البارت التاسع عشر💕

348 8 2
                                    

لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين💕💕💕
*******************
وحشتوني اوووي بجد تعبانة اوي والكلية حاطة عليا بس نزلت البارت دا انهاردة عشان خاطرك وتفاعلكم
💋💋 بحبكوا والله بس متنسوش الفوت بتاع مميس ورايكم في الكومنتات وشيروا الرواية
*********************************************
عادت ريم الى غرفتها وهى تحث الخطى مسرعة لتتحقق من هاتفها الخلوى ,فربما يكون جاسر قد اتصل بها وهى غافلة عنه مستمتعة بحديثججها المبسط النابع من القلب مع سماح , تلك الفتاة البسيطة المتسامحة ,ان أقصى طموحاتها الغالية أن تضمها شقة صغيرة هى وسعد الذى عرض عليها الارتباط به حين تتيسر أموره ويستطيع أن يبتاع مسكنا مناسب لحياتهما الزوجية المقبلة ,وشعرت بالسعادة تغمرها لأنها وجدت فى الحياة من يتعامل بتلقائية وحسن نية , فما زالت الدنيا بخير طالما تواجد أمثال سعد وسماح ,انهما يكدان بعملهما الشاق يوميا ويحرمان نفسيهما من مجرد قسط بسيط من الراحة ,حتى يوفرا القرش فوق الآخر ,لينفقا على عائلتيهما فكما أصبحت سماح هى المسؤولة عن أمها واخوتها الصغار بعد وفاة ابيها فسعد ايضا يعد نفسه المسؤول عن أسرته على الرغم من وجود أبيه الا أنه قد أحيل الى المعاش وقل دخله الشهرى كثيرا فأصبح سعد كونه الابن البكرى مشاركا بهذا الحمل الثقيل ,ولم يمنعهما هذا العبء الذى ينوء بحمله الجبال أن تتفتح قلوبهما تتوق الى مشاعر الحب الطاهر ,وكان الشاب أكثر من مصمم على الدخول من الباب كما يقال ,فلا يحتمل أن يمس أحدهم سمعة حبيبته بحرف واحد ,ولم تملك ريم نفسها من أن تعد سماح بتوسطها لدى كريم ليفاتح صديق له يعمل بمشروعات اسكان محدودى الدخل حتى يصبح فى مقدورهما الاقتران سريعا وقد شكرتها الفتاة بحبور وهى لا تكاد لا تصدق نفسها.
يا ليت حياتها تكون بهذه القدر من البساطة والسعادة البدائية النقية التى لا يشوبها شائبة ,فالحياة جميلة تستحق أن نرتشف كل قطرة سعادة تهبها لنا , فمن يعلم ما سيأتى به الغد ؟
وجدت أن خوفها كان فى محله حاول جاسر الاتصال بها عدة مرات ويبدو أنه قد يئس من ردها فعندما عاودت الاتصال به وجدت هاتفه مغلقا.
تملّكها اليأس والاحباط فهى متلهفة لسماع صوته القوى المؤثر ,وهو يحادثها بشوق ليقص عليها ما دار من أحداث يومية ,فأصبحت تدمن على حكاياته الطريفة وهذا يعود الى أسلوبه البارع فى ادراة الحوار ,يمكنها أن تقضى ساعات تستمع اليه دون كلل أو ملل ,لقد اقتحم حياتها الخالية بدون استئذان وأصبح يمتلك كامل اهتمامها فى أيام قليلة ,أخذت تتذكر كيف تقابلا بهذا المكان الأنيق وسرحت الى حيث جلست تنتظره بلهفة غير مسبوقة ,وحيث كانت جالسة بمفردها الى منضدة بعيدة نسبيا عن الزحام والضوضاء التى تعم المكان ,سقطت سلسلة مفاتيحها من حقيبتها حيث كانت تعبث بمحتوياتها دون أن تشعر فانحنت لتلقطها ,وكانت لحظتها لم تشعر باقتراب شخص منها ليسبقها بثانيتين فيحتوى كفها والسلسلة
نهضت فريال من مجلسها الى جوار ابنتها لتغطيها جيدا بعد أن استسلمت لنوم عميق وهى فى أحضان أمها المشتاقة ,وتأملتها بقلب أم عاشقة تاقت لنظرة عين من وحيدتها ,ثم أغلقت الباب خلفها بهدوء راجية من الله أن يتم شفاء أميرة على خير ثم انضمت الى مجدى بغرفة المكتب حيث كان ينتظرها بلهفة بالغة ,وما أن خطت قدماها الى الغرفة المغلقة ورأت ظل الرجل الجالس الى جوار المحامى حتى كادت أن تعود أدراجها دون انتظار فلمحها عادل الذى كان يجلس متخاذلا منكس الرأس ,وأسرع يناديها بأسى: فريال , أرجوك اسمعيني.
