الساعات اللامتناهية | The Endless Hours

12

2:14 AM
توقف كارلوس جانباً و أغلق محرك السيارة ثم قال : هل كنتِ تفكرين و لو ١٪ تجربة عيش كهذه؟ أعني الهروب بعيداً و فعل الكثير من المغامرات و البقاء خارج المنزل لساعات متأخرة!
" ساد الصمت قليلاً ثم قلت بهدوء و صوت حائر : بتّ اشعر بأن البقاء خارج المنزل في ساعات متأخرة أصبح أمر يخيفني، كنت أشعر قديماً بأن حكايات الخطف كانت مجرد خدعة لإخافة الاطفال و لكن من الممكن انها حدثت لي لتخبرني أنها حقيقة، و أن إطلاق الرصاص في مكان عام حقيقة، و أن سرقة شيء مقابل الكثير من المال حقيقة أيضاً... و إغتصاب فتاة سهل أيضاً.
" لم ينظر إليّ عندما نظرت إليه، لقد كانت عيناي مليئة بالدموع عندما كنت احاول اخفاءها ثم قال : لقد تعرضت شقيقتي أيضاً للإغتصاب من قبل احدى عصابات المافيا، وعندما كنت عائداً من المنزل وجدتها قرب باب المنزل... جثة هامدة، دون ثياب أيضاً، لقد فقدت شقيقي سانتينو بطريقة مريعه كما فقدت ألڤارو، أشعر بأنني الوحيد ضمن هذه العصابة الذي لا يرضى بأمور كهذه، لقد كنت أحاول قدر المستطاع منع الجميع من فعل ذلك.
" لم أتحدث بشأن أمر آخر بل بقيت صامته لدقائق أنظر إلى النافذة، لقد كنت أشعر كم كان كارلوس متوتراً في هذه اللحظه، كيف كان يحاول الشعور بالقوة رغم خسارته لكثير من الاشخاص من حوله، لماذا كان هو الشخص الوحيد الذي يجعلني أشعر بالأمان بعد أن فقدته؟ لم أكن أعلم ماذا شعرت به أو ماذا فكرت به عندما وضعت يدي فجأة بيده بينما ما زلت أنظر إلى النافذة، لقد كنت أشعر بالقليل من الشفقة و الحزن على جميع ما حصل لكارلوس رغم أنني لم أصدق بعض مما قاله، و لكن الشعور بالشفقة ما زال بداخلي، لم يكن هناك صوت يحيط بنا، كل ما كنت أستمع إليه هو صوت تلك الأنفاس المليئة بالتوتر التي تخرج من كلينا...
" قاطعني المحقق فجأة و قال : هل شعرت بقليل من الشفقة؟ أم حدث هناك إعجاب بينكِ و بين كارلوس؟
" ابتسمت بهدوء ثم قلت : لا أعلم، لقد كان شعوراً جميلاً ينتابني عندما وضع يديه على خصلات شعري، كانت تلك اليدين تشعرني بالدفء في ذلك الطقس البارد وتلك العينين تشعرني بالأمان و الإهتمام و الخوف عندما ينظر إلى كل تفاصيل ملامحي، لقد كانت دقات قلبي تتسارع في كل مرة تقترب أنامله من لمس جزء مني، كان يقترب أكثر فأكثر و مازال كلاً منا ينظر إلى الآخر بعينين دافئتين.
: هل حصل أكثر من ذلك؟ هل وافقت على حدوث شيء بينكما؟
: لم يحدث، لقد شعرت به قريباً جداً و لكن رنّ ذلك الهاتف و إبتعد للتحدث و عاد كل شيء كما كان.
: و من المتصل؟
: لا أعلم ولكن أعتقد بأنه كان أحد أفراد عصابته لذلك عاد بإتجاه المنزل دون التحدث بشأن أي شيء حدث بيننا قبل قليل.
" عدنا الى المنزل عندما كان سيرجيو يقف أمام الباب وهو يبتسم ثم قام بمعانقة كارلوس دون أن يتحدث و وضع المال في جيب كارلوس ثم قال : أنا آسف لفعل تلك الأعمال الخاطئة فالسابق، كان يجب أن احترم الجميع هنا، كان يجب أن أستمع إلى رأي كل واحد منا قبل فعل أي شي ولكن كما تعلم... المرء يتعلم من اخطاءه.
" نظرت إلى الجميع و قلت : هل سوف أعود إلى منزلي الان؟
: اي منزل؟
: ماذا تقصد أي منزل؟
: ليس هناك أي منزل للعودة إليه، يجب أن تنسي ذلك.
" نظر كارلوس إلى سيرجيو بنظرات حادة عندما اجتمعت الدموع في عيناي فجأة و بسرعه و ذهبت إلى الغرفة دون التفوه بكلمة أخرى و قال: أعتقد بأننا انتهينا من معاقبة هذه الفتاة، أليس كذلك؟
: ماذا تقصد؟ هل نسيت انها رأت تلك الجثه؟ وتعلم بمكانها؟ و رأت وجوهنا جميعاً؟ ماذا سوف يحدث بعد ذلك؟ هل تعتقد بأنه من السهل العودة إلى السجن؟
: هل هذا يعني بأنها سوف تجبر على البقاء معنا إلى الأبد؟ إستمع إليّ جيدا... هذه الفتاة ما زالت صغيرة جداً و تلك الأمور لا يجب أن تبقى في ذهنها إلى الأبد ولا ننسى أن جميعكم تشاركتم في اغتصابها دون الشعور بأي ذنب.
: حسناً سوف أفكر فالامر و لكن لا تغضب بسبب أمر تافه كهذا، إذهب إلى النوم فقط.
" سمعت صوت أقدام تقترب من الباب عندما طرق أحدهم و مسحت دموعي فجأة بينما دموعي ما زالت تتساقط، دخل كارلوس و أغلق الباب خلفه ثم قام بنزع معطفه و جلس على الكرسي المقابل و قال : هل كنت تبكين؟
" لم أجيب على ذلك بل بقيت صامتة، وقف مرة أخرى و إقترب مني وهو يضع يده مجدداً على رأسي بهدوء ثم قلت بصوت خافت : لم أكن ابكي بسبب الشعور بالخوف و عدم الأمان هنا، و لكني اصبحت أبكي لأنني اعلم بأنه لا أحد اصبح يفكر بشأني و لكن مازال لدي امل بأن الجميع يبحث عني رغم أن الامور عكس ذلك تماماً.
" كانت تلك هي أول مرة أشعر بأن هناك شخص يجبرني على الشعور بالأمان و الإهتمام بعد فترة طويلة من فقدان كل ذلك، عانقني بشدة جعلتني أشعر بأن جميعنا فقدنا الشيء ذاته و جميعنا نتشارك في ذلك الحزن و الخوف و القلق، ذلك العناق جعلني أشعر بأن الشعور بالأمان مازال موجودا حتى و إن كان بين بيوت العنكبوت، حتى بين الأماكن التي من المستحيل ان تجد الامان بداخلها، لقد كنت أضع رأسي على حضنه فجأة دون ان أعلم كيف او متى.. لقد كان يداعب خصلات شعري بأنامله حتى غرقت بنوم عميق.