[٢٠]: خسارة.

192 35 17
                                    


لانت شمس الفيحاء بعد العصر وضعف بأسها، كانت الساعة تقترب من الخامسة عصرا حين أنهت موج مناوبتها في قسم الأطفال ولم يبقَ سوى أن تعرج على السيدة جليلة مرة أخيرة هذا اليوم

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.


لانت شمس الفيحاء بعد العصر وضعف بأسها، كانت الساعة تقترب من الخامسة عصرا حين أنهت موج مناوبتها في قسم الأطفال ولم يبقَ سوى أن تعرج على السيدة جليلة مرة أخيرة هذا اليوم.

اقتربت من أحد المقاعد بإحباط وجلست تريح رجليها مدلكة ساقها ذات العرج الخفيف. اختلاف الطول الضئيل بين ساقيها لم يكن مشكلة كبيرة واجهتها في حياتها ولكن يصبح الأمر متعبا حين تروح وتجيء لساعات عليهما.

«يوم متعب؟» جلس الطبيب أيمن بجانبها يحمل كوب قهوة في يده. رائحة عطره الجميلة لفحت أنفها وخصله ذات اللون الأسود لمعت أسفل إضاءة المشفى البيضاء.

«يوم سيء.» صححت له بتعب وأرخت ظهرها للخلف.

هز الرجل كتفيه وقال: «أعتقد أنه يوم ممتع، هل تريدين مشاهدة شيء مضحك؟»

نظرت إليه باستغراب من كلامه ومن الابتسامة الشريرة على وجهه. الطبيب أيمن كان رجلا ذا شخصية فريدة من نوعها، ذكي جدا ومخلص في عمله، ولكنه هادئ ولطيف وطيب العشرة. ثقته بنفسه كانت تنعكس على الآخرين فتجعلهم مطمئنين حوله، وحس الفكاهة الذي يتمتع به، رغم غرابته، كان يزيده جاذبية لي إلا. أحبت موج العمل معه كثيرا.

«لم لا؟ ملامحك تجعلني أشعر بالفضول؟» قالت مبتسمة فشرب آخر ريق من قهوته ثم رمى الكوب الورقي في سلة المهملات قربهم ونهض واقفا.

مشيا بجوار بعضهما وبدأ أيمن الحديث: «لدي مريض في الحادية عشرة من عمره، ولد برباعية فالوت وخضع لجراحة مباشرة بعد ولادته ولكن حالته الصحية تدهورت مؤخرا.»

ارتفع حاجباها بتأثر وقالت: «ياللصغير المسكين! أتمنى له الشفاء العاجل.»

حرك فكه بطريقة اعترفت موج أنها جذابة وقال: «أتمنى ذلك أيضا، إنه طفل مميز بحق! على كل ماذا تقترحين؟»

استغربت من سؤاله وردت مجيبة: «تستشير جراحا متخصصا؟»

ابتسم أيمن بجانبية ودفع باب إحدى الغرف قائلا: «هذا بالضبط ما فعلته.»

«انزل إلى هنا أيها القرد الصغير! ودع شعري!» ميزت صوت غنا الغاضب فقطبت حاجبيها تحبس ابتسامة ودخلت لتنظر إلى الطبيبة التي وقفت على طاولة خشبية تشد شعرها من الصبي الذي تسلق الخزانة الحديدية بطريقة ما وأخذ يشد شعرها محاولا اقتلاع "الأفاعي الشريرة من رأس الساحرة المخيفة" كما فهمت من صراخه الصبياني.

غَيْهَبْحيث تعيش القصص. اكتشف الآن