(الفصل الثالث والاربعون - طـائرٌ داخلَ قفصٍ مُبهـمٰ)

109 7 4
                                    

(خدعتني فتاة الزّمرد _ #5)

"لا تطلبي مِني حِسابَ حَياتِي، إنَّ الحديثَ يَطولُ مَولاتِي، كلُّ العصورِ أنا بِها فكأنَّما عمري ملايينٌ مِنَ السَّنواتِ، تعبتْ مِن السَّفرِ الطَّويلِ حَقائبي، وتعبتُ مِن خيلي ومِن غزواتي، فصَّلتُ مِن جِلدِ النِّساءِ عَباءةً، وكتبتُ شعراً لا يشابه سِحرهُ إلَّا كلامَ اللهِ في التوراةِ."

بعد يومان..

نرى آدم نائماً فوق السرير ويتضح في ملامحه الأرق الشديد..بعد ان سهر بجانب زوجته ليلتان مُتتاليَتين.
فقد شخصت ريم حالة تشرين باحتمالية الاجهاض بسبب ضعف رحمها في حماية ولدها ذي الخمسة اشهر والذي اصبح اكبر من ذي قبل بكثير واصبحت مهمة الحمل مهمة خطيرة بحق وتعرضها للموت المفاجئ والذي من الممكن ان يداهمها في اي لحظة بسبب جدار الرحم المتلف لديها وتأثيره على صحة جسدها كله..وصحة ولدها.

فتحت هي عينيها بتعب شديد..ثم نهضت بقليلٍ من الطاقة..وسعلت بقوة بسبب ضيق تنفسها..ونظرت الى ذلك النائم بجانبها وقد تآكلت طاقته بأكملها..فاحمرت عينيها غضباً من نفسها..
وركضت باتجاه الحمام ثم غسلت وجهها في سرعةٍ شديدة وارتدت ملابس اخرى اطول من ملابسها ونزلت للأسفل حاملةً حجابها في يدها الى ان وصلت الى المطبخ وامسكت بإحدى الاكواب من الخزانة وهمت بسكب المياه من زجاجة مركونة في زاوية من احدى زوايا رخامة المطبخ..
فاهتزت يدها فوراً وسقط الكوب ارضاً وتهشم..
ازداد شعورها بالحنق..وضاقت ذرعاً لما يحصل معها..وامسكت بكوب آخر ورمته عرض الحائط بأشد قوىً تمتلكها في انفعال شديد.

لدرجة ان الصوت وصل للأعلى حيث ينام آدم..
فاستيقظ هو في فزع ولم يجدها بجانبه وقد حدد منشأ الصوت..
فجحظت عيناه خوفاً وهبط الدرج بقلب يهتز في مكانه فزعاً بسبب فكرة تعرض حبيبته للخطر التي سيطرت على عقله بقوة في تلك اللحظة..

وعندما وصل الى المطبخ..وقف مشدوهاً..حبيبته قد خرّت بدموعها أرضاً في بكاء مرير.. بعدما قطعت مسافات لا حصر لها في التفكير في كل شيء سيء حصل ويحصل وسيحصل ويجري بها ولها..وضعت يديها فوق شعرها وضغطت على رأسها في قسوة لم تكن تعلم ماهيتها على نفسها..

في لحظة ما عندما استيقظت شعرت بكل شيء حولها يلومها على كل شيء حصل مؤخراً لحبيبها وابنه وابيها وامها وابيه وامه وحتى، ما حصل لها هي.

لم يصدق ما تراه عيناه حتى انه جرى إليها، وجلس بجانبها ضامّاً إياها الى صدره وتساقطت دموعه فوق خديه من بين كلماته التي تحاول حثها على الهدوء بنبرة يائسة..ثم وضع يده فوق يدها ومشى باصابعه على الارضية بجانبها حيث ينسدل ما ترتديه ولم تفارقه ابتسامته اليائسة تلك.
رن الجرس في لحظتها حينما أغمى عليها بين يديه، ليتنهد في قلق شديد..حتى اختنق مجدداً في عبراته ورجعت تعلو اصواته الداخلية حاثّة اياه على ان يهدأ وقد أُخضبت يداه بدموع زوجته حتى جف خضاب الدموع فوقها.

{ذكرى تشرين}حيث تعيش القصص. اكتشف الآن