كانت موج تترنح بين النوم واليقظة حين اقتحمت هيا غرفة استراحة الممرضات وتحدثت بحماس مع زميلتها: «لن تصدقي ما حدث يا أسماء، أحد أبناء السيد جواد هنا!»
أجفلت فزعة من هذه الضجة المفاجئة في حين جاوبتها أسماء بصوت أكثر حماسًا: «تمزحين! تقصدين السيد جواد الذي نعرفه؟»
قفزت الأخرى بحماس في مكانها وردت: «هو بشحمه ولحمه! لو ترين ابنه الصغير يا أسماء، أحمل منك ومني».
شاركتهم سلوى الحديث باهتمام وغبطة: «لا أصدق ذلك! مالذي أتى بشاب مثله إلى هنا؟»
«وماذا يعني؟ ألا يصاب أبناء الأغنياء بداء؟» أجابت مفيدة بنبرة حالمة قاطعها صوت السيدة فدوى، رئيسة التمريض من الخلف: «ماذا قلت لكِ عن إحداث هذه الجلبة يا هيا! فلتتمالكن أنفسكن وتحلين ببعض الرزانة يا بنات!»
سحبت موج نفسا عميقا إلى صدرها تحاول التخلص من الدوار الذي باغتها إثر ذلك الاستيقاظ المفاجئ، تسمع زميلتها جميلة تتحدث دون أن تفقه عما يتكلمن: «دعي البنات يحلمن يا سيدة فدوى، إنه قلب العذاراوات.»
ردت عليها أسماء بغيض: «ماذا، هل ستغيضيننا لأنك تمتلكين زوجا محبا يا جميلة؟»
ردت عليها جميلة مرة أخرى واستمررن في تقاذف الردود فتنهدت فدوى من هذه الحال الفوضوية قبل أن تصفق عاليا توقفهن، وصاحت بصوت حازم: «موج، تعالي معي فأنت ستستلمين الحالة.»
«ماذا!» صحن بصوت واحد في حين توقفت هي عن تدليك صدرها ونظرت إلى الساعة ثم سألت: «أي حالة؟ ولمَ أنا؟ يفترض أن مناوبتي تنتهي بعد ربع ساعة بالضبط.»
تقدمت فدوى وجرتها خلفها باستعجال غير مهتمة لاعتراضهن: [لأن كل الممرضين الذكور غير متاحين الآن أما الممرضات العاقلات رحلن بالفعل، وهؤلاء سيسببن للمشفى فضيحة بجلاجل إن أفلَتُهن.»
«لكن سيدة فدوى، مناوبتي!»
استمرت بجرها نحو قسم الطوارئ المكتظ بالمرضى وقالت: «ما دامت لم تنتهِ بعد فلا يحق لك الشكوى، هيا بسرعة الآن، فلدي أعمال مستعجلة ولا يوجد أطباء مناوبون سوى هناء ووسام في هذا الوقت، وكلاهما مشغولان.» دفعتها بخفة وأشارت إليها نحو سرير بعيد حيث جلس شاب يمسك بيده في حين غطت الستارة حول سرير الكشف وجهه.
أنت تقرأ
غَيْهَبْ
Espiritualبعد حادثة مؤلمة، تنتقل الممرضة الألمانية موج فؤاد جبران إلى قرية المواكب، متجاهلة تماما السبب الدفين الذي دفعها للقدوم إلى هذه القرية في المقام الأول. موج بعد أن عاشت طول حياتها وحيدة، آخر ما كانت تتوقعه هو أن تقع في شباك الحب والعائلة.. بل أن تتمز...