: و لكن الشرطة لم تأتي إلى هذه المنطقة منذ زمن طويل.
: لذلك سرقنا تلك الحانة دون وضع الاقنعة على وجوهنا... حتى عندما يضع شخصاً صورتك على الانترنت لن تستطيع الشرطة الإمساك بك لأنها لا تستطيع الدخول في عراك لا ينتهي مع عصابات المافيا.
: هل كانت الشرطة أيضاً تعلم بشقيقك؟
: الجميع كان يعلم بذلك، لقد فرحت الشرطة كثيراً عندما توفي سانتينو و إنتشر خبر وفاته فجأة مما جعل الجميع يشعر بالصدمه و السعادة للبعض.
" ألقى بتلك السجائر تحت قدميه ثم قال : ماذا لو عدتِ إلى منزلكِ؟ ماذا سوف تفعلين؟ هل سوف يتغير أمر ما؟
: لا أعلم، و لكن أتمنى لو أجد والدتي تنتظرني في المنزل، تطهو ذلك الخبز باللحم المفضل لدي، ان أعود إلى دراستي مجدداً.
" توقف كارلوس فجأة ثم قال : هل أنتِ مستعدة للعودة إلى المنزل؟
" نظرت في عينيه بدهشة و قلت : ماذا تقصد؟
" أمسك بيدي و ركب في أقرب حافلة للعودة إلى المنزل، اخرج مفتاح سيارته و ركبت بجانبه و أنا لا أعلم ماذا سوف يفعل، لقد كنت أسير خلفه كالمجنونه، لقد كان الوقت متأخراً جداً و كان كارلوس يقود بسرعه كبيرة كعادته إلى أن وصلنا إلى بداية الطريق إلى المنزل، نظرت إليه بإستغراب و أنا احاول الجلوس بإعتدال على كرسي السيارة و قلت : ماذا... إنه ...
" نظر إليّ و شعور السعادة و العار يملأه في الوقت ذاته، توقف أمام ذلك المكان و نزل، لم يكن هناك أي شخص يسير في ذلك الطريق بل كان هناك أصوات الكلاب فقط، فتح باب السيارة و وضع يديه أمامي لكي أمسك بها، كانت يداي ترتجفان و ساقاي أيضاً وكنت أشعر بأنني سوف أقع في أي لحظة، هذه أول مرة أشعر بالخوف من هذا المكان حتى من الاقتراب من المنزل شيئاً فشيئاً، لقد كانت يداي باردتان جداً عندما أمسكت بيده الدافئه، نزلت من السيارة و أغلق الباب خلفي و وقفت دون حراك... لقد كان كل شيء بطيئاً و كنت أخبر عقلي الباطن بأنه يجب علي التحرك و لكن كانت قدماي متشبثتان في الأرض، لا أعلم ان كان يجب أن أثق به أم لا عندما قال فجأة : هل تثقين بي... ماريا.
" لم استطع إستيعاب ذلك السؤال أو تلك الجمله، كيف يمكنني الوثوق بشخص أتى بي إلى ذلك المكان الذي خطفني منه، أو لماذا لا يمكنني الوثوق به رغم خروجنا من منطقة العصابات إلى منطقة لا يجدر به المجئ اليها؟ لم تكن عيناه تخبرني بأنه يجب أن لا أثق به... دائما أسير خلف عقلي و لكنه هذه المرة أخبرني بأن أثق به، وصلنا إلى باب الشقة و أخرج كارلوس المفاتيح التي أخذها مني عندما اختطفت، أمسكت بالمفاتيح و أنا أشعر بدقات قلبي و أستمع إليها جيداً، فتحت باب المنزل بهدوء و قدماي تكاد الوقوع وعندها لا شعورياً سمعت صوت جدتي، و والدتي، و صوت ذلك التلفاز الصغير و رائحة طعام أمي و قماش جدتي، دخل كارلوس بهدوء إلى الشقة الصغيرة و هو ينظر يميناً و يساراً ثم قلت : مرحباً! هل هناك احداً؟ أمي؟
" لماذا أفعل ذلك؟ لماذا أنادي والدتي و جدتي رغم أنني اعلم بأنه لم يأتي أحداً الى هنا منذ زمن طويل، لقد كنت أعيش هنا بمفردي، دخلت غرفتي و جلست على السرير دون حراك إلى ان اجتمعت الدموع في عيناي و أصبحت لا أستطيع النظر بوضوح، كان كارلوس على وشك الدخول و لكنه تراجع عندما نظر إليّ و أنا احاول تذكّر كل شيء من الماضي، أمسكت بوسادتي و عانقتها بقوة و استلقيت على السرير جانباً كالطفله و بكيت بشدة، ما زال قلبي صغيراً جداً، ليتني أستطيع إعادة تلك الطفولة و تلك العذرية التي فقدتها بشكل شنيع، لقد إستغرقت وقتاً في الغرفه و خرجت بأنف أحمر اللون، و عينان مليئتان ببقايا الدموع، نظر إليّ كارلوس بشفقة بينما كان ينظر إلى واحدة من الصور ثم قال بصوت خافت : هل هذا والدك أليس كذلك؟
: إقتربت من الصورة و انا احاول مسح دموعي بمعطفي و قلت : أجل، إنه والدي.
: كم كان يبلغ من العمر؟
: هذه الصورة كانت في السنوات الاولى من زواجه بوالدتي، من المؤكد بأنه كان في الثلاثينيات من عمره.
: أخذ ينظر إلى الصورة لفترة طويلة ثم عاد إلى وعيه بعد أن سقطت تلك الملعقة من يديّ ثم قلت : عذراً لقد كنت أحاول صنع الشاي، و لكن...
" لم أكن تلك الفتاة القوية كما وعدت نفسي، منذ دخولي إلى هذا المنزل مجدداً شعرت بأن كل شيء أعادني كالطفلة، لقد شعرت بإنكسار قلبي و فقدان والدتي و شوقي إلى الجميع حتى كلب جدتي، لقد كنت أشعر برائحتهم حتى عندما استنشقت رائحة الشاي الخاص بجدتي، ولم يكن هناك شيء يشعرني بالحرقة اكثر من فقداني لنفسي و كيف هي فقدان العذرية بالإكراه تجعلني أشعر بأنني لست أنا، و ان هذا المكان ليس هو المكان الذي كنت أعيش فيه، إقترب كارلوس و أمسك بعلبة الشاي و وضعها جانباً عندما كنت و مازلت أبكي بحرقة، وضع ذراعي على خصره و عانقني بشدة و هو يأخذ نفساً عميقاً شعرت به في قلبي وهو يقول : لا أحد يريد تناول الشاي هنا، أعلم بأن كل ذلك صعب جداً و أعلم بذلك الشعور الذي يسكن بداخل قلبك حتى قبل أن تعودي إلى هذا المكان اليوم، و لكن كل شيء سوف يتغير إلى الأبد.
" أمسك برأسي و مسح تلك الدموع بأنامله و قبّل رأسي ثم عاد يتحدث بشكل طبيعي و كأن شيئاً لم يكن، امسكت بوسادتي و ذلك الكوب الخاص بوالدتي و تلك الصورة أيضاً و خرجت من الشقة بعد أن نظرت مراراً و تكراراً إلى كل جزء فيها.
أنت تقرأ
الساعات اللامتناهية | The Endless Hours
Mystère / Thrillerالساعه ١ صباحاً عندما حدث كل شيء لم يكن من المفترض ان يحدث . It's 1 am when everything happened that wasn't supposed to happen.