتحدثون كثيراً عبر الهاتف لمعرفة الاحوال قبل الوصول إلى الحدود، أمسك كارلوس بيدي عندما كان ينظر إليّ بين الحين و الآخر و قال بصوت خافت : سوف أكون بجانبكِ دائما، سوف احافظ عليكِ، يمكنني رؤية علامات الخوف في وجهكِ و لكن كل شيء سوف ينتهي قريباً عند وصولنا إلى تلك الحدود.
: لا أعلم لماذا قررنا فعل ذلك.
: ماذا تقصد؟ لقد سئمت من العيش كذلك! سئمت من الهروب إلى الطرقات المظلمه عند رؤية إضاءة الشرطة من بعيد، سئمت من وضع سلاح و سكين في جيبي في كل مرة أسير بها خارج المنزل و حتى بداخله، سئمت من التفكير بسرقة أي شيء أمامي فقط لأن ليس لدي الكثير من المال! سئمت من العيش في ذلك الحيّ الذي توفي الكثير من اقربائي هناك، طالما نحن نعيش هكذا إذاً سوف نصبح في عداد الموتى في اي يوم.
: ماذا تعتقد سوف يحصل إذا ذهبت إلى مدينة أخرى؟
: سوف أحصل على وظيفة، سوف ابحث عن فتاة جميلة و نظيفة للزواج بها، سوف انجب الكثير من الاطفال و سوف أحصل على المال نتيجة عمل نظيف.
: يارجل!
: أصمت فقط، إن كنت لا تريد المجئ برفقتنا إذاً لماذا وافقت على ذلك؟
" كان الجميع يتشاجر بهدوء إلى أن أوقف ماركوس السيارة عندما فوجئنا بوجود سيارة في منتصف الطريق، نظر ماركوس و إنزو و الجميع إلى تلك السيارة، لقد كانت صغيرة و سوداء اللون و كان هناك شخص يجلس بداخلها، نزل ماركوس و إنزو لرؤية الرجل و لكنه نزل هو أيضاً و هو يحمل سلاحاً بيديه و قال : لا أريد الكثير من المتاعب و لكن لينزل الجميع هنا أمامي، أريد رؤية الجميع!!
" لم أستطع النزول عندما كانت ركبتاي ترتجفان بقوة، أمسك كارلوس بيدي و قال : لا تحاولين الهرب أبداً فقط إبقي في مكانك.
" اومأت برأسي عدة مرات و انا احاول التشبث بذراعه عندما ضحك ذلك الرجل و إقترب كثيراً مني و قال : مرحباً أيتها الجميلة، و أخيراً لقد خرجتِ من المنزل و ذهبت إلى مسافة بعيده، و فعلتِ شيئاً من الصعب فعله بوجودي! حسناً إرفعي يديكِ للأعلى، حالاً!!!
" لقد كان ذلك السلاح موجهاً إلى رأسي مباشرة، صرخ إنزو بصوت عالٍ وقال : إرفعي يديكِ ماريا! فقط افعلي ذلك.
" رفعت يداي مسرعه، عندما قال ذلك الرجل مجدداً: حسنا أين صديقي فرناندو؟
" نزل فرناندو من السيارة و هو يبتسم، كان الجميع ينظر إليه بغضب، إلى أن تحدث كارلوس بصوت عالٍ : فرناندو أيها الأحمق! أيها الوغد!
: لم تكن تعلم بشأن ذلك؟ حقاً؟ لقد أعتقدت بأنك ذكي...
" بَصَق كارلوس في وجه فرناندو مباشرة و لم يتردد فرناندو بلكمه و سقط على ركبتيه، لقد كانت دموعي تتساقط دون أن أشعر بها من شدة البرد، كنت أحاول الوقوف بصمت و لكن لم أستطع فعل ذلك، وقف سيرجيو أمام الجميع و قال : إذاً، لقد تساءل الجميع ماذا حصل، مشكلة عائلة سانتينو هي الوثوق بأشخاص لا يجدر الوثوق بهم بسهولة، مازلت أعمل لدى عصابة البونيسيو الذي قتل شقيقك الأحمق الكثير منهم، لقد قتلت جميع اقربائك واحداً تلو الآخر، و أردتك أن ترى كل ذلك بنفسك... ماذا بشأن ألڤارو؟ لقد أخبرت أحدهم أن يطلق تلك الرصاصة في مكانها المخصص و إلقاءه أمام باب المنزل مباشرة.
" قاطعه إنزو وقال : لقد قتلت ألڤارو أيها الق...
