[٣]: مَوْجٌ.

439 67 17
                                    

عيناكِ غابتا نخيلٍ ساعةَ السحَرْ،

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.


عيناكِ غابتا نخيلٍ ساعةَ السحَرْ،

أو شُرفتان راح ينأى عنهما القمر.

عيناك حين تبسمان تورق الكرومْ

كأنما تنبض في غوريهما، النّجومْ.

-بدر شاكر السياب-
-المطر-

***

جلس غيهب على أحد المقاعد في حديقة المشفى وقد أطرق رأسه غارقًا في الحيرة، كانت نصف ساعة قد مرت على اختفائها في الداخل ولم تخرج حتى الآن، فهل تكون قد وجدت حلًا؟

تنهد وحك حذائه بالأرض ثم أجال بصره في المكان بحركة ضائعة. توقف فجأة وابتسم بخفوت عندما لمح شيئًا فريدًا، بومة ساكنة فوق أحد الفروع تحدق إليه بعينيها الحكيمتين، بطريقة هادئة من بين الأوراق الكثيفة في الحديقة الظلماء. الإضاءة الشحيحة مكنته من رؤية بؤبؤيها المستديرين مسلطين عليه، وكأنهما ينفذان إلى أعماقه، يدركان حيرته.

راقبها غيهب وأمال رأسه مسلوبًا بها، يتأمل كيف تناسبت هيئتها بشكل خلاب مع الشجرة السامقة.. ولكم بدت جزء أثيرًا منها.

لوهلة تناسى كل شيء ووقع مسحورًا ببهاء الكون كعادته، لكن عوده انتفض فجأة حين طارت بجناحيها عديمي الحس تقطع تحديقهما. اهتزت أوراق الشجرة مصدرة صوتها الأزلي العريق فتنهد الفتى مستاءً منها، ثم نهض شاعرًا بالخيانة ودلف إلى داخل المشفى.

كان المكان هادئًا وشبه خالٍ من الناس، عدا عن بضع أطباء وممرضين يقومون بمناوباتهم وبالتأكيد قبع المرضى المقيمون في غرفهم. تابع غيهب سيره عبر ممر المدخل وانعطف حيث اليمين يقصد مكتب طبيبة معينة لكنه قطع سيره الدؤوب لمّا لمحها تقف أمام باب المكتب مواجهة إياه بظهرها وقد انسدل شعرها الكثيف بنيًا بلون الغاب.

مواجهة لها، وقفت امرأة أخرى هي الطبيبة التي كان  يقصدها. ابتسمت تلك الأخيرة حينما وقعت عيناها عليه، ولوحت له، ثم صاحت بنبرتها الأفريقية الدافئة: "غيهب! هل أنت ماردٌ يا فتاي الصغير؟ للتوّ كنت أفكر فيكم."

غَيْهَبْحيث تعيش القصص. اكتشف الآن