واجهته شقيقته بشجاعة وقد استمدت القوة من عودة ابنتها اليها فأجابته بصوت يقطر غضبا وانفعالا أعمى:
- متنطقش اسمى على لسانك مرة تانية ,فاهم ؟ وبعدين انت عاوز مني اي؟ ها ماكفاكش اللي عملته فيا وفي بنتي ؟
عادل : لو سمحتي استني واسمعيني.
فريال : أسمعك ! يابجاحتك يا اخي
تدخل مجدى بالوقت المناسب حتى يهدئ من الوضع المتأزم بين الشقيقين فقال بأسلوبه الجاد الرزين:
-تعالى يا فريال ، لازم تسمعي اللي هيقوله الاول,وبعدين اعملي اللي يعجبك , محدش يقدر يلومك.
استدارت لتواجه الرجلين معا وهى متأهبة للهجوم فقالت باستخفاف:
- يلا , أختلقلك كذبة وقصة جديدة ,وحاول تقنعنى انك اتصرفت بطيبة وحسن نيتك.
تردد عادل قبل أن ينقل بصره بين أخته والرجل الآخر مستنجدا به لمساعدته فى الحديث الا أن مجدى أشاح بوجهه بعيدا رافضا أية محاولة لمد يد العون له ,صحيح أنه قد استمع لمبرراته الواهية ولكنه لم يتعاطف معه أبدا ,فهو يكره الشخص الضعيف المهزوز ولا يلتمس له العذر لما اثمت به يداه ,ولكنه مدين لفريال بهذا الحديث وبعدها سوف تقرر ما تريده ,ولن يتدخل ابدا ليضغط عليها فى اتخاذ القرار الذى تراه مناسبا.
فريال : يلا اتفضل , سامعاك.
ومنحته أسوأ ابتسامة هازئة يمكنها أن توجهها نحو شقيقها الذى يكبرها بخمسة أعوام ,فأطرق برأسه نحو الأرض ساردا ما حدث بذلك اليوم المشؤوم:
-بابا كان فى قمة غضبه بعد ما عرف بجوازك من ناجى في السر وأصر انه يرجعك للبيت عشان تبقي في أمان زي ما قال وقتها , وبرر دا بأنه عارف نية ابن أخوه وانه عاوز يستغلك عشان يجبره يديله نصيبه من الميراث ,وبعدين في يوم بابا عرف انك خلفتي بنت وجن جنونه وأمرني اني اودي البنت اي دار أيتام بصورة مؤقتة عشان يوهمك انها ضاعت للأبد عشان يفوقك من وهم الحب اللي انتي عايشة فيه مع ناجى ,هو كان عارف نيته كويس ومكنش هيسيبه يستغل بنتكم عشان يوصل للي هو عاوزه وكنت وقتها بسعى لإثبات ذاتي وأنى جدير بثقة بابا فأنا مش الابن البكرى زي محمد اللي بيستأمنه على اسراره ,ومكنتش بلفت النظر زي حمدي اللى الكل بيحبه ومكنتش آخر العنقود المتدلع زيك يا فريال اللي بياخد كل الرعاية والاهتمام ,كنت وحيد فسعيت عشان أنال ثقته ,ووهمت نفسى بأنى مفيش في ايدي حاجة اعملها وأنه لازم اطيع أوامره ,ولما رجعت بعدها بكام يوم لنفس الملجأ اللي سيبت بنتك قدامه,عشان أسأل عن الطفلة اللي خدوها عندهم وأرجعها تاني بس هما نفوا أى صلة ليهم بالموضوع دا وقالتلي مديرة الدار بالنص:
-مفيش أى أطفال انضموا لينا من شهور , اكيد حضرتك اختلط عليك الأمر مع دار تانية , ولازم تدور في مكان تاني.
خوفت واترعبت وقعدت أردد أوصاف الطفلة وملابسها المميزة كما أننا كنا سيبنا في اللفة معاها السلسلة بتاعتك اللي فيها لؤلؤة عشان تبقي علامة واضحة ,كل دا ضاع ورجعت لابويا اعرفه بالمصيبة دي ,رمي اللوم عليا انا وشيلني مسؤولية ضياع بنتك وقعد يقول أنى مليش لازمة ولا بنفعه في حاجة .