: ليس من صالحك مقاطعتي! ماذا بشأن ماركوس المخلص؟ الذي أطلق رصاصة بظهر شقيقي مما جعله لا يستطيع المشي مجدداً و أصبح يستخدم الكرسي المتحرك طوال حياته إلى أن فارق الحياة؟
: لقد كان شقيقك يهددنا بحرق المنازل و إغتصاب شقيقاتنا إذا فهو...
" أطلق سيرجيو النار على رأس كارلوس فجأة، لقد كان الصوت عالياً جداً في ذلك المكان الهادئ مما جعلني أسقط على ركبتاي أنا أيضاً، لقد شعرت بالندم من موافقتي على الهروب في تلك الليلة و لقد شعرت بأن هناك أمر ما سوف يحصل، لقد بقي إنزو و كارلوس فقط... إقترب سيرجيو من كارلوس و قال : ماذا بشأن سرقتك لمنزل شقيقتي؟ ما زلت أتذكر قابريلّا التي كانت تصنع ذلك الحلوى الجميلة، في أي شهر كانت قبل ان تموت؟
" نظرت إلى كارلوس بهدوء عندما كان يغمض عينيه محاولاً عدم تذكر ذلك ثم قال : لقد سرقت منزل شقيقتك و لكني لم أقتلها...
: و لكنك رأيتها عارية، لم تكن ترتدي الملابس! لقد كانت تلك المسكينة في منزلها الخاص، اوه صحيح! لنعد إلى تلك الفترة قليلاً ايتها الطفلة ماريا، كيف هي حال بابلو؟
" نظرت إليه بصدمة كبيرة، تحدث كارلوس بصوت عالٍ بينما كان سيرجيو يتحدث أيضاً : لا تصدقين ما يقوله ماريا، لقد وعدتني أيها الأحمق بأن لا تخبرها أبداً...
: كيف حال والدكِ بابلو الذي قتل برصاصة من هذا الأحمق الذي يدعى كارلوس؟ كان ذلك المسكين بابلو يحتاج إلى المال عندما إتجه إلى طريق العصابات و لم يجد عصابة غير عصابة سانتينو الفاشلة، لقد كان يتحدث بشأن حاجته للمال كثيراً إلى أن سرق سيارة أحدهم و عندها أطلق كارلوس رصاصة في قلبه مباشرة.
" لم أستطع تصديق الأمر و لم أبكِ أبداً، لقد راودتني الكثير من الأمور ولكني بقيت صامته إلى أن اكمل سيرجيو و هو ينظر إلى كارلوس و قال : على الأقل أخذت بثأركِ و جربت إغتصاب فتاة حام...
" لم يكمل سيرجيو جملته كاملة حتى أطلق كارلوس الرصاص على رأس سيرجيو فجأة و صرخت بصوت عالٍ، و ما ان رأى فرناندو السلاح بيد كارلوس أطلق الرصاص هو أيضاً على كتف كارلوس الأيمن، لم تكن إستجابة إنزو لأصوات الرصاص سريعة و لكنه لم يكن يحمل سلاحاً، لقد إشتد العراك حتى إستطاع إخراج إنزو السكين و طعن فرناندو في رقبته، لقد كانت هناك عدة ثوانٍ قبل أن يفارق فرناندو الحياة و لم يضيعها أبداً حتى أطلق عدة رصاصات على إنزو، لقد كانت أصوات الرصاص مخيفة جداً و لكن كان كل ما اهتم بأمره هو كارلوس! كان الجميع ملقى و ممتلئ بالدماء، شعرت بالخوف من البقاء لوحدي و لكن شعرت بالأمان في الوقت ذاته عندما كان كارلوس ما زال بإمكانه التحدث و قلت : كارلوس إبقى معي، سوف أقود السيارة و سوف نذهب إلى المستشفى فقط إبقى معي، أين هو المفتاح اللعين.
" ركضت مسرعه للبحث عن المفتاح في جيب أحدهم بينما كنت أشعر بالخوف من تلك الجثث الملقاة على الأرض، لم أكن أعلم كيفية تشغيل تلك السيارة و لم أكن أعرف كيفية القيادة، عدت سريعاً إلى كارلوس و هو يحاول الوقوف بنفسه ثم قال و هو يتألم : لا يمكنكِ القيادة، سوف أقود أنا.
: أنت تنزف كثيرا كارلوس! سوف أحاول القيادة فقط قم بالضغط على ذلك النزيف.
