عيناك ليال صيفية
ورؤى وقصائد ورديةورسائل حب هاربة
من كتب الشوق المنسيةمن أنت
زرعت الدرب بنقر خطاك
الدرب ورودًا جورية؟من أنت
كالضوء مررت كحفق العطر
كهزج أغانٍ شعبية؟- ماجدة الرومي
***
كانت أنامل المساء الناعمة قد زحفت بلطف على وجه القرية حين أنهى غيهب يومه في الورشة وحمل حقيبته خارجًا منها.
عضلاته منهكة، ولكنه ذاك النوع الجميل من الإنهاك الذي يشعر بعده بأن جسده قد تخلص من كل الضغط والتوتر الذي يسكن فيه، لدرجة أنه إن أغمض عينيه الآن فسينام ويحلم أحلاما وردية.
لفحت نسائم الليل عوده المتعرق وقبلت أشباح الريف جبينه فتنهد الأسمر مرتاحًا؛ بعد ليال عديدة من الأرق قضاها في حالة مستمرة من العصبية بسبب ذلك الموضوع، شعر أن مزاجه اليوم أفضل من باقي الأيام، كلما فكر بأنه سوف يزور مزرعة آل جبران ويرى الخيول التي تركها والده يبتهج فؤاده وكأنه وقع تحت تأثير تعويذة سحرية.
سار خفيف الخطى على درب السواقي قاصدًا جنة، شجرته العزيزة التي افتقد الجلوس أسفل أرواقها المتهادية وقرر أنه مستعد للاختلاء بنفسه ومواجهة مشاكله. رمى غيهب حقيبته عن كتفه وتباطأت خطاه عندما لمح ظلًا متكورًا عند جنته.
قطب حاجبيه مشوشًا في بادئ الأمر، لم يكن أحدّ يقصد جنة غيره لأنها تقع في منطقة نائية غير مسكونة من القرية.. لكن القمر رمى ضياءه على خصل كستنائية مموجة فانفكت عقدة حاجبيه ونادى مستغربًا: «موج؟»
لم تتحرك أو ترد عليه فاقترب بقلق وهز كتفها بلطف يكرر اسمها حتى بدأت تستيقظ ورفعت رأسها نحوه؛ وشيء ما في صدر غيهب التوى حين فتحت عينيها ونظرت إليه.
ولكن ما عسى فؤاده يفعل سوى أن يلتوي؟ فجارته سرقت ألوان الغاب وقلبه. تشبه الغابات التي يعشقها في كل شيء لكنه يعرف أن اسم موج يلائمها تمامًا؛ لأن عينيها ثائرتان مثل البحر.. تموجان دومًا بالمشاعر، وسحيقتان على نحو ساحر يجعله يغرق فيهما كل مرة. كل مرة. كل مرة.
أنت تقرأ
غَيْهَبْ
Spiritualitéبعد حادثة مؤلمة، تنتقل الممرضة الألمانية موج فؤاد جبران إلى قرية المواكب، متجاهلة تماما السبب الدفين الذي دفعها للقدوم إلى هذه القرية في المقام الأول. موج بعد أن عاشت طول حياتها وحيدة، آخر ما كانت تتوقعه هو أن تقع في شباك الحب والعائلة.. بل أن تتمز...