حسيت بعدها بالذنب ومفارقنيش للحظة واحدة ,وكأن ربنا كان بيعاقبنى على اللي عملته معاكي ومبقاش ليا نفس لحاجة وبقيت زاهد الدنيا كلها , حتى منى اللي اتجوزتها بعد قصة حب طويلة مبقتش طايق حتى ألمسها ,والمشاكل بينا كبرت لأبعد حد ,كان نفسها تخلف أخ أو أخت لسيف يونسه بدل ماهو وحيد ، بس انا مبقتش قادر أمارس حياتى بشكل طبيعى ,وحالتى اتدهورت وجالي اكتئاب حاد ,وبقيت اتردد على عيادات الأطباء النفسيين واحد واحد ,وكل واحد منهم يوصف لى نوع من الأدوية المضادة للاكتئاب ,جربت كل المضادات الموجودة من غير فايدة ,وعرفت أن دا عقابى على ما اللي ارتكبته في حقك وحق بنتك اللى ملهاش اي ذنب ، لو انتي اتعذبتي بفقدانك لبنتك فأنا كمان كنت بتعذب بوجود الناس فى حياتى ,حتى ابنى الوحيد بقي يكرهنى دلوقتي ومش طايق يشوفني بعد ماعرف حقيقتى البشعة ,ومقدرش اقول ان دا كفاية,لا أنا أستحق اكتر من كدا ,أنا ... أنا مستحقش أعيش ...
وانهار باكيا بحرقة ثم هرول منصرفا الى الخارج دون أن تقوَ فريال على اللحاق به فقد تهاوت على أقرب مقعد لها وهى تشهد على عذاب أخيها المرير ,مرددة بأسى ومرارة:
-ازاي طاوعك قلبك تعمل فيا كدا يا عادل ؟ أذيتك في اي عشان تأذيني بالشكل دا ؟ ربنا يسامحك يا اخويا .
اقترب منها مجدى مهدئا وهو يحاول احتوائها بين ذراعيه لتدفن راسها بصدره وهى تبكى بحرقة ,,, تبكى جحود أبيها ,ولوعة فقدان طفلتها ,وأخيرا قسوة أخيها.
مجدي : عيطي عيطي يا حبيبتى ,بس متخافيش من حاجة بعد انهاردة محدش هيقدر يأذيكي ,ولا يضرك لا أنتي ولا أميرة ,أنا جنبك ومش هتخلى عنك أبدا.
فريال: أنا تعبانة اوي يا مجدى ,مش عارفة اتصرف ازاي ,ولا عارفة مين هو المذنب الحقيقى ؟ هل هو أبويا ,ولا هو كان بيحاول يحميني فعلا زي ماقال ,ويحميني من اي ؟ من جوزى اللى كان بيحبنى وكان مستني أولد بنتنا بفارغ الصبر , آه يا ناجى , لو أعرف انت روحت فين ؟ قالولي انك مت.
تشنجت يداه فوق كتفيها حينما ذكرت زوجها الراحل ,وأبعدها عنه بخشونة لتنظر له متسائلة عما فعلت لمضايقته:
- في اي يا مجدى ؟
نظر لها متألما من قوة جرحها:
-على الرغم من السنين الطويلة اللي عدت دي , وكل اللي الأزمات اللي مريتي بيها بسببه ,ولسه بتحنيله , لسه فاكراه بكل حب وشوق , مش ممكن , ازاي توجعيني بالشكل دا ؟
فريال: أنا ؟ أنا يا مجدى , أوجعك ! أنت اللى وقفت جنبى فى كل لحظة قاسية مريت بيها في حياتى , أنت اللى انقذت بنتى وحافظت عليها بدل ما كانت هتضيع ,أنت اللى رجعتني مرة تانية للحياة بعد اعترافك ان أميرة موجودة وعايشة ,ازاي أوجعك يا حبيبي ؟
حاولت أن تلمس وجنته بيديها لتزيح عنه آثار المعاناة القاسية فأزاحها بعنف لم تعتده منه ,وابتعد قائلا بجفاء:
-أنتي مصرة تعيشي في الماضى ,ومش هتقدري أبدا تخلصي من شبح ناجى اللي عمال يحوم حواليكي عشان يهد حياتك الجديدة.