: هل ترين... نفسك؟ لا يمكنكِ... القيادة حقاً، س... سوف أقود فأنا مازلت أشعر بالقدرة على فعل ذلك.
" ركب كارلوس إلى السيارة و هو ينظر إلى الجثث ثم قاد السيارة، كنت أنظر إليه بين الحين و الآخر إلى أن نظر إليّ هو مجدداً و قال : هل تصدقين ما قاله ذلك الوغد؟ تباً له.
: لا أريد التحدث بشأن ذلك.
: لا أريد التحدث بشأنه أنا أيضا و لكن...
: لم يكن يبالي أي شخص بي منذ أن كنت صغيرة، لقد كان الجميع يأتي برفقة عائلته و لم أفعل ذلك قط، لم أحتفل بيوم ميلادي في حياتي كلها و لم أتلقى أي هدية من عائلتي.
" نظر إليّ كارلوس تارة و تارة ينظر إلى الشارع عندما إقتربنا من تلك الحدود، وضع يديه على خصلات شعري مجدداً عندما بدأت الأمطار بالهطول خلف نافذة السيارة ثم قال : لقد... حاولت الحفاظ عليك... و لكن...
: أنت حقاً فعلت ذلك.
" لقد كانت الدماء تملأ معطفه شيئا فشيئا إلى أن وقف قرب تلك الحدود و قال : حسناً هذه محفظتك.. التي.. يوجد بداخلها البطاقة و وضعت...
" قام كارلوس بالإتكّاء على باب السيارة و هو يشعر بالألم بينما كانت تتساقط قطرات المطر على وجهه ثم قال : لا أعتقد بأنني أستطيع أن اكمل ذلك ماريا، لم أعد قوياً.
: لا لا... لا تخبرني بذلك الآن أرجوك كارلوس، لم يتبقى لدي أحد هنا لكي يحميني، لقد وعدتني بأن تحميني أليس كذلك؟ أنظر إلي كارلوس.
" كان كارلوس يغمض عينيه بين الحين و الآخر، أمسك برأسي و قبّله بشدة لعدة ثوانٍ و لم يتردد لحظة في تقبيل شفتاي، وضع جبينه على جبيني و قالها بهدوء : أحبكِ كثيراً.
" وضع رأسه على صدري و بقي هادئاً، لم تكن تلك الكلمة تعني لي الكثير بينما كنت احاول إبقاءه مستيقظاً... كانت يديه تطوّق خصري إلى أن شعرت بإرتخاءها، نظرت إلى عينيه لعدة ثوانٍ و اعتقدت بأنه سوف يفتحها مجدداً و لكنه لم يفعل... إحتضنته بشدة و علمت بأنه رحل دون ان يحميني و دون أن نهرب و نكمل حياتنا بشكل طبيعي، لقد كنت غاضبة بشده و كنت أنتظر تلك اللحظة لكي اعاتبه بشأن كل شيء و لكنه رحل... كان من الصعب تركه هكذا، قبّلت رأسه و حاولت نزع معطفه لإرتداءه و لكي أبقيه ذكرى حتى عندما أكبر و تكبر أحلامي و امنياتي و لكن لن أنسى ذلك أبداً، ذهبت بكل برود إلى ذلك القارب للهروب لوحدي و لكن وقفت فجأة بينما كان المطر يهطل بغزارة، لم يكن هناك شخص يأمرني بأي شيء و لم يكن هناك شخص أمسك بذراعه لكي يشعرني بالأمان، لم أتوجه إلى ذلك القارب بل توجهت إلى ذلك المكتب لإعطاءهم بطاقتي... لم ينتظر الأمر طويلا حتى أتت سيارة الشرطة و عدت إلى تلك المدينة مجدداً التي كانت تذكرني بكل شيء، لقد شعرت فجأة بأن كل شي كان جميلا و مختلفاً برفقته... لقد بدى كل شيء مظلم و شاحب اللون حتى عندما هربت أخيراً لم تكن جريمتي السرقة أبداً عندما اكتشفت فعلا بأن والدتي عادت إلى المنزل في تلك الفترة وجلست كثيرا و لكني لم آت لفترة طويلة حتى بلّغت الشرطة، لقد أخبرني الجميع بأنني كنت مخطوفة فقط...النهاية.
أنت تقرأ
الساعات اللامتناهية | The Endless Hours
Mystery / Thrillerالساعه ١ صباحاً عندما حدث كل شيء لم يكن من المفترض ان يحدث . It's 1 am when everything happened that wasn't supposed to happen.