الفصل الثالث
فات المعاد... وبقينا بعاد
والنار بقت... دخان ورماد
تفيد بإيه يا ندم... وتعمل إيه يا عتاب
طالت ليالي الألم ... واتفرقوا الأحباب
وكفاية بقى تعذيب وشقى.. ودموع في فراق ودموع في لقى
تعتب عليا ليه.. أنا في إيديا إيه
ياما كنت اتمنى اقابلك بابتسامة.. أو بنظرة حب.. أو كلمة ملامة
بس انا نسيت الابتسام.. زى ما نسيت الآلام..
والزمن بينسى حزن وفرح ياما
إن كان على الحب القديم.. إن كان على الجرح الأليم
ستاير النسيان نزلت بقالها زمان..
بينى وبينك هجر وغدر وجرح في قلبى داريته..
بينى وبينك ليل وفراق وطريق أنت اللى بديته...
انساب صوت قراءة القرآن من المذياع، ولم يكن هناك أحد ليحضر العزاء، فقط رؤية جلست وهي تتمخط في منديلها وقد ارتدت السواد وربطت عصبة بذات اللون حول رأسها بينما ترمق الرجال من حولها بنظرة سخط:
-متعجلين على إفراغ البيت، حسبي الله ونعم الوكيل.
دمدمت مع نفسها وهي ماتزال تراقب أولاد الرجل والمرأة المسنان اللذان كانت تعمل لديهما لعدة سنوات مضت، وكانا خير ناس لها، لكن منذ قرابة الأسبوع انتفضت على صياح الرجل المسكين وهو ينعي زوجته التي رحلت عن الدنيا بهدوء، وها هم أولاده يتذكرون اليوم أن لهم أب وأم، فأتوا لأجل إفراغ البيت وبيعه وأخذ الرجل المسكين معهم حيث تلك الدولة الأجنبية.
رغم رفضه لهذا، لكنه لم يكن يملك من أمره فقد أجبره أبناءه على المغادرة معهم وصرفوها بكل قسوة، تنهدت وهي تنهض متجهة لغرفة هذا المسكين فقد حان ميعاد دواءه:
-أنت قادر يا الله على أن تخسف بهم الأرض.
دمدمت وهي تقف في الطرقة ورفعت رأسها لأعلى تدعو عليهم بقلب صادق ثم تابعت سيرها وماتزال تسب وتلعن هؤلاء الأبناء العاقين حتى وصلت للباب وفتحته بهدوء لتجد أباهم مثلما تركته صباحاً مضجعاً على الفراش بهدوء:
-جدي حان ميعاد دواءك.
قالت بنبرة مشرقة معتادة منها وكانت تتعمدها معه لعلها بذلك تخفف عنه فراق زوجته، لكن لم يأتيها منه رد لذا بهدوء متيبس اقتربت منه ورفعت رسغه تتحسس نبضه الغائب، وبذات الهدوء الشديد أعدت يده بجانبه وأخذت تمسح عليها وهي تسأله بخفوت:
أنت تقرأ
قلبه الأعمى
Romanceالجزء الثالث: قلبه الأعمى عشرة أعوام ليست فقط المدة التي عملت فيها "سو" لدى حكيم، ولكنها أيضا المدة التي تعذبت بحبه دون أن يلاحظ أو يبدي أي اهتمام بسكرتيرته الغارقة في حبه.. وكانت أيضا المدة التي قضتها سو منتظرة بكل غباء وحالمية أن يعترف حكيم أنه م...