فريال: وانت ليه عاوزني أنساه ؟ دا أبو بنتي , وكنت مراته ,والحل كان عارف بحبنا ,بس أنت مستقبلى ليه بقي مصمم تعمل مقارنة بينكم ؟
-لا لا مكنش بيحبك.
صرخ بعنف محاولا اقناعها للمرة الأخيرة بأنها تعيش فى وهم ,الا أنها هزت رأسها نفيا غير مصدقة ما تفوه به من كلمات مؤلمة لها, وقالت منتفضة بحدة:
- ليه لازم الراجل يكون أناني ؟ أنت بس اللي حبتني بجد , مش كدا ؟ لازم امحي الكل من ذاكرتى مش كدا,عشان يخلالك الجو ,ليه مش قادر تتقبل فكرة أنه كان بيحبنى , ها فهمني ! واجهنى يا مجدى , متدنيش ضهرك وتمشي.
نظر لها بألم وهو يغرز سكين الحقيقة عميقا بقلبها:
-عمره ماحبك , كنتي مجرد وسيلة للانتقام من عمه , ايوة هو مكنش الشخص الجدير بيكي ,مكنش الملاك اللي انتي عايشة علي ذكراه لحد دلوقتي ,كان شخص حقير بيجري ورا البنات ,ولما بدأ والدك يمنع عنه الفلوس اللى كان بيبعترها يمين وشمال اتجنن وغضب وجه في يوم لوالدك يهدده انه لو مدالوش حقه من الميراث هيخليه يندم أشد الندم ,وكان والدك بقي هو المتحكم الوحيد بكل أعمال العيلة بعد ما اتخلي عمك عبد الرحمن والد هناء وناجى بكامل ارادته عن المشاركة فى الادارة واكتفي بمصروف شهرى كبير يغطى مصاريفه هو وأولاده , ودا طبعا معجبش ناجى بعد ما ديونه كترت بسبب استهتاره وادمانه للقمار ,وبدأ ينفذ خطته القذرة بانه يضحك عليكي ويخليكي تحبيه ويقنعك تتجوزيه من ورا اهلك ,وعرف يمثل دور المظلوم اللي عمه استولى على ميراثه وحرمه من حقه .
فريال: أنت كذاب ! وانا مستحيل اصدقك.
مجدي: ماشي , انا خبيت عنك الحقيقة دي عشان متتوجعيش اكتر ,بس لو انتي مش مصدقاني تقدري تسألي محمد ,أعتقد أنك بتثقي فيه أكثر مابتثقي فيا ,هيعرفك كل حاجة مكنتيش تعرفيها عن .... جوزك حبيبك ,أما أنا بقي فأعتقد أن دورى خلص من حياتك , ومش هسمح ابدا اني ابقي ضل حبيبك الغايب ,ولا المفتاح الاحتياطى اللي تستخدميه وقت ماتحبي وتسيبيه وقت ماتحبي , سلام يا فريال !
كانت منهارة تحرق عينيها وخزات الدموع التى انسالت على خديها وهى ترفض تصديق كلماته الأخيرة على الرغم من أنه كان دائما الصديق والسند لها ولم يكن بحاجة الى اختراع الأكاذيب لاستمالتها نحوه ,فهى تشعر بعاطفة حقيقية تجاهه كانت تتمنى لو تدوم حتى نهاية العمر ,وقد اعتقدت أنها قد طالت النجوم بيديها ,وجدت ابنتها الضائعة وحبها الوحيد ,انها تعترف لنفسها بأنه قد أحبت مجدى فيما سبق ولكنها حوّلت مشاعرها نحو ناجى الذى كان يجيد فن المغازلة واكتساب القلوب , حين استجابت لوجهة نظر أمها بأنه عليها أن تختار زوجا يليق بمستواها الاجتماعى والمادى ,ومن كان أفضل من ابن عمها الوسيم ليحتل هذا المنصب ؟ ولكن هل كان حقيقة يتلاعب بعواطفها ؟ أكان على هذه الدرجة من السوء دون أن تشعر ؟ عليها أن تسأل أخاها ,فلا يمكن أن يكذب محمد عليها.
******************
-اهدأى يا حبيبتى ,واديني فرصة اشرحلك.
كان محمد قد لحق بزوجته فى جناحهما الخاص يحاول اقناعها بالانصات له عله يستطيع التخفيف عن صدمتها التى واجهتها للتو ,فزوجها قد أخفى عنها أمرا هاما كزواج ابنهما البكرىّ ,ولم يكفِ هذا بل أنه زواجا سريا فى الظلام كما لو كانا يختلسان ما ليس حقهما ,والأدهى أن زوجة ابنها تعيش معهم تحت سقف واحد وقد عاملتها بأفضل ما يكون وما كان جزاؤها ؟
سوسن: -سيبني يا محمد ,معتقدش أنك تقدر ايجاد تبررلي موقفك ومتحاولش تأثر عليا زي كل مرة , انا اتحملت فوق طاقتى طول السنين دي ,كنت ونعم الزوجة ليك والأم المثالية لأولادك ,ضيعت شبابى كله في سبيل راحتكم وتحقيق رغباتكم ,واتنازلت عن حقوقى كأي ست ليها متطلباتها ، انت عمرك سألتني مبسوطة في البيت دا ولا احب استقل بحياتي بعيد عن هنا ، طب أخدت رأيي قبل ماتورط ابنك في جوازة زي دي , والله أعلم اي تاني ممكن تكون مخبيه عليا ؟
اقترب منها فى خطوات بطيئة وجلس بقربها فاتحا ذراعيه ليضمها اليه الا أنها أشاحت بوجهها عنه متصنعة عدم الاهتمام فقال لها بنعومة:
-عمري , عمري في حياتي ما خبيت عنك حاجة الا موضوع حازم , انتي مش بس مراتي وأم أولادى ,أنتي عارفة انك حبيبتى وشريكة حياتي.
سوسن: بجد ؟ ودي مكافئتك ليا انك تكدب عليا ؟
أنكر التهمة الموجهة اليه بعنف:
-مكدبتش عليكي ولا مرة من ساعة ماعرفتك من خمسة وثلاثين سنة ,كنت أنا كمان الزوج المخلص والصديق الوفىّ ليكي , بس الجوازة دي تمت بسرعة ,جالي حازم وقالي انه عاوز يحميها من مضايقة ابن خالتها ليها,ومكنتش اقدر أفرض عليه حاجة هو مبقاش عيل صغير وكان ممكن يتجوزها من غير مايقولي ,فحبيت أطمن بنفسي وحضرت كتب الكتاب ,وكنت اقولك , بس مجتش فرصة الحادثة حصلت بسرعة وبسببها فقدت أميرة الذاكرة ودا خلي حازم شخص تاني وهو اللي طلب مني مقولش لحد واخلي الموضوع سر لحد ما أميرة تخف , والله العظيم دا اللي حصل ياسوسن ,أنا عمري ما خبيت عنك أى سر حتى لو كان ليه علاقة بالشغل ,أنتي الوحيدة اللى بلجأ ليها فى حيرتى وضيقتى وبستشيرها ,أنتي الصدر الحنين اللى بيحتوينى وينسينى الماضى والحاضر ,معاكي بلاقي نفسي زي العيل الصغير اللى بيتعلق بأمه , يلا قولى أنك سامحتينى ,والا مش هسامح نفسي ابدا.
كانت كلماته كالبلسم الشافى لجراح قلبها فهى تعلم أن زوجها رجل حقيقى بكل معانى الكلمة ,وربما كان له العذر ,فلتلتمس له مئة عذر.
عاود محاولته للتقرب منها هذه المرة بجرأة أكبر وثقة أعظم فهو يعلم أن لها قلب من ذهب لا يستطيع تحمل الخصام ,واستسلمت له بدون عناد أو مكابرة على الرغم من أنها ما زالت تشعر ببعض الضيق من تصرف ابنها الكبير فأخذت تنتحب بحرقة وهى تبثه همومها:
-مدام انت خبيت عني الموضوع بطلب من حازم , ليه هو مصارحنيش ؟ ومجاش لحد دلوقتي حتي يشوفني ؟
ما أن أنهت جملتها حتى تفاجأت هى وزوجها بطرقات منتظمة على الباب فابتعدت قليلا عن محمد تحاول اصلاح هندامها ومسح دموعها التى أغرقت خديها وقالت بصوت جاهدت أن يخرج ثابتا:
- ادخل.
انفتح الباب كاشفا عن الرجل الذى كان محور حديثهما يحاول أن يستتر متخفيا بيديه حتى لا ترَ ملامح الخجل على وجهه ,ليس معقولا , ابنها حازم ,الواثق من نفسه يتردد وهو يتساءل بقلق:
- ممكن ادخل ياماما ؟
حاولت تصنع الغضب وردت بلا مبالاة:
سوسن: عاوز اي ؟
حازم: اسمحيلى الاول ابوس ايديكي.
وأقبل مهرولا ليجثو على ركبتيه أمام والدته محاولا تناول راحة يدها ليطبع عليها قبلات متتالية وهو يتمتم:
-أرجوكي يا أمى سامحيني, هقولك علي كل حاجة , بس متبعديش عني كدا , أنا مقدرش اشوفك بتعيطي فما بالك أن أكون أنا سبب وجعك .
حاولت سوسن أن تظل على جمودها لتعاقبه على فعلته بحقها الا أن قلب الأم لم يتحمل رؤية ابنها ضعيفا مقهورا حتى ولو فى سبيل ارضائها هى شخصيا ,فأحاطت رأسه بيديها لتحتضنه بقوة وهى تغمره بالقبلات وتضربه فى آن واحد لتنهره:
-ايّاك تعمل كدا تاني, انت فاهم ؟ تعالى في حضن أمك ياحبيبي.
ابتسم محمد وهو يشهد على هذا الموقف الملئ بالمشاعر المتناقضة ,فعلى الرغم من طيبة زوجته الا أنها أظهرت قوة شخصيتها بلمحة واحدة ,وأدرك وهو يتأملها لماذا أغرم بها على الفور من النظرة الأولى ,واستعاد فى ذهنه شريط ذكرياتهما معا على مدار خمسة وثلاثين عاما , عمر كامل انقضى بينهما مغلفا بالحب والاحترام والاهتمام المتبادل ,لم ترفع صوتها يوما فى أى جدال وقع بينهما ,لم تؤنبه على أى عمل قام به ,كانت تثق به ثقة عمياء وتركته ليقود قارب حياتهما تأتمنه على روحها وممتلكاتها.
حازم: أوعدك أنى مش أكررها تاني , ومبقاش في أى مبرر للكتمان ,انا بس كنت خايف من غضبك وزعلك لو جيت اعترفلك , ودا اللي خلاني مقولكيش انا اسف ,انتي موافقة علي جوازي من أميرة بنت عمتى ؟
ابتسمت بحنان وهى تشهده مرتبكا كتلميذ بيومه الدراسى الأول:
- قال يعني هتفرق ؟ مانت اتجوزت خلاص و حطيتنا قدام الأمر الواقع.
حازم : لا يا ماما , اللي يهمني دلوقتي هو رضاكي ومباركتك ليا , من غيرهم مش هعيد كتب الكتاب تاني.
اندهشت من حديث ابنها وأخذت تنظر الى زوجها وكأنها تستنجد به فقلب شفته دلالة عدم الفهم وقام بسؤال ابنه عما يعنيه ,فأخذ حازم يشرح لهما باستفاضة:
-أنتو نسيتوا اني كتبت كتابي علي أميرة حمدي الشرقاوى ؟ ودلوقتي مبقاش في وجود ليها , المرادي هتجوز من اول وجديد ... هتجوز من بنت عمتى أميرة ناجي الشرقاوى.
محمد : بس لازم الاول نسأل متخصص في الدين ,يقولنا اذا كان ينفع تتجوز مراتك تاني ولا لا؟
بدأ والده يفكر بطريقة منطقية كعادته كلما وجد نفسه فى مأزق ,وما أشد تعقيد الموقف ... فقد تزوج ابنه من فتاة ... أصبح وجودها الآن وهميا ,لتظهر باسم جديد وشخصية جديدة.
حازم: اي اللي يمنع جوازي منها تاني ؟
محمد: مش يمكن لازم تطلقها الاول.
انزعج حازم من كلمة الطلاق التى ذكرها والده فعقد حاجبيه مفكرا لبرهة قبل أن يتنهد وهو يقول متأففا:
- مش عارف ايه اللي المفروض اعمله دلوقتي ؟ كل اللي هاممني أن نطمن على أميرة وتخف .
محمد : هو الدكتور قالك حاجة وانت مخبيها عننا؟
حازم : لا مش بالظبط , بس لازم نروح بكرة نشوف نتايج أشعة المخ عشان نقطع الشك باليقين.
سوسن : هانت يا بنىّ , ان شاء الله هتخف علي خير.
حازم : دعواتك يا أمى ,استأذنكم بقي ,هروح أطمن عليها.
وانصرف بعد أن قام باصلاح ما أفسده فى علاقته الوثيقة بأمه تاركا والده معها ,لم يتخيل أن الأمر لن يستغرق أكثر من خمسة دقائق ,وابتسم لنفسه ... ان أمه حقا امرأة عظيمة.
*******************

(عشقت صيادي